جميل البلوشي
شاهد كثير من الناس الصورة التي عرضتها إحدى القنوات المعروفة بطائفيتها، حيث زعم المتكلم أنها صورة تقريبية لصفة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلقية على ما جاء في المرويات.
الكل يعرف ويعلم صفات هذا الخليفة العادل حتى ممن لا ينتمون للأمة الإسلامية، فالجميع يشهد له بذلك لكن الكثير من الناس لا يعرف صفات الفاروق الخلقية فأراد الله عز وجل أن يتعرف الناس على هذا الإمام العادل أكثر فتكلم هذا الحاقد وظن أنه بذلك نال من قدر الفاروق لكن هيهات له ذلك.
أما بالنسبة للمرويات، فقد جاء في بعض الروايات أنه آدم أي شديد السمرة وفي روايات أخرى أنه كان أبيض وفي بعضها أنه أمهق يعني شديد البياض، وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان أبي أبيض تعلوه حمرة طويلاً أصلع أشيب وذكر عن أبي رجاء العطاردي: كان طويلا جسيماً شديد الصلع شديد الحمرة
وللإجابة عن الروايات التي تقول إنه كان آدم، نقول أنه جاء في الطبقات لابن سعد بسنده عن عياض بن خليفة قال: رأيت عمر عام الرمادة وهو أسود اللون ولقد كان أبيض فيقال مم ذا؟ فيقول كان رجلاً عربياً وكان يأكل السمن واللبن فلما أمحل الناس حرمهما فأكل الزيت حتى غير لونه جاع فأكثر.
وإذا أردت أن تعرف أكثر لماذا تغير لون عمر اقرأ هذه القصة:
جاء في كتب السير والتواريخ في يوم شديد الحرارة رأى عثمان رضي الله عنه رجلاً يجري فاقترب منه فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال عثمان يا أمير المؤمنين ما الذي أخرجك في هذه الساعة المحرقة فرد عمر بعير من أبل الصدقة قد ند “هرب” وأخشى أن أسأل عنه بين يدي الله يوم القيامة، نعم هكذا كان الفاروق رضي الله عنه.
ولو سلمنا أنه كان آدم أي شديد السمرة بأصل الخلقة فهل السمرة عيب؟
إذا كانت عيباً وهي ليست كذلك فقد جاء في صفة أبي السبطين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان آدم كما جاء في تاريخ الإسلام قال أبوجعفر الباقر كان علي آدم شديد الأدمة بل في كتب الشيعة أنفسهم قال أبو الفرج الأصبهابي الشيعي يصف علياً رضي الله عنه قال “وكان عليه السلام أسمر مربوعاً أصلع وصفته هذه وردت بها الروايات متفرقها فجمعتها” مقاتل الطالبيين؛ وكذلك ورد في صفة موسى عليه السلام أنه كان آدم فهل يجوز لأحد أن يعيب علياً أو موسى عليه السلام من أجل لونهما؟
وأما الحول المنسوب لعمر فليس هناك من المصادر المعتمدة ما يثبت ذلك. وبالرغم من ذلك نقول ولو كان كذلك فهذا لا يدل على صلاح الشخص أو فساده فلا يمدح شخص أو يذم من أجل لونه أو طوله أو قصره إنما الميزان الذي يوزن به الشخص بينه النبي “صلى الله عليه وسلم” لما اجتمع إليه الناس من أنحاء مختلفة في أيام التشريق قال “يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى”.
وأود أن أختم هذه المقالة بجواب عظيم من الصديقة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قيل لها إن ناساً ينالون أصحاب رسول الله “صلى الله عليه وسلم” حتى أبابكر وعمر قالت وما تعجبون من هذا انقطع عنهم العمل فأحب الله ألا ينقطع عنهم الأجر.