قال النائب أحمد الساعاتي إن وفاة الشاب، الذي هاجم الشرطة ومواطنين بـ«المولوتوف”، بالمحرق سبب إضافي وقوي للفرقاء السياسيين لإنهاء حالة الاحتقان التي يعاني منها الوطن منذ أكثر من عام ونصف العام، معرباً عن خالص تعازيه لعائلة الشاب.
وطالب الساعاتي بـ«التحقيق الفوري في أسباب وملابسات إصابة ووفاة الشاب وتوفير أقصى درجات الشفافية في ذلك وإطلاع الرأي العام بالنتائج لكي يتحمل كل طرف مسؤوليته جراء هذا الحادث ولضمان عدم تكراره مستقبلاً”.
وأضاف الساعاتي أنه “في الوقت الذي تحتفل فيه شعوب ودول العالم اليوم في فرح وسرور بعيد الفطر المبارك نجد أن وطننا يشيع شاباً في عمر الزهور إلى المقبرة وسط انقسام مجتمعي غير مسبوق بسبب غياب العقل والحكمة في معالجة مشاكلنا الداخلية”.
وأشار إلى أن “مدينة المحرق التي كانت عبر التاريخ أنموذجاً للحمة الوطنية بين مختلف مكونات وطوائف المجتمع البحريني يراد لها أن تنزلق نحو الفتنة الطائفية وخلق حالة من العداء بين العوائل والأسر من الطائفتين ولا سيما بعد وفاة هذا الشاب”، مؤكداً أن “هذا الرهان سيسقط بفضل وعي وتماسك أبناء هذه المدينة العريقة”.
وحذر الساعاتي من أن “عجلة العنف لن تتوقف وستزداد قائمة الخسائر والأضرار ما لم نبادر لعلاج أصل المشكلة بروح من المسؤولية الوطنية والرغبة الصادقة في إنقاذ الوطن من الأخطار المحدقة به”، مشيراً إلى أن “الخسائر البشرية والمادية التي ألمت بالوطن كانت كبيرة ولا يمكن تعويضها وستترك آثاراً يصعب محوها وستنعكس سلباً على اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي لسنوات طويلة”.
ودعا إلى عدم “استغلال تلك الخسائر كورقة ضغط سياسية من أي طرف لأن الخسارة هي خسارة للجميع ولا رابح أو مستفيد من ورائها”.
وطالب الساعاتي الجميع بتحمل مسؤوليته تجاه الوطن والمواطنين والعمل فوراً ودون إبطاء لإيقاف العنف والعنف المقابل لتجنيب البلاد المنزلق الطائفي والحفاظ على السلم الأهلي، مؤكداً وجود رغبة أكيدة من جلالة الملك لطي هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ وطننا، وعلى الجميع المبادرة للتعاون على حل هذه الأزمة.
وأشار إلى أن “استمرار حدوث المناوشات والاشتباكات بين الشباب ورجال الأمن في بعض المناطق هو أمر مرفوض ومدان ويجب على الدولة والجمعيات السياسية أن تعمل معاً أو بشكل منفرد على إيقافها بكل الوسائل السياسية أو الاجتماعية الممكنة”، محذراً من أن “إهمال هذا الأمر أو عدم التصدي له بشكل عاجل وسريع يجعله أمراً واقعاً وكأنه يمكن التعايش معه”.
وأكد أنه لا يجوز أبداً من الناحية السياسية أو القانونية أو الشرعية اعتبار هذه الاشتباكات هي جزء من “الحوار السياسي” أو جزء من لعبة “من يتعب أولاً”، “لأن حياة المواطنين أثمن من المكاسب السياسية ودور رجال الأمن أكثر أهمية من إشغالهم في مثل هذه الأعمال وإبقائهم على أرصفة الشوارع لمراقبة أي خرق للأمن”.
وتساءل “ماذا نجني إذا تحققت المطالب السياسية وخسرنا وحدتنا الوطنية أو سمعتنا الدولية أو مكاسبنا الاقتصادية والتنموية ؟«.
وأكد الساعاتي أن “الأزمة في البحرين هي أزمة سياسية والجميع يدرك ذلك ولا بد أن يتم التعامل معها من قبل الحكومة والمعارضة على هذا الأساس وبالتالي لا بد من استبعاد ورقة العنف كي لا يزداد تعقيد الأزمة ونصل إلى نقطة اللا عودة”.
ودعا إلى حصر الخلاف والحراك السياسي في نطاق العمل السياسي المشروع والمطلوب والذي يكفله الدستور والقوانين الدولية، مؤكداً ضرورة تحريم استخدام العنف كوسيلة للتعبير أو المواجهة من قبل الشارع أو استخدام القوة المفرطة من قبل رجال حفظ الأمن، وعدم إقحام الخلاف السياسي في حياتنا الاجتماعية والمعيشية لأن من شأن ذلك تعطيل طاقات المجتمع وتوقيف عجلة التقدم والإضرار بمصالح الوطن والمواطنين.
وقال الساعاتي إن المجتمعات المتقدمة ديمقراطياً تعتبر أن الحراك السياسي مهما بلغ شدته ونشاطه يعد عنصراً إيجابياً وأساسياً وبناءً في عملية التطور الديمقراطي في ظل مناخ الانفتاح والحريات واحترام مبادئ حقوق الإنسان وينعكس بالفائدة على المجتمع والمواطنين وذلك في إطار العملية السياسية المشروعة ووفقاً للقوانين والأنظمة ودون اللجوء إلى العنف أو إلغاء الآخر، بينما كان العمل السياسي وبالاً على بلادنا ومواطنينا الذين دفعوا ثمناً باهضاً من أجل إقرار إصلاحات سياسية ومعيشية عادية لم تكن تتطلب كل هذا العنف والخسائر.
وأكد ضرورة العمل الجاد لاحتواء الأزمة وتداعياتها المستمرة من خلال التنفيذ العاجل لتوصيات لجنة بسيوني والبدء فوراً بالحوار المباشر والمفتوح بين السلطة وجميع القوى السياسية دون أي شروط مسبقة وتقديم تنازلات كبيرة من قبل الجميع للتوصل إلى تسويه تحفظ الوطن وتوقف هذا النزيف المستمر.