كتب ـ أحمد عبدالله:

أكد العقيد الطيار المتقاعد، أستاذ تاريخ الكويت الحديث د. ظافر العجمي، أن ربيع شعوب الخليج هو الاتحاد، مقللاً من قيمة الأصوات المناوئة للوحدة، ومؤكداً أن القرارات المصيرية التي لا خلاف عليها لا تحتاج إلى استفتاء.

وأشار، خلال محاضرة ألقاها بمجلس الناسك، إلى أن «طهران تحضر لذريعة الحرب حين قالت إذا لم نبع نفطنا فلن تبيع دول الخليج نفطها»، وقال: إن إيران لن تغلق مضيق هرمز لذلك جعلت قرار الإغلاق بيد المرشد حفظاً لماء وجهها.

وأضاف العجمي أن إيران ستعمل على تصدير أزمة العقوبات باختلاق أزمات خارجية، موضحاً أن ما حصل في البحرين من أحداث، وزيارة نجاد للجزر الإماراتية مؤخراً يدخل ضمن مخطط تصدير الأزمة، مؤكداً أن احتدام الأزمة بين واشنطن وطهران لا يعني أن امريكا ستتردد بالتعامل مع إيران من تحت الطاولة طالما أن لها مصلحة.

وشكك العجمي بصحة تصنيع إيران لأسلحة، معتبراً أن مناوراتها العسكرية غير واضحة المعالم ولا الزمان أو المكان، ما يعني أن إيران ربما تلجأ في بعض الأحيان إلى اللعب بالصور وإعادة نشر صور لمناورات سابقة على أنها جديدة.

وأكد أن الشارع الإيراني مقبل على زلزال سخط شعبي، بسبب الإخفاقات المتتالية للحكومة، مشيراً إلى أن القادة المتشددين هم من سيدفع الفاتورة.

وتوقع أن تتخذ إيران من صناعة السلاح وتصديره بديلاً عن النفط، ما يؤدي إلى تعكير أمن الخليج.

وتابع: إن العقوبات لها تأثير على شبكة إيران الإقليمية سواء من سوريا أم حزب الله أم غيرهما، مضيفاً أن إيران لا تخدم حلفاءها من الدول والمنظمات على أساس أيديولوجي أو طائفي وإنما على أساس مصلحي وهي مستعدة لبيع الأسد متى ما انتفت مصلحتها فيه.

وقال العجمي: «إن المنطقة معروفة بانكشافها الاستراتيجي ولا تمر 10 سنوات دون أن تتعرض لتهديد، ولكنها دائما تستطيع التغلب على التحديات بالوحدة»، معتبراً «أن التحدي الآن يتجلى بالاستفزازات التي تفتعلها إيران مدفوعة بطموحها النووي، الذي هو من حقها كأمة، ولكن المقلق هو أن هذا الطموح يتعارض مع مصلحة دول الخليج العربية وأهدافها الاستراتيجية».

وأرجع سبب تقاطع الطموح النووي الإيراني مع مصالح دول الخليج إلى أن إيران تسعى إلى أن تكون المرجعية لدول الخليج في كل شيء حين تحقق طموحها النووي، بحيث لا تسمح لأي قوى أجنبية أن تدخل إلى الخليج العربي، كما لا تسمح لأي دولة خليجية توقيع اتفاقيات أمنية دون مراجعتها، وألا تقيم أي دولة علاقة مع دول الخليج قبل استشارة إيران، مضيفاً أن إيران تسعى جاهدة إلى أن توازي تركيا من نفوذاً واقتصاداً وباكستان وإسرائيل نووياً.

وأشار العجمي إلى أن دول الخليج تشكّل مصدر إغراء للعديد من الدول بسبب وجود الثروات النفطية فيها، ما جعل إيران وتركيا تسعيان إلى أن يكون الخليج العربي منطقة نفوذ لهما، سواء باستيراد حاجياتهما النفطية أم بتصدير بضائعهما، بالإضافة إلى حل مشكلاتهما الداخلية، سواء ما يتعلق بالبطالة أو التخفيف من الضغوط الاقتصادية عليهما.

ورأى أن إيران ماضية بامتلاك القنبلة النووية ولا شيء سيوقفها عدا إجراءات قوية من المجتمع الدولي، الذي كان خلال العقد الأخير مرتبكاً بتعامله معها حتى وصلت إلى هذه المرحلة، مشيراً إلى أن العقوبات التي فرضت على إيران لم يتم اللجوء إليها إلا بعد 7 سنوات من التلويح بها، ما يعني أن إيران تلعب على الدبلوماسية الناجحة التي استطاعت تأجيل العقوبات لهذه المدة.

وأكد العجمي أن العقوبات الحالية هي الأكبر في تاريخ إيران، والتي يعد حظر الاتحاد الأوروبي شراء النفط الإيراني، والتوقف الأمريكي عن التعامل مع البنك المركزي الإيراني الركيزتان الأساسان لها.

وأضاف: «كلما فرضت عقوبات علـــــــــــى إيران رأينا كــــــــؤوساً مترعــــــــة بالقلق وتجــــــــرعنا ألمها نحن في الخليج»، مشيراً إلــــــــــى أن دول الخليج هي منفذ التنفيس الوحيد لإيران عن العقوبات.

وقال العجمي إن العقوبات زادت الطين بلة على إيران، إذ جاءت في وقت ينكمش فيه الاقتصاد الإيراني وينخفض تصدير النفط حتى وصل إلى 2.5 مليون برميل بعد أن كان نحو 4 ملاييــــــن برميـــــــــل، مؤكداً أن إيران ستعد الكثير من الخطط البديلة لتجاوز أزمتها الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الراهنة، والتي ستؤثر بالتأكيد على الخليج العربي، مشيراً إلى أن تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجد أن صادرات النفط لا تتجاوز العشرة بالمائة من ميزانية الدولة عارٍ عن الصحة، وأن الاقتصاد الإيراني يقوم على النفط.

وأضاف أن صحيفتين إيرانيتين، هما (اعتماد) و(ابتكار) كشفتا عن أن نجاد يدبر خططاً في الخفاء للتقليل من مخلفات العقوبات على الاقتصاد الإيراني، من بينها تهريب كميات من نفطها على ناقلات نفط خارج حدود إيران قبل سريان العقوبات، إضافة إلى حذف الدولار واليورو من تبادلاتهم النفطية، مشيراً إلى أن إيران زودت حاملات نفطها ببطاقات ائتمان ليكون بمقدورها التزود من الموانئ.

وأكد أن إيران ستسعى إلى تهريب مبيعات النفط دون أن تخضع للرقابة الدولية، كما فعل العراق أثناء الحصار، مشككاً بصحة تصنيع إيران لأسلحة جديدة وإعلانها في أكثر من مرة تجريب صاروخ طويل المدى قائلاً: كلما فرضت عقوبات على إيران تظهر تصريحات من القيادات لمجرد التّكسب السياسي، ويظهر جنرالات يطلقون تهديدات تصاحب نشر صور لمناورات عسكرية غير واضحة المعالم ولا الزمان أو المكان، ما يعني أن إيران ربما تلجأ في بعض الأحيان إلى اللعب بالصور وإعادة نشر صور لمناورات سابقة على أنها جديدة.

وقال إن الأشهر الثلاثة المقبلة كفيلة بأن تبين مستوى الضغط على إيران وتأثرها بالعقوبات، وستجد نفسها في مأزق لن يخرجها منه إلا إجراءات أخرى هي ما ستأتي بالضرر الكبير على دول الخليج.

وأضاف: إن الشارع الإيرانــــــي مقبل على زلزال سخط شعبي، بسبب الإخفاقات المتتالية للحكومة، وأن مــــــن سيدفع الفاتورة هم القادة المتشددون، مستبعـــــــداً إجراء مـــلالي إيران تسوية على حساب مبادئهم «الثـــــــــورية» أو مــــــراجعة الحكومة قرار امتلاك السلاح النووي «لأن ذلك سيؤدي إلى فقدانهم للشعبية ومن ثم انهيار النظام».

وتوقع أن تستمر طهران بتعنتها أمام المجتمع الدولي وتتفاقم معاناة الشعب ويزيد الشارع سخطاً أيضاً، وحينها «ستضطر إيران إلى عمل مفضل لديها ومارسته من قبل، وهو تصدير الأزمة باختلاق مشكلات خارجية والاشتباك مع دول الخليج في جولة جديدة من الصراع لتخفيف الضغط الداخلي من أجل توحيد الشعب خلف القيادات الحالية ضد خطر مشترك»، موضحاً أن ما حصل في البحرين من أحداث، واحتلال الجزر الإماراتية يدخل ضمن مخطط تصدير الأزمة.

وحذر العجمي من حدوث نشاط كبير في حركة التهريب بأشكاله كافة من أجل تكوين إيران لاحتياطي نقدي، لأن التهريب من أهم المخارج من قيد العقوبات، معتبراً أن العقوبات هي جنة المهربين.

وتوقع أن يزدهر تهريب النفط الخام المحروق عن طريق السوق السوداء وبوساطة سفن أجنبية تنتظر في الموانئ الخليجية الأقرب إلى إيران، وهو ما سيؤدي إلى تحمل دول الخليج للعقوبات بسبب حركة هذه السفن المشبوهة، مشيراً إلى أن دول الخليج ستضرر بسبب تهريب المشتقات البترولية إلى إيران التي تستورد 60% من بنزين السيارات بسبب منعها من بناء مصافٍ جديدة في البلاد، وموضحاً أن الكويت تحديداً تعاني من أزمة تهريب الديزل المدعوم إلى إيران.

كما حذر العجمي من حدوث «إيران كيت» جديدة؛ إذ لم يمنع احتدام الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في السنوات الأولى لما يسمى بالثورة الإيرانية من حدوث صفقات تذهب بموجبها الأموال إلى إيران مقابل تصدير الأسلحة إلى نيكاراغوا، مؤكداً أن أمريكا لن تتردد في التعامل مع إيران من تحت الطاولة طالما أن لها مصلحة.

ورأى أن جشع التجار سيجعل العواصم الخليجية متهمة بخرق العقوبات على إيران التي يظن بعضهم أنها تمت في جزء منها لصالح دول الخليج، متوقعاً ازدياد وتيرة الإعلان عن أسلحة جديدة في إيران حين تنهار الصناعة النفطية جراء المقاطعة، ما يعني أن صناعة السلاح وتصديره سيكون بديلا عن النفط بالنسبة لإيران، كما سيرافق ذلك تعكير لأمن الخليج بزيادة المناورات العسكرية، لإظهار القوات المسلحة الإيرانية على أنها مرهوبة الجانب.

وبخصوص الحديث عن إغلاق إيران لمضيق هرمز، رأى العجمي أن إيران لن تغلق المضيق لأنها تدرك أن العالم يراقب القرار الذي اتخذته بهذا الصدد لذلك اضطر القادة فيها إلى جعل قرار الإغلاق بيد المرشد حفظاً لماء وجوههم، مشيراً إلى أن إيران لم تتجرأ على إغلاق هرمز في عز حربها على العراق حين تم استهداف مصافي النفط فيها، معتبراً أن الهدف من التهديد بإغلاق هرمز هو محاولة رفع أسعار النفط عالميا للتعويض عن الكميات التي خسرتها (18% من صادراتها) بسبب العقوبات.

وتوقع أن تحشد إيران قوات بحرية قريبا من هرمز لكي ترتفع وتيرة التهديد بإغلاق المضيق وتظل أسعار النفط ترتفع، مشيراً إلى أن إيران ستحاول فك الحصار من خلال بيع نفطها عن طريق العراق في محاولات للتغلب على الحصار، وهو ما أكدته تصريحات مسؤولين عراقيين.

ولفت العجمي إلى أن طهران تحضر الآن لما يسمى بذريعة الحرب حين احتجت لدى أوبك على تعويض دول الخليج حصة إيران من النفط الإيرانية في الأسواق العالمية بعد العقوبات، وقالت: «إذا لم نبع نفطنا فلن تبيع دول الخليج نفطها»، موضحاً أن العقوبات لها تأثير على شبكة إيران الإقليمية سواء من سوريا أم حزب الله أم غيرهما، ما يجعل تلك الدول والمنظمات تتدخل نتيجة الإفلاس الاقتصادي الإيراني وتداعياته على تلك المنظمات.

وقال: إن صحيفة الحرس الثوري تحدثت عن خطط لمهاجمة المصالح الأمريكية في دول الخليج لتوريطها إقليمياً، أو مهاجمة أنابيب النفط من أجل إشاعة الفوضى في المنطقة عن طريق المنظمات التي فقدت الدعم الإيراني بسبب العقوبات.

وأضاف العجمي أن هذا هو ما دفع دول مجلس التعاون إلى استحداث 3 منافذ للنفط غير هرمز هي: المنفذ الذي أنجزته الإمارات العربية المتحدة والذي يتجاوز هــــــــــــرمز ويصب في بحـــــــــر العرب وأوشك على الانتهاء، أما المنفذ الثاني فيصل إلى صلالة فـــــــي عمان، والثالث من شرق الجزيرة ويصل إلى ينبع على البحر الأحمر.

وبيّن أن إيــــــران تطمح أن تكون قوة إقليمية فاعلة في الشرق الأوسط ، مشيراً إلى أن ذلك أدخلها في الكثير مـــــــــن الأزمات، قال: ليت إيران استفادت من نظرية وزير الخارجية التركي داوود أوغلو في تصفير المشكلات.

وعبّر العجمي عـــــن خشيته من أن تؤدي المناورات بأسلحة غير مؤكدة القدرة والتهديدات المستمرة إلى تحويل الخليج إلى صنــــــدوق بارود ما قد يؤدي إلى حرب غير مقصودة بسبب توتر الأجواء، محذراً من اندلاع حرب بسبب المناورات الاستفزازية التي تجريها إيــــــــــران، مشيراً إلى أن أسلــــــــوب إيـــــــــــران التهديدي قـــــــد يؤدي إلى اشتباكـــــــات القوات الأمريكية والغربية الموجودة بالخليج معها (150CTF)، والمكونــــــــــة مــن 28 دولـــــــة ولديها الكثير من السفن العسكرية بمياه الخليج. ونبـــــه العجمي إلى أن إيــــــران لا تخدم حلفاءها من الدول والمنظمات على أساس أيديولوجي أو طائفي وإنما على أساس مصلحي بحت، مستدلاً علــــــــــى ذلك بوقوفها إلى جــــــــانب حماس والجهاد الإسلامي إضافة إلى طالبان التي وقفت إلى جانبها مرة من المرات، وقال: إن إيران لن تتردد فـــــــــــي بيع الأسد إذا وجدت البديل الذي يحقق لها مصالحها الاستراتيجية.