كتبت- ولاء الحجاوي:

جرت العادة في مملكة البحرين ودول الخليج العربي عموماً أن يحتفل الأهالي في اليوم الرابع عشر أو ليلة النصف من شهر شعبان ابتهاجاً باستقبال رمضان، حيث يرتدي الأولاد في هذه المناسبة «الثوب» و«القحفية» و«السديري» بينما ترتدي البنات «البخنق» و«الدراعة» و«الملفع» ويجوبون في «الفريج» بعد صلاة المغرب، ويطرقون أبواب الأقارب والأهل والجيران مرددين أزاهيج خاصة ومعهم أكياس يجمعون فيها الحلويات والمكسرات، وبدورهم يشتري الأهالي المكسرات من الحب «الفصفص» والفول السوداني والتين والتمر المجفف إلى جانب بعض الحلويات، لتوزيعها على الأطفال الذين يطرقون الباب، ولكن مفهوم «القرقاعون» تبدل هذه الأيام من عادة وتقليد شعبيين يفوح من بساطته عبق التراث، ويهدف إلى التواصل بين أجيال الماضي والحاضر إلى مظهر من مظاهر الترف والبذخ والمفاخرة.

تراث مهدد بالاندثار

تقول أم أحمد: إن تلك الذكريات الجميلة التي كان يحملها الماضي والتي من المفترض أن نحييها بدلاً من اندثارها واستبدالها، أصبحنا هذه الأيام نرى تبدلاً كلياً في مفهوم هذه المناسبة لدى بعض الناس، فهناك نسبة ليست بالقليلة من الأهالي يرسلون مع السائق والخادمة “قرقاعون” ليوصلوه إلى منزل فلان أو فلان، وبذلك باتت موروثاتنا الشعبية البسيطة مهددة بالضياع، كما إن الأطفال في هذه الأيام يرسلهم أهاليهم إلى البيوت بصحبة الخادمة، وأي إهمال أو تقصير منها في أداء دورها الرقابي على هؤلاء الأطفال قد يشكل خطراً على حياتهم، ولا تلقي بعض الأمهات بالاً إلى خطورة الأمر.

وأضافت: إن بعض النساء يجهزن “قرقاعون” خاصاً لأطفالهن يحتفلن به ويشترين مجسمات وتصاميم تشكيلية تحوي أفخر أنواع المكسرات والحلويات وتحمل صور أطفالهن وأسماءهم ما يكلفهن مبالغ عالية جداً ويوزعنها على أقاربهن ومعارفهن كنوع من المفاخرة والتباهي والتبذير الذي لا مسوغ له، مشيرة إلى أن جمال هذا التراث يكمن ببساطته.

مظاهر الاحتفال بالـ «قرقاعون»

ومن جانبها، أوضحت أم عائشة أنها احتفلت بالـ«قرقاعون” هذا العام من خلال شراء 20 قطعة تحوي بعض المكسرات والحلويات ومجسماً على شكل بنت عليه بطاقة من الورق مكتوب عليها اسم ابنتها وصورة لها ووزعتها على أقاربها وجيرانها، وكلفتها هذه المجسمات 50 ديناراً ناهيك عن مصاريف ثياب “القرقاعون”، مشيرة إلى أن كلفة المجسمات لهذا العام أقل بكثير من كلفة السنين الماضية التي كانت تتعدى المائة دينار.

ورأت أن ما تنفقه للاحتفال بهذه المناسبة لا يشغلها ولا تعدّه تبذيراً غير مسوغ، لأنها ترى أن سعادة ابنتها بتلك المجسمات وأهمية الاحتفال بشتى الطرق بهذه المناسبة أهم من كل شيء.

وأضافت أنها تأخذ ابنتها إلى بيوت أقاربها لكي تحصل على “القرقاعون”، بينما تشتري نحو 5 إلى 10 كيلوات من المكسرات المشكلة العادية لكي توزعها على الأطفال الذين يطرقون الباب.

ولا تجد أم عائشة فرقاً بين “القرقاعون” الحالي وبينه قديماً فهي مازالت تستمتع بالاحتفال بهذه المناسبة كل عام .

وأشار بوخالد إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة يتخذ شكلاً مختلفاً في عائلتهم، إذ يحتفلون به في حفلات خاصة تجري كل عام في منزل أحد الأقارب ويجتمع أفراد العائلة كلهم في هذا المنزل ويرتدي الأطفال ثياب “القرقاعون” وكل عائلة تحضر معها أشكالاً مختلفة وتصاميم مبتكرة “للقرقاعون” لتوزع على الأطفال.

أسعار «القرقاعون»

وقال أحد الباعة إن أسعار “القرقاعون” ذي الأشكال المميزة والغريبة تتراوح ما بين 3 إلى 4 دنانير للقطعة الواحدة، وتبلغ أسعار الأشكال البسيطة والتقليدية من دينار إلى دينار ونصف للقطعة الواحدة، بينما تصل أسعار”القرقاعون” العادي من مكسرات وفواكه مجففة إلى 6 دنانير للكيلو الواحد. وأضاف: في بعض الأحيان نصمم أشكالاً مبتكرة وغريبة بكميات محددة بحسب الطلب لأسرة ما وقد تبلغ قيمة هذه الكميات ألفاً و500 دينار، ما يشكل مفارقة كبيرة في الأسعار بين الكيلو العادي والقطعة الواحدة “للقرقاعون”.