شهدت بورصات دول مجلس التعاون الخليجي تقلبات حادة منذ عام 2008 نتيجة تأثر دول المنطقة بتداعيات الأزمة المالية العالمية. بينما نجد أن البورصات لم تصل حتى الآن إلى مستويات ماقبل الأزمة، ويبدو أن قطاع الشركات تغلب على الأزمة، حيث تعافت مستويات الربحية بدرجة كبيرة في 2011.
وفي دراسة لصندوق النقد الدولي حول بيانات ميزانيات شركات دول المجلس الست المدرجة في البورصات يتضح أن الشركات تعرضت لضغوط بالفعل في الجزء الأخير من 2008 وحتى 2009، غير أن هذه الضغوط خفت حدتها الآن.
وخلصت الاختبارات القياسية المستخدمة في تحديد جوانب الضعف إلى وجود مخاطر مرتبطة بأسعار الفائدة في بعض القطاعات، وإن كانت شركات كثيرة تحتفظ حاليا باحتياطات نقدية وقائية للمساعدة في التخفيف من حدة هذه المخاطر.
ويوضح التحليل الكلي أن بعض الشركات واجهت ضغوطا خلال الأزمة العالمية غير أن مراكزها تحسنت لاحقا.
وتستخدم الدراسة التي نشرتها صحيفة الاقتصادية السعودية، بيانات 424 شركة غير مالية مدرجة في بورصات دول مجلس التعاون الخليجي الست. ويشير التحليل إلى أن قطاع الشركات غير المالية في دول مجلس التعاون الخليجي يتمتع إجمالا بمركز قوي يمكنه من خدمة ديونه، كما أن جوانب الضعف التي يتعرض من خلالها لصدمات أسعار الفائدة و الدخل محدودة للغاية.
وتبين الدراسة أن مجموع أصول الشركات المدرجة في البورصات الخليجية والبالغ عددها 424 شركة بلغ 631 مليار دولار تقريبا أي نحو 58% من إجمالي الناتج المحلي المجمع لدول مجلس التعاون الخليجي في نهاية 2011. وقد بلغ مجموع ديون هذه الشركات 166 مليار دولار تقريبا، وهو ما يمثل نسبة مديونية معقولة، حيث وصلت نسبة ديونها إلى أسهم رأسمالها إلى 1.5 تقريبا.
وقطاع الشركات في السعودية هو الأكبر على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي الست من حيث حجم الأصول. ففي نهاية 2011، وصل مجموع أصول الشركات المدرجة في البورصة والبالغ عددها 103 شركات، إلى 317 مليار دولار، وهو ما يمثل 70% من إجمالي الناتج المحلي و86% من الأصول المصرفية.
وفي الإمارات تمثل الشركات المدرجة في البورصة والبالغ عددها 53 شركة ومجموع أصولها 129 مليار دولار، 43% من إجمالي الناتج المحلي و36% من الأصول المصرفية.
وفي قطر وصلت قيمة أصول الشركات المدرجة في البورصة والبالغ عددها 32 شركة، إلى 99 مليار دولار، أي ما يمثل 77% من إجمالي الناتج المحلي، و75% من الأصول المصرفية.
وفي الكويت وصلت قيمة أصول الشركات المدرجة في البورصة والبالغ عددها 132 شركة إلى 68 مليار دولار، أي ما يمثل 51% من إجمالي الناتج المحلي و43% من الأصول المصرفية. ووصلت قيمة قاعدة أصول الشركات العمانية البالغ عددها 86 شركة إلى 12 مليار دولار بما يمثل 20% من إجمالي الناتج المحلي و36% من حجم الأصول المصرفية.
وكانت أصول الشركات البحرينية البالغ عددها 18 شركة هي الأقل حجما حيث وصلت قيمتها إلى 31% من إجمالي الناتج المحلي و13% من الأصول المصرفية.
وفيما يخص جوانب الضعف التي تعانيه الشركات المدرجة في البورصات الخليجية، تشير نسبة تغطية الفائدة إلى أن الشركات تتمتع بقدرة كبيرة على سداد خدمة ديونها. وتعرف نسبة تغطية الفائدة على أنها الأرباح قبل حساب الفائدة والضرائب مقسومة على مصروفات الفائدة.
وهي تقيس قدرة الشركات على سداد خدمة ديونها. و عندما تقل نسب تغطية الفائدة عن 1، فيعني ذلك أن الشركات غير قادرة على توليد دخل كاف لتغطية مدفوعات الفائدة، وتصنف ديونها في هذه الحالة كديون متعثرة.
إلا أن الدراسة تظهر بعض جوانب الضعف على مستوى بعض القطاعات في البورصات الخليجية. وعلى الرغم من قوة ميزانيات الشركات إلى حد ما، فإن ارتفاع أسعار الفائدة و انخفاض الدخل قد يؤديان إلى انخفاض كبير في الاحتياطات التي تقي من الإعسار.
قد تواجه بعض القطاعات مشكلات في سداد خدمة ديونها في حالة ارتفاع أسعار الفائدة ونضوب أرصدتها النقدية. وعلى سبيل المثال، إذا ارتفعت أسعار الفائدة بمقدار 200 إلى 500 نقطة أساس، أو واجهت هذه الشركات صدمة إيرادات بمقدار 25% قد يفرض ذلك ضغوطا على قدرتها على سداد خدمة ديونها.
وقد تؤثر هذه المشكلات في قطاعي العقارات والخدمات في الكويت والإمارات و قطاع الخدمات في عمان و قطر، وقطاع البتروكيماويات والزراعة والغداء في السعودية.