بقلم - عبدالله الذوادي:
جيلنا الذي عاش زمن البساطة والقناعة وحب الخير، كان يستقبل رمضان و لياليه بشكل مختلف عما هو عليه الآن.
كانت المجالس على مختلف مستوياتها المادية تعد العدة للشهر الفضيل، فمعظم الأسر غنيها و فقيرها تهيأ الأجواء الإيمانية خلال شهر رمضان، حيث تبدأ تلك المجالس بعقد جلسات القرآن الكريم منذ أول ليلة حتى ليلة العيد، فالموسورين كانوا يستأجرون القراء لقراءة القرآن في مجالسهم من بعد صلاة التراويح التي كان عدد ركعاتها مع العشاء سبعاً و عشرين ركعة، حتى وقت السحور، ويختلف عددهم من مجلس إلى آخر حسب الإمكانات المادية، فبعض المجالس يصل عدد القراء إلى عشرة وبعضهم خمسة وبعضهم قارئ واحد، ويدفع صاحب المجلس للقراء مكافأة مالية لا تتجاوز الثلاثين روبية عن طيلة شهر رمضان، وبعضهم يهدي القراء كسوة العيد، إلى جانب وجبة السحور التي تكون في العادة وجبة دسمة.
عندما كنا نطوف بالأحياء خلال ليالي شهر رمضان لا نسمع إلا تلاوة القرآن في كل بيت تقريباً، إما باستئجار القراء أو صاحب المنزل نفسه يقرأ القرآن حتى السحور. كانت مجالس القرآن تعقد في المجالس إذا حل رمضان في الشتاء، أما إذا وقع في الصيف فتعقد مجالس القرآن إما في (البرايح) الساحات أو على الأسطح أو أمام البيوت، ويحضر عدد من سكان الحي هذه المجالس ليتباركوا بسماع القرآن الكريم.
كان خالي المرحوم سالم بن درويش الذوادي يدرس في مجلس المرحوم الوجيه إبراهيم أحمدي بفريق كانو حيث يقع منزله هناك، و كان خالي يأخذ إجازته السنوية في شهر رمضان ليتفرغ لقراءة القرآن في مجلس أحمدي وبعد وفاة المرحوم إبراهيم أحمدي أخذ يدرس القرآن في بيتنا في الحورة و من ثم درس في مجلس بن درباس في منطقة التيل، إلى جانب دراسته للقرآن طيلة أيام الشهر الفضيل في المنزل، و يختم القرآن عدة مرات.
وفي ليلة العيد أو ليلة السابع و العشرين، التي يعتقد أنها ليلة القدر تثوب الختمات وتقام المآدب، حيث يدعى الجيران و الأصدقاء لإحياء تلك المناسبة الجليلة و تناول ما لذ و طاب من الأطعمة والحلوى مثل الزلابية والساقو، وحلوى النشاء والبلاليط و الخنفروش واللقيمات والحلوى والفالوذج والمحلبية إلى جانب الرز باللحم والهريس والكباب وغيرها من الأطمعة اللذيذة، يا لها من ليالٍ جميلة و يا له من زمن جميل ذهب مع أهله. هكذا كان رمضان أيام زمان، هل تعود تلك الأيام؟