أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن المسؤولية الوطنية تقع على الجميع من حكومة وجمعيات سياسية وأهلية في المشاركة والرقي بالممارسة الديمقراطية وفق القانون والنظام العام، مشيرا إلى أن على الجميع اخذ العبر مما مر من أحداث.

وقال العاهل خلال تسلمه التقرير النهائي للجنة الوطنية المعنية بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، ان انشاء لجنة التقصي حدث فريد في المنطقة والعالم وتنفيذ توصياتها تحد كبير، مشيرا إلى أن تقرير تنفيذ التوصيات خلص الى اتخاذ الحكومة خطوات هامة في انتهاج الشفافية وتم وضع خطط قصيرة وطويلة المدى، مشيدا بجدية الحكومة في تنفيذ التوصيات خلال هذه الفترة القصيرة.
وأعرب العاهل عن أمله بان تسرع السلطة التشريعية في اقرار المشاريع التي احيلت اليها من الحكومة
وأشار الملك إلى انشاء وحدة خاصة للمساءلة في الاحداث التي وقعت العام الماضي، مؤكدا أن الدولة ترعى بناء دور العبادة ورعايتها، ولفت إلى تم انشاء صندوق لتعويض المتضررين ومحاكم خاصة للنظر في قضايا التعويض، مؤكدا على سرعة حصول المتضررين على تعويضات عادلة.
وأكد العاهل على انجاز كافة قضايا حرية التعبير في اطار القانون دون تحريض على العنف ايا كانت صفة مرتكبيها.
وقال: "نريد لشعبنا ان يشعر بالتغيير الملموس من خلال ترجمة الاصلاحات إلى افعال في الأشهر القادمة"، مشددا على أن على كافة الاطراف ان تسعى لانعكاس تنفيذ التوصيات على المجتمع، وأم على مجلسي النواب والشورى مراقبة تنفيذ الحكومة للتوصيات.
وأكد العاهل على أن الاصلاح عملية مستمرة بما يرضي طوحات شعبنا دون اقصاء احد وابواب الحوار كانت ومازالت مفتوحة
وقال إن "الأمن والاستقرار دعامة رئيسية للنمو والتقدم والإصلاح، وما يؤثر على استقرار البلاد يؤثر على سيادتها، ويفتح الباب للتدخل الأجنبي، فالدول لا تنشد الاستقرار لمصلحة الاقتصاد فحسب ، وإنما تنشده لحماية سيادتها وكيانها، ولن نفرط في ذلك أبدا، ولن تعود عقارب الساعة للوراء"، وأضاف: "لن تعود عقارب الساعة للوراء شاكرين ومقدرين جهود رجال قوة الدفاع والأمن ودرع الجزيرة".
وكان حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى تسلم التقرير النهائي للجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق هذا اليوم في مراسم جرت في قاعة المناسبات الملكية بحضور صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد ال خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى.
وبعد تلاوة آي من الذكر الحكيم القى علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى ورئيس اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق كلمة هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

نقف أمامكم اليوم وفي ذات المكان الذي تسلم فيه جلالتكم تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، تلك اللجنة التي قمتم بقيادتكم وحكمتكم بإنشائها وفتحتم الأبواب بكل صدق وشفافية أمام خبراء دولييين مشهود لهم بالكفاءة وطيب السمعة في خطوة غير مسبوقة انعكست إيجاباً على هذه المملكة الغالية ولاقت تقدير واستحسان دول العالم.
وفي ضوء توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي لحقائق، كان لا بد من السعي لإشراك مختلف شرائح المجتمع للقيام بدور أساسي في ترسيخ خطى هذا الوطن نحو مستقبل زاهر آمن، فجاء اختياركم لنا يا صاحب الجلالة أنا واخواني أعضاء اللجنة لحمل شرف هذه المسؤولية الوطنية، والسعي إلى الحقيقة والعمل على متابعة تنفيذ تلك التوصيات، وأدرك كل فرد منا أن اللجنة الوطنية تتيح لنا تقديم مساهمة هامة في تطوير وتنمية وطننا الغالي خلال فترة حرجة من تاريخه، وعملنا جميعاً جاهدين لكي نكون على قدر المسؤوليات الجسام التي كُلفنا بها، فكانت اللجنة وبحق لجنة وطنية مستقلة وحيادية تعمل لصالح الجميع بمهنية عالية بهدف متابعة تنفيذ التوصيات.
لقد عكفت اللجنة منذ تأسيسها على دراسة توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وشاركت مع كبار الخبراء والحكومة الموقرة لوضع الإجراءات والآليات المناسبة لضمان التنفيذ الكامل لتلك التوصيات. وقد دأبت اللجنة في جميع أعمالها على التأكد من أن تنفيذ التوصيات يتوافق مع أفضل المعايير والممارسات الدولية.
وفي ضوء التوصيات محل البحث، قمنا بوضع الأسس اللازمة للمضي قدماً، آخذين بعين الاعتبار التباين الكبير بين متطلبات تنفيذ التوصيات على النحو الذي سيأتي تفصيله من خلال التقرير، ففي حين أن بعض التوصيات يتطلب إجراءات محددة وواضحة يمكن تنفيذها مباشرة من خلال إجراءات تشريعية أو إدارية أو من خلال السلطة القضائية، نجد أن البعض الآخر يتطلب تغييرات هيكلية على المؤسسات المعنية أو بناء قدرات عن طريق التدريب أو التأهيل، وهناك من التوصيات ما يتطلب تغيير ثقافات ووضع برامج واستراتيجيات تتطلب زمناً لرؤية آثارها على أرض الواقع.
ومن أجل التنفيذ الأمثل للمهمة التي كُلِّفنا بها، شكلت اللجنة فرقاً لدراسة التوصيات كل ضمن نطاق اختصاصه. وتولت الفرق مسئولية الشؤون التشريعية، شؤون حقوق الإنسان، والمصالحة الوطنية. وقد عقدت اللجنة على مدى المائة يوم الأخيرة منذ تكليفها ثمانية عشر اجتماعاً، بينما عقدت المجموعات الفرعية ثلاثة وعشرين اجتماعاً، بالإضافة إلى ثلاثة اجتماعات جانبية حول أعمال خبراء اللجنة مع نظرائهم المنتدبين من الحكومة. كما استقبلت اللجنة البروفسور محمود شريف بسيوني وعدداً من الخبراء وعقدت معهم اجتماعين منفصلين. وتبرز هذه الأرقام مدى الالتزام الفعلي والجهود الحثيثة التي بذلها أعضاء اللجنة الوطنية للوفاء بواجباتهم على أعلى درجات الكفاءة والسرعة لضمان حسن تنفيذ التوصيات بما يلبي هدف تحقيق تقدم بحلول نهاية شهر فبراير.
وقد لاقت اللجنة في جميع مراحل عملها التعاون والشفافية من الحكومة الموقرة التي عملت على تقديم الدعم والمساندة لإنجاح مهمتها الوطنية واستجابت للتوصيات والمقترحات التي وضعتها اللجنة.
لقد أنجزت اللجنة أعمالها ويبين تقريرنا التقدم الذي تحقق، كما يبين للمواطنين جميع التشريعات التي تم إقرارها أو اقتراحها، والإجراءات والآليات والاستراتيجيات والتقارير التي تم النظر فيها، ويمكن للجميع الاطلاع على الأعمال التي تم القيام بها من خلال التقرير.
مما لا شك فيه أن حجم النشاط كان كبيراً وغير مسبوق في تاريخ المملكة. ويجدر بنا جميعاً أن نفخر بالتقدم الذي تم إحرازه خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة بما يمهد الطريق أمام تعزيز عملية الإصلاح في مملكة البحرين.
لقد لامست عملية تنفيذ التوصيات جميع المجالات الحياتية في البحرين حيث تم العمل على إعادة المفصولين من الموظفين في القطاعين العام والخاص ومعالجة حالة الطلبة المفصولين وإعادتهم إلى مقاعدهم الدراسية.
وحول موضوع دور العبادة فقد تم تخصيص 12 موقعاً لبنائها ويجري التشييد الفعلي في عدة مواقع، ويجري العمل على باقي المواقع التي وردت في التقرير بالتنسيق مع الجهات المعنية.
أما في المجال الأمني، فقد كان حجم التوصيات المنفذة شاملاً ومتكاملاً، حيث تم تحويل جهاز الأمن الوطني إلى هيئة استخباراتية فقط. كما تم وضع برامج تدريب جماعي لأفراد الشرطة والقوى الأمنية الأخرى ويجري الآن تنفيذها. وبالطبع سوف يستغرق تدريب جميع أعضاء قوى الأمن بعض الوقت، وفي غضون ذلك، تسنى تحقيق تحسينات أخرى في الإجراءات الأمنية بفضل مشورة وتوجيهات خبراء الشرطة الدوليين وإصدار مدونة سلوك الشرطة. ومن العوامل المهمة الأخرى أيضاً وضع آليات جديدة لتحسين الإشراف والشفافية في القطاع الأمني، كان أبرزها إنشاء مكتب أمين عام التظلمات بوزارة الداخلية يتيح للجمهور إمكانية المشاركة في شؤون الرقابة على سلامة عمل الشرطة. وقد تم تطوير هذه الآليات بالتنسيق الوثيق مع بعض أهم الخبراء القانونيين والأمنيين في العالم لضمان استيفائها لأعلى المعايير الدولية.
كما تثني اللجنة على قرار النائب العام بإسقاط جميع التهم المتعلقة بحرية التعبير. وقد عملت اللجنة الوطنية على التحقق من برامج تدريب القضاة وأعضاء النيابة العامة. كما تثني اللجنة أيضاً على القرار بنقل جميع التحقيقات في ادعاءات التعذيب لتدخل ضمن نطاق اختصاص النيابة العامة، وذلك بإنشاء وحدة تحقيق خاصة تختص بالمساءلة. وتقدر اللجنة كذلك إجراءات مراجعة الأحكام التي أصدرتها محاكم السلامة الوطنية سواء بواسطة المحاكم المدنية أو بواسطة اللجنة التي أنشأها المجلس الأعلى للقضاء.
وهناك خطوات تم اتخاذها في مجال التربية والتعليم بما يضمن التشجيع على زيادة التسامح والقبول بالرأي الآخر. وسوف يتم تطبيق هذه الجوانب في المناهج المدرسية على مدى الأشهر القادمة بالتعاون مع منظمة اليونسكو.
كما أن الإعلام المنفتح والحر يشكل جزءًا من الرؤية التي تضمنها تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. وفي هذا الصدد، قمنا بدراسة الخطة المتعلقة بهيئة شؤون الإعلام بناءً على مشورة خبراء الإعلام الفرنسيين والتي من شأنها المساعدة على تحقيق هذه الأهداف.
كذلك ركزت اللجنة أيضاً على مبادرة التسوية المدنية التي تم صياغتها في ضوء مقترح اللجنة والتي يتم بموجبها صرف التعويض للمتضررين كتسوية سريعة وبشكل رضائي دونما إخلال بحق من لا يقبل باللجوء إلى القضاء المدني وبما لا يؤثر على المسئولية الجنائية.
ترى اللجنة أن التقدم الذي تحقق حتى الآن جاء بفضل الجهود التي بُذِلت خلال هذه الفترة، غير أن عملية تنفيذ التوصيات والمسار نحو الإصلاح إنما هما مسيرة متواصلة وسوف يستغرق ظهور التغييرات الناتجة عن هذه الإجراءات بعض الوقت في بعض الاحيان كي تتجلى حقيقة ملموسة، ونحن نوجه الدعوة إلى جميع فئات المجتمع للتضافر والعمل معاً لضمان نجاح الإصلاحات بروح الانفتاح والوئام.

يا صاحب الجلالة،،،
إن قدرنا أن نعيش في وطن موحد، كوننا أصحاب إرث عظيم في العيش المشترك على هذه الأرض الطيبة، وإن ما مررنا به من أحداث يجب أن لا يلقي ظلالاً ثقيلة على هذه الصورة الجميلة التي أصبحنا نباهي بها العالم عبر العصور، وأن تتجه إرداتنا الوطنية بالتقاط هذه الفرصة وأن نتجنب القراءات الخاطئة.
وختاماً، تتقدم اللجنة بخالص الشكر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه على الثقة التي أولانا إياها، كما نشكر حكومة مملكة البحرين وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله على مساعدتها للجنة في إنجاز المهمة المناطة بها، والشكر موصول إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى على متابعته المستمرة ودعمه الدائم لأعمال اللجنة.
كما لا يفوتنا أن نشكر سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء والفريق الحكومي على كل ما قاموا به لتسهيل عمل اللجنة.
تأمل اللجنة أن تكون قد أوفت بمسؤولياتها بكل أمانة وصدق، وأن تكون قد أسهمت بدور بناء في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق لما فيه الخير لوطننا، ونضرع إلى الله أن يحمي البحرين وأهلها من كل مكروه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بعد ذلك رفع رئيس مجلس الشورى ورئيس اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق علي بن صالح الصالح تقرير اللجنة الى جلالة الملك المفدى.

ثم تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى بالقاء كلمة سامية هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السمو والمعالي والسعادة ..
أيها الأخوة والأخوات ، ضيوفنا الكرام ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
نحمد الله سبحانه وتعالى أن أنعم على وطننا الغالي وشعبنا الوفي بالأمن والاستقرار ، وبما وقانا بفضله ورحمته من الفتن وحفظ بلادنا من كل سوء ، فله الحمد وله الشكر .
بداية نتقدم بالشكر والتقدير لرئيس وأعضاء اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقصي الحقائق على جهودهم الوطنية المثمرة .. ونضيف بأن إنشاء لجنة مستقلة لتقصي الحقائق في البحرين كان حدثاً فريداً في المنطقة والعالم على حد سواء، وتمثّل جزأ من تاريخنا الذي نفخر ونعتز به ، إذ كانت توصياتها واسعة النطاق، ويمثل تنفيذها تحديا كبيرا في حد ذاته، وكنتم في اللجنة الوطنية متابعين وموجهين لجهود الحكومة في هذا الشأن ، حيث درستم التوصيات بعناية، وتشاورتم مع الخبرات العالمية ، من أمثال البرفيسور محمود شريف بسيوني والسير دانيال بيت لحم ، حرصا منكم على التطبيق الأمثل للتوصيات وفق المعايير الدولية ، فلكم جزيل الشكر والتقدير على جهودكم الوطنية المخلصة.
لقد تعهدنا منذ استلام تقرير لجنة التقصي في نوفمبر الماضي بعدم تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة في وطننا الحبيب، على أن نأخذ منها الدروس والعبر، وأن نستخدم الأفكار والرؤى الجديدة كمحفز لإحداث التغيير الايجابي. وإن تقريركم الذي تسلمناه اليوم، يدل على حدوث ذلك التغيير الإيجابي الذي ننشده ، ونفتخر به، حيث خلص التقرير إلى اتخاذ الحكومة لخطوات هامة في انتهاج الشفافية المستمدة من قيم الديمقراطية، وتم وضع الآليات الإدارية والقانونية اللازمة لتنفيذ ما يتطلب تحقيقه من خطط متوسطة وطويلة المدى، وشمل ذلك إصلاح في القطاع الأمني والقضائي وتحسين المناهج التعليمية ووضع خطة مفصلة لإصلاح الإعلام ، والعمل . . من أجل ضمان إعادة الموظفين الى أعمالهم ، ووضع خطط التعويض لضمان توفير سبل الانتصاف للمتضررين في أقرب وقت ممكن ، وبدء برامج لتحقيق لم الشمل الوطني في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وإنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات بوزارة الداخلية ومكتب مستقل للمفتش العام بجهاز الأمن الوطني ، والأهم من ذلك، إنشاء وحدة خاصة للتحقيق للمساءلة في الأحداث التي وقعت العام الماضي .
ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نشيد بجهود الحكومة وجديتها في تنفيذ التوصيات على الوجه الأمثل خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة .. هذه السرعة في الإنجاز والجودة في العمل هو ما ندعو إليه ونتمناه في جميع أعمال الحكومة وليس في تنفيذ التوصيات فحسب ، ونأمل من السلطة التشريعية من جانبها أن تسرع في إقرار مشاريع القوانين ذات العلاقة المحالة إليها من قبل الحكومة . ولقد شهدنا إقرار مشاريع قوانين متعلقة بحرية التعبير وكذلك تعريف جريمة التعذيب التي تم اقتراحها العام الماضي ، وفي خصوص ذلك، نشكر جهود مجلسي الشورى والنواب في النهوض بالمنظومة التشريعية بالمملكة .
وحيث ترعى الدولة أعمار دور العبادة ورعايتها فإننا نوجه إلى استمرار العمل وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها ، وذلك بالتنسيق بين وزارة العدل والشئون الإسلامية ودائرتي الأوقاف والجهات ذات العلاقة حتى لا تتكرر نفس الأخطاء السابقة . وفيما يتعلق بتعويض المتضررين ، فإنه وإضافة إلى الصندوق الوطني لتعويض الضحايا الذي تم إنشاءه وفقاً لأرقى المعايير الدولية فقد تم إنشاء محاكم متخصصة للنظر في دعاوى التعويضات للإسراع في عملية حسم دعاوى التعويض . وفي هذا الخصوص فإننا ننوه بمبادرة التسوية المدنية التي تبنتها اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات تقصي الحقائق، ونوجه إلى اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لسرعة حصول المتضررين على تعويضات عادلة .
كما ونؤكد على أهمية إنجاز كافة القضايا التي تتعلق بحرية التعبير دون تأخير لا لزوم له ، والتي تكون في إطار القانون و لا تتضمن تحريضاً على العنف، أياً كانت صفة مرتكبها أو مهنته . واليوم وبعد تسليم اللجنة الوطنية لتقريرها ، فإن على الحكومة أن تضع ذلك في برنامج عملها للمتابعة المثلى للتوصيات والتأكد من تنفيذها في كافة المراحل . فنحن نريد لشعبنا أن يشعر بالتغيير الحقيقي والملموس الذي تعكسه هذه الإصلاحات في حياتهم ، والتحديات التي ستواجهنا خلال الأشهر القادمة هي كيفية ترجمة ذلك إلى تغيير ملموس في ثقافة المجتمع .
إن المسئولية الوطنية هذه تقع على عاتق كافة الأطراف، وليس على السلطة التنفيذية وحدها . وعلى السلطة التشريعية أن تقوم باختصاصها الأصيل في التشريع ومراقبة تنفيذ الحكومة لخططها في هذا الشأن .
إن ما أثبتموه في تقريركم كلجنة وطنية ، يؤكد أن البحرين قادرة بذاتها وبسواعد أبنائها على الرقي إلى مصاف الدول المتقدمة في الممارسات الديمقراطية، والاستفادة من الخبرات العالمية في وضع الأسس القانونية التي تحفظ أمن المجتمع وتكفل حقوق الإنسان وتضمن حرية التعبير دون التعدي على حقوق وحريات الآخرين ، ونشكر في هذا الصدد الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية التي شاركتنا بخبراتها وتجاربها .
إن تنفيذ التوصيات يعكس التزام البحرين بالإصلاح في مختلف المجالات ، والإصلاح ينبغي ألا يتوقف ، فالتطور هو سنة الحياة ، ومنذ تولينا مقاليد الحكم كانت سياستنا في التطوير أن نحافظ على مبادئ ديننا الحنيف وتقاليد وأعراف مجتمعنا ، كما نؤكد عزمنا مجددا على السير في طريق الإصلاح بما يرضي طموحات شعبنا ، وأن نمد السمع والبصر في ذات الوقت إلى مختلف التجارب العالمية لنستقي منها ما ينفع شعبنا ويحافظ على وحدتنا وقوة مجتمعنا ، دون اقصاء لأحد ، أو تغليب مصلحة فئة على فئة ، فالوطن للجميع .. وأبواب الحوار كانت وستظل مفتوحة .
إن الأمن والاستقرار دعامة رئيسية للنمو والتقدم والإصلاح ، وما يؤثر على استقرار البلاد يؤثر على سيادتها ، ويفتح الباب للتدخل الأجنبي ، فالدول لا تنشد الاستقرار لمصلحة الاقتصاد فحسب ، وإنما تنشده لحماية سيادتها وكيانها ، ولن نفرط في ذلك أبدا ، ولن تعود عقارب الساعة للوراء ، شاكرين ومقدرين جهود منتسبي قوة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني المخلصين ، الذين يسهرون على أمن هذا الوطن ويحمون حدوده وأراضيه ولا زالوا مرابطين حبا وولاء لوطنهم وحماية لجميع المواطنين والمقيمين، وكذلك قوات "درع الجزيرة" التي تقوم بدورها الجماعي لحماية المنشآت الحيوية في البلاد وذلك جزء من واجبها الأكبر في حماية دول مجلس التعاون كلما طرأت الحاجة . فلهم منا كل الشكر والتقدير والثناء .
إن وحدتنا الوطنية هي الحصن الحصين لهذا الوطن ، ونحن إذ نقدر عاليا التزام الحكومة بتنفيذ التوصيات ، فإن المسؤولية الوطنية تقع أيضا على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ليقوموا بدورهم المطلوب في المشاركة والرقي بالممارسة الديمقراطية وفق القانون والنظام العام ، ومرة أخرى على الجميع أخذ العبر مما مر بنا من أحداث ، والاستفادة من التجربة، والمضي نحو المستقبل بخطى واثقة ، ونوايا صادقة .
حفظ الله البحرين ، ووفقنا الله لما فيه الخير ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحضر مراسم تسليم تقرير اللجنة اصحاب السمو وكبار افراد العائلة المالكة الكريمة ومعالي الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ومعالي رئيس مجلس النواب واعضاء المجلس الاعلى للشئون الاسلامية واعضاء المجلس الاعلى للقضاء وعلماء الدين والقضاة واصحاب المعالي والسعادة الوزراء واعضاء اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق واعضاء اللجنة العليا التنسيقية لحقوق الانسان واصحاب السعادة اعضاء مجلسي الشورى والنواب ورؤساء البعثات الدبلوماسية واعضاء مجلس غرفة تجارة وصناعة البحرين والمحافظون والامين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ورؤساء البنوك واعضاء المجالس البلدية ورؤساء الجمعيات والكنائس ورؤساء تحرير الصحف والمجلات من داخل البحرين وخارجها ووكالات الانباء والمراسلون والصحفيون والوجهاء والاعيان وكبار ضباط قوة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني.

وقد اقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى مأدبة غداء كبرى تكريما للحضور.