كتبت - إيمان الخاجة:

لم يظن أبداً أن الألم الذي يشعر به في رجله سيقلب حياته رأساً على عقب، كان يظن أن هذا الألم كما نسميه باللهجة العامية (عرق النسا)، سيغادره كما غادرته آلام أخرى، وحاول تحمل الألم حتى انتفخت رجله وأصبح غير قادر على الحركة عليها، فتوجه إلى المركز الصحي بالمحرق، وبمجرد أن فحصه الطبيب حتى طلب نقله فوراً بالإسعاف إلى مستشفى السلمانية ليكتشف هناك أن هذا الانتفاخ وهذه الآلام وعدم قدرته على الحركة هي «جلطة في الرجل». استدعت حالة ياسر أن يبقى في المستشفى مدة طويلة، وبالرغم من أنه لايزال في الثلاثينات من العمر إلا أن هذا المرض أثر على حياته وكسبه للرزق، فخلال وجوده في المستشفى كان لا يتمكن من الذهاب إلى العمل، وحتى بعد خروجه فإنه مازال عاجزاً عن الحركة الطبيعية عليها، عدا عن راتبه الضعيف الخاضع للاستقطاعات الكثيرة، فهو يمر بظروف صعبة يعيش خلالها على 40 ديناراً في الشهر! رغم إنه شاب مازال حديث العهد بالزواج ولديه ابن يبلغ من العمر سنة ونصف وابنة لم تكمل الشهر.

وشاء القدر أن يتعرض ياسر لحادث سير قوي جداً، قلب موازين حياته، والحمدلله لم يكن ابنه الصغير وزوجته الحامل معه بالسيارة، والأدهى والأمر أنه نقل إلى المستشفى العسكري لفحصه ولم يفحصه الطبيب جيداً وأخبره أنه سليم ولم يصبه مكروه، وصادف اليوم الثاني موعد ياسر مع طبيبة الجلطة في مستشفى السلمانية. فبمجرد أن شاهدت حالة رجله وتشققها واحتباس الدم داخلها، دهشت وطلبت أن يبقى في المستشفى حالاً ورقد فيه شهراً كاملاً، إذ أصيبت رجلاه ويده اليسار ورقبته، ومنذ نوفمبر 2011 وهو يعاني من آثار الحادث حتى الآن، فلا يستطيع المشي جيداً، ولا مد يده اليسار كلها ولا تحريك رقبته، ومازال ينتظر تقرير التأمين الذي لم ينصفه بسبب الطبيب الذي أصدر تقريراً أنه بخير، ووصل به الحال الآن أن تحركت صابونة الركبة وتجلط الدم أسفلها، ورجلاه اليسار واليمين فيهما جلطة.

يقف ياسر حائراً أمام باب منزله الذي لا يملكه، فهو ملك للورثة وبالرغم من صغر زواياه إلا أنه يخشى أن يأتي اليوم الذي يضطر فيه إلى المغادرة أو الطرد من المنزل، فلا بيت إسكان له، ولا راتب جيد، ولا صحة تعين على العمل واكتساب الرزق، هذه الأمور كلها أتعبت تفكيره وكيف يؤمن مستقبل أسرته، كما إنه سئم تناول الأدوية التي لا يمكن عدها من كثرتها والتي لم يعد لها تأثير عليه.

تعب ياسر من طرق باب الجمعيات الخيرية والجهات المسؤولة من دون تجاوب، فهو يريد أن يتم علاجه ليتمكن من المشي على قدميه مرة أخرى، يلاعب أطفاله الصغار، ويعمل لتأمين مصدر الزرق لهم، ويناشد سمو رئيس الوزراء النظر إلى وضعه الذي تدهور نتيجة لعدم اهتمام طبيب وعدم استخراج التقرير الذي قد يغير من حاله، فيا ترى كيف سيكون حاله بعد أشهر وهو لا يستطيع المشي على رجليه ورقبته ويده مصابتان!