كتبت - شيخة العسم:

الولائم والعزائم عادة هيمنت على مشهد العلاقات الاجتماعية في شهر رمضان المبارك، حيث تجتمع العائلات والأصدقاء والأقارب على مائدة واحدة.

ويعتبر كثيرون هذه العزائم أهم الواجبات الاجتماعية وعادة من تقاليد الصائمين التي لا مفر ولا مهرب من أدائها. الشارع كان له آراء متفاوتة في فئات الناس الواجب إعداد العزائم لهم، فمنهم من يرى أنها لابد أن تقتصر على صلة الأرحام ومنهم من يعتبرها فرصة لرؤية الأصحاب والأقارب المختلفين لتعميق صلة الود والمحبة وإكرامهم، فيما يرى آخرون أن هذه العزائم تمثل هاجساً وعبئاً ثقيلاً لما يترتب عليها من تكاليف مالية تغطي على القيمة المعنوية خاصة للطبقة الفقيرة من المجتمع.

الحاج صالح رمضان -65 عاماً- يرى أن العزائم في رمضان صلة رحم وثواب من عند الله وأنها تكسب المرء أجراً، فيقول “منذ أن تزوجت وأنا أقوم بعمل غبقة رمضانية لأصدقائي في النصف من رمضان، ويكون الطعام سمك صافي و«محمر”، وهي عادة أصبحت مسلمة لدي ولدى أصدقائي.. فيما ترى سارة حمد 38 سنة أن العزائم في رمضان يجب أن تقتصر على صلة الأرحام المقربين وضمن الإمكانات الموجودة، مشيرة إلى أن التوسع في العزائم ما بين صديق وبعيد يجبر الإنسان على أن يتحمل فوق طاقته. واعتبرت أن العزائم يجب أن تقتصر على صنف واحد أو اثنين من الطعام، مضيفةً أن “مصروف العزائم كبير لذلك يجب الاعتدال في العزائم لأن هناك مصاريف أخرى قادمة كالعيد وبإمكان المرء أن يعزم أصدقائه في وقت آخر غير رمضان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها”.

أما علي محمد 27 سنة يقول، أنا أجهز في رمضان وليمة “غبقة” لأصدقائي المقربين وتقوم زوجتي وأمي بطبخ أكلات وأصناف متنوعة وعديدة، كي أترك حرية الاختيار لأصدقائي بتذوق الأطعمة وعادة ما تكون الوليمة في أول أسبوع من شهر رمضان، ويضيف “أسعد بتجمع أصدقائي معي واحتسب منه الأجر”.

إلا أن الوضع مختلف عند “أبو عماد” الذي أشار أنه يفضل “ألا يعزمه أحد أو أن يعزم أحداً في رمضان”، معللاً ذلك بقوله “لا أريد التضييق على الناس فالمعيشة صعبة لكنني أكتفي بعد الإفطار بزيارة أقاربي وشرب كأس من الشاي أو فنجان من القهوة إضافةً إلى القليل من القطائف”، فيما تضيف شيماء صالح وهي طالبة جامعية “منذ صغري وأنا أرى والدي وأقاربي ومعارفنا يعزمون بعضهم بعضاً في الشهر الفضيل”.

في حين أشارت الأخصائية الاجتماعية أمينة السندي أن الولائم والعزائم في رمضان تمثل عادة اجتماعية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالشهر الكريم لكنها عادة غير صحية وغير صحيحة تفقدها معانيها مثل التكاليف الباهظة والمبالغة والمغالاة في الفخامة من حيث أنواع الطعام وكمياته، بالإضافة إلى تضييع الأوقات في إعداد الطعام والأحاديث التي لا تتلاءم مع طبيعة الشهر الكريم وطبيعة الصائم فيه مما يترتب عليه تفويت العبادات مثل صلاة التراويح والدعاء والذكر بالإضافة للسهر الزائد إلى الفجر.

وأضافت السندي قائلة: “الأمور السابقة تجعل هذه العادة تحقق غايتها في ذهن معدها ومرتادوها فالبعض يجعل الولائم سبيلاً للتفاخر ما يحثه على التبذير والإسراف، وقد نهانا الله عز وجل عن الإسراف فهناك أطعمة كثيرة تطبخ لعدد قليل وفي نهاية العزيمة نجد الضيوف لا يكملون ربع كمية الأطعمة المقدمة.

وتضيف السندي “أتمنى أن تكون العزائم والولائم بعد رمضان وأن يركز المسلمون في عبادتهم وننصحهم بتناول الأطعمة الخفيفة، فكثرة الطعام يسبب الأمراض، وأرجو أن نفكر في إخواننا الجياع سواء في البحرين أو خارجها، وأن نحافظ على نعمة الطعام، قبل أن نبتلى فلا نجد كسرة خبز”.