كتب ـ أحمد عبدالله:

أكد المشاركون في أمسية العائلات المختلطة من الطائفتين، أن الحل السياسي رهن بالمصالحة الاجتماعية واحترام القانون من الجميع، لافتين إلى أن نبذ العنف يسبق أي حوار يؤمل منه التوصل لتوافق جامع.

وقالوا في أمسية نظمتها مبادرة البحرين «وطن يجمعنا» بمركز الأيام الإعلامي، إن حلّ الأزمة في البلاد يستلزم نبذ العنف ورفضه بشكل قاطع وصريح، قبل الدخول في حوار جاد يوصل للتوافق.

وأضاف المشاركون أن الحل السياسي لن يجدي، مالم يكن هناك مصالحة اجتماعية، محمّلين القنوات الفضائية مسؤولية تفكك النسيج الاجتماعي.

ودعا بعض الشباب الحاضرين إلى ممارسة السياسة بطريقة صحيحة، والابتعاد عن الخروج على القانون والانحياز لمصلحة الوطن.

وطن يجمع ولا يفرق

وخاطب رئيس كتلة البحرين النيابية أحمد الساعاتي الحضور «أنتم أثبتم بالممارسة والفعل ومنذ سنوات بعيدة أنه لا يوجد اختلاف بين هذه الطائفة أو تلك، وضربتم أبلغ المثل على أن البحرين كلها أسرة واحدة، فلا خلاف في الدين أو الطائفة أو العرق أو الأصل، كلنا بحرينيون وشركاء في الوطن».

وأضاف «عندما انطلقت شرارة الأزمة الطائفية في البحرين قبل نحو عام، من قبل قلة من الجهلة، كنتم أكثر من تألم وتأثر بها»، موضحاً أن كل ما بنته الأسر المختلطة خلال سنوات من التاريخ والعيش المشترك بات مهدداً بالانهيار.

ولفت إلى أن «اللقاء يعد خطوة رمزية ذات دلالات وطنية لإرسال إشارة للعالم الخارجي وإلى الداخل، بأننا بالفعل وبالدم وبالعرق وبالنسب أسرة بحرينية واحدة وسنبقى متحابين ومتآخين مهما اشتدت الأزمات».

المصالحة مقدمة الحل

من جانبها قالت رئيسة جمعية الاجتماعيين د.هدى المحمود، إن النسيج الاجتماعي تأثر بالأزمة السياسية، والحل السياسي لن يجدي مالم يكن هناك مصالحة اجتماعية، مشيرة إلى أن الشباب الأكثر تأثراً بما يحدث، وهم التحدي الأكبر لمبادرة «وطن يجمعنا».

وأوضحت أن البحرينيين حريصون على ألا يتمزق النسيج الاجتماعي وألا يتأثر بالأحداث السياسية، مشيرة إلى أن الطبيعة البحرينية لا تزال حاضرة في المناطق والقرى.

وأضافت «نزلنا إلى المآتم والمجالس ورأينا الحب والتقارب، الجميع حريصون على التوصل إلى وضع يضمن مستقبل الأجيال المقبلة، ويمنعها من التأثر بالوضع الحالي».

وتلخّصت رؤية محمد الأحمد لحلّ الأزمة في البلد بنبذ العنف ورفضه بشكل قاطع وصريح ومعلن، والدخول في حوار جاد يوصل إلى توافق جامع.

من جهته أوضح عضو كتلة البحرين د.جمال صالح، أن الكتلة أطلقت المبادرة نتيجة للحس الوطني لدى أعضائها، مبيناً أن الوضع الاجتماعي الحالي يستدعي تدخل النواب بعد تفكك بيوت وتضرر صداقات قديمة.

وأضاف «نحن صامدون ومؤمنون أن البحرين لكل المواطنين سنة وشيعة، رغم أننا نمر بلحظات يأس نتيجة ضعف التجاوب معنا من قبل المواطنين»، مؤكداً عدم الاستجابة للتيارات المضادة، والحاجة إلى صبر وعزيمة ورؤية واضحة للمستقبل حتى تحقق مبادرة «البحرين وطن يجمعنا» أهدافها.

حقائق التاريخ

ورأى الشيخ صلاح الجودر أن الفعالية «جاءت في وقت نحن بأمس الحاجة إليها، إذ إن البحرين تمر بأزمة عصيبة»، مؤكداً أن «أبناء البحرين سنة وشيعة قادرون على الخروج من الأزمة، كما خرجوا بالبحرين من الأزمات في العشرينات والخمسينات من القرن الماضي».

وتطرق عدد من الحضور لمعاناتهم الاجتماعية وقال أحدهم إنه بعد 16 سنة من الحياة الزوجية الكريمة أصبح يعاني بسبب القنوات الفضائية ونقل الأخبار الاجتماعية بصورة مشوهة، وصلت إلى درجة كادت تفرق بينه وبين زوجته وتسبب في هدم بيته.

وانتقد ظهور مصطلحات من قبيل وهابي ورافضي، معتبراً أن أصوات العقلاء اختفت في وقت كان المجتمع بأشد الحاجة إليها. وقالت النائب سوسن تقوي الأم لأسرة مختلطة، إنها صدمت حين كاد أحد أبنائها، الذي لم يكن يميز بين السنة والشيعة، ينجرف بسيل الطائفية العارم أيام الأزمة قبل أن يتراجع، لافتة إلى أن الأبناء يجب تعهدهم في هذا العمر حتى لا ينحرفوا ويصبحوا جزءاً من المشكلة.

ونبهت عضو لجنة المصالحة الوطنية في غرفة تجارة وصناعة البحرين أفنان الزياني، إلى أنها لم تفقد أياً من زبائنها أو أصدقائها خلال الأزمة نتيجة لتجاهلها البعد الطائفي، مشيرة إلى أنها تلقت تهديدات من قبل العديد من المواطنين من الطائفتين. وتحدثت الزياني عن الاحتقان المجتمعي وغياب ركائز الأمان لدى شرائح واسعة من المجتمع، داعية إلى تقوية العلاقات الأسرية واستغلالها لصالح التلاحم بين الطائفتين وليس العكس، من أجل حفظ الهوية البحرينية الأصيلة.

الأزمة الطارئة

من جهته اعتبر الشيخ محسن آل عصفور أن الأزمة دخيلة وطارئة على البحرين، مضيفاً «تجاوزنا المرحلة الحرجة والخطرة بجهود المصلحين من أبناء الوطن».

وأضاف آل عصفور أن الأزمة حدثت بفعل ظروف خلقها البعض وأوهم بأنه يتكلم باسم الشعب، و»لكن مخططاته انكشفت وستطوى صفحتها السوداء إلى الأبد، ونعود إلى ما كنا عليه من قبل».

من جانبه دعا الشاب محمد رضا العصفور «من سكان منطقة سار» الشباب إلى الاندماج في الحياة العامة، و»ممارسة السياسة بطريقة صحيحة، بعيداً عن الممارسات الخاطئة»، مضيفاً «الدستور كفل حريات الأفراد والجماعات، ويجب على الشباب احترام الدستور والقانون».

وأردف «رسالتي للشباب تتلخص في الابتعاد عن المشاكل والانحياز لمصلحة الوطن والمواطن»، مطالباً جميع البحرينيين الغيورين على وطنهم بالعمل على طيّ ملف التأزيم الاجتماعي.

ودعا الشباب إلى الانهماك في أنشطة دينية واجتماعية تقوي الروابط الأسرية بين الطائفتين الكريمتين، والعمل على تبادل الزيارات بين الأسر البحرينية من مختلف الطوائف من أجل إذابة مخلفات الأزمة في النفوس. تخلل الحفل إلقاءات شعرية حثت على الوحدة الوطنية ومجدت التلاحم والتآخي، فيما تغنت الشاعرة فتحية العجلان بالوطنية خلال قصيدة ألقتها، ونبّه الشاعر يحيى بن درويش الذوادي إلى أن الحرق والتخريب ليس السبيل الأمثل لنيل المطالب.