كتب - حذيفة يوسف:

قال مدير إدارة الإغاثة بالجمعية الإسلامية عيسى الشيخ إن الجمعية سيرت خمس حملات لإغاثة الشعب السوري في مختلف المناطق التي يتواجدون بها سواء في الداخل أو الخارج، مشيراً إلى أنه لا نية حالية لإيصال المساعدات للاجئين السوريين في العراق.

وأوضح الشيخ لـ»الوطن» أن وضع الداخل السوري هو الأصعب نتيجة الاشتباكات المسلحة بين جنود النظام السوري والجيش بالحر، والحالات الصعبة التي لم تستطع الخروج، مشيراً إلى أن المساعدات المالية وصلت إلى السوريين في الداخل رغم صعوبة الموقف.

وأشار مدير إدارة الإغاثة إلى أن الجمعية الإسلامية حصلت على تبرعات بلغت نحو 700 ألف دينار وزعت في داخل وخارج سوريا على شكل مواد إغاثية وغذائية، مبيناً أنها دخلت إلى سوريا من خلال الحدود، مضيفاً أن 70 في المائة من المبالغ وزعت داخل سوريا.

وبين الشيخ أن اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان يعانون كثيراً نتيجة نقص المساعدات وصعوبة أوضاعهم، إلا أن المتواجدين في الأردن أفضل حالاً منهم لتعاون السلطات الأردنية وفتحها للمستشفيات أمام الجرحى. وأكد أنه لا نية للجمعية في الوقت الراهن لإيصال المساعدات للعراق كونه من غير المسموح دخولها إلا من خلال الهلال الأحمر العراقي، بالإضافة إلى أن نسبة النازحين حتى الآن هناك لا تتعدى الـ 10 آلاف شخص.

وقال مدير إدارة الإغاثة بالجمعية الإسلامية «خرجنا في أكثر من وفد سواء في اللجنة المشتركة مع الجمعيات الأخرى أو مع التجار والنواب، وتبنينا العديد من المشاريع وزرنا الكثير من الأسر، وتفقدنا الكثير من المناطق التي يقطنها اللاجئون».

وأكد الشيخ أن الحملة القادمة تطمح لجمع ضعف المبالغ السابقة، مشيراً إلى أن الإجراءات ميسرة في البحرين بشكل جيد، مطالباً وزارة التنمية الاجتماعية بالتخفيف من الإجراءات وتسريعها بشكل أفضل. وأشار إلى أن اللاجئين السوريين يحتاجون للغذاء والدواء وحليب الأطفال وإيجار المساكن، وبعض الحقائب الطبية، بالإضافة إلى اللباس، حيث خرج أكثرهم بدون أي ملابس سوى التي يرتدونها. ومن جهتها، التقت «الوطن» بالوفود التي سافرت مؤخراً إلى الأردن، ولبنان، وتركيا ليسجل مشاهداتهم حول أوضاع اللاجئين السوريين ومعاناتهم وما يحتاجونه.

الوضع في لبنان

وأكد أعضاء الوفد للصحيفة أن اللاجئين السوريين في لبنان يقاسون كثيراً ويقطنون في منطقة عليها إجراءات أمنية مشددة تسمى بـ «وادي خالد»، مشيرين إلى أنه من الصعب الدخول لها نتيجة لحصارها من قبل الجيش اللبناني، مبينين أن وساطات من قبل مفتي عكار سمحت لهم بالدخول لمدة قصيرة جداً.

وأضافوا أن اللاجئين القاطنين في وادي خالد أكدوا لهم أن وفد الجمعية الإسلامية هو الأول الذي يزورهم ويقدم لهم المساعدات، مبينين أن حالتهم «مأساوية» ولا يتلقون العلاج أو الرعاية الكافية.

وفي لبنان هناك العديد من النساء الحوامل في أشهرهن الأخيرة، واللاتي هربن دون أي إثباتات، مما اضطرهن إلى ولادة أطفال «بلا هوية» وهم لا يعتبرون سوريين أو لبنانيين، ومنها طفلة اسمها أمل لم تستطع والدتها أخذ دفتر العائلة عند لجوئها إلى لبنان.

وأشار هؤلاء إلى أنه لا يتم علاج اللاجئين السوريين في المستشفيات اللبنانية إلا مقابل مبالغ كبيرة، مما أدى إلى حرمانهم من فرص العلاج واضطرارهم إلى تحمل جراحهم ومرضهم بالصبر والأمل.

كما بينوا أن تكلفة الولادة في لبنان تبلغ 500 دولار أمريكي للحالات الطبيعية، و700 دولار لحالات الولادة القيصرية، وفي حالة احتياج الطفل للوضع في الحاضنة، فإن ذلك يكلف 50 دولاراً يومياً، مؤكدين أن اللاجئين هربوا تحت وتيرة القصف دون أن يأخذوا معهم سوى بعض الأموال.

وتحدث القاطنون في «وادي خالد» عن حالة طفلة ولدت بعيب خلقي تحتاج معه إلى 3 عمليات، ولكن شح الأموال أدى إلى تأخر العلاج وبالتالي وفاتها، حيث لم يسعف الوقت الجميع حتى إكمال مبلغ العلاج.

وأكدوا أن رؤية الوفود من مختلف الدول أدخلت البهجة ورفعت معونيات اللاجئين السوريين، الذين عبروا عن شكرهم لجميع الدول التي ساندتهم، وقالوا «إن الاشتباكات بين مؤيدي النظام السوري ومعارضيه في طرابلس أدت إلى إغلاق مخيم وادي خالد وصعوبة دخول المساعدات إلى اللاجئين هناك، مشيرين إلى أن تواجد عناصر من حزب الله اللبناني تصعب من خطورة الوضع هناك». وأكدوا أن هناك مجموعات في لبنان تحدت الظروف واستقبلت اللاجئين وتعرف أين عددهم ومساكنهم، وقاموا بعمل «السلة الغذائية» والتي تحتوي على طعام أساس تحتاجه تلك العوائل. وبينوا أن القناصة السوريين يقفون على مشارف وادي خالد اللبناني، حيث يستهدفون اللاجئين أو أي شخص يقع تحت مرمى هدفهم.

الأردن الأفضل حالاً

ومن جهته، أكد الوفد النسائي الذي غادر إلى الأردن قبل الشهر الفضيل بأسبوعين أنهم زاروا المفرق، والرمثا، وعدداً من المناطق الحدودية، والتقوا بأسر الشهداء والمصابين والذين كانوا في معنويات عالية جداً.

وبين الوفد أن حاجة اللاجئين كبيرة ولا يمكن حصرها، ولكن يستطيع من ذهب إلى هناك أن يراها، مشيرين إلى أنهم التقوا بوفود من السعودية والكويت وقطر، علموا بوصول وفود دعم خيري من باقي دول الخليج والعالم العربي.

وأكدن أن عدد النازحين في الأردن هو الأكبر حيث يتراوح بين الـ 140 – 160 ألف لاجئ سوري. وأشاروا إلى أن مجموعة من النسوة شكلن في الأردن جمعية «الهلال الأخضر» لمساعدة الأرامل السوريات وتلبية احتياجاتهن.

وقالوا إنهن التقين بمحافظ درعا سابقاً، والذي أكد لهم الحاجة إلى ذخيرة وسلاح من أجل الدفاع عن الوطن و»تحريره»، مبيناً لهم أنه وبينما يتحدث لهن هناك من يتعرضون للقصف بنيران الطائرات الحربية وقذائف الدبابات والمدافع.

ولاحظ وفد الجمعية أن غالبية النازحين هم من الطبقة الكادحة التي تعمل «باليومية» سواء في النجارة أو البناء وغيرها من تلك الأعمال، مؤكدين أن القلة منهم ممن كانوا مكملين لمسيرتهم التعليمية. وأضافوا أن الإصابات التي رأوها كانت لأفراد من الجيش الحر ومواطنين عاديين مما يؤكد أن النظام لا يستهدف المسلحين فقط بحسب زعمه، مشيرين إلى أن العديد منهم رفضوا التصوير خوفاً من التصفية والملاحقة من قبل عملاء النظام.

كما أشار الوفد النسوي إلى أنه وخلال تواجدهن في مبنى يقطنه اللاجئون في إحدى المناطق الأردنية جاء شخص سوري اللهجة يسأل إن كان هناك لاجئون سوريون في المكان، فلم يجيبوه، وبعد خروج صاحبة المنزل هرب، حيث أشارت لهن إلى أنه من عملاء النظام الذين يحاولون التعرف على مناطقهم لاستهدافهن لاحقاً.

وبين أن أحد المندسين من النظام وضع السم في أكل اللاجئين، وأدى ذلك إلى حالات تسمم شديدة بينهم، مما اضطر إحدى الجمعيات الخيرية بتعيين طباخ للاجئين، بالإضافة إلى قيام الأمن الأردني بتسيير دوريات في المنطقة للحفاظ على سلامتهم.

وكشف حوار «الوطن» مع الوفود التي زارت اللاجئين السوريين عن حالة أحد الأطفال شق جنود الأسد جسده الصغير من البلعوم حتى المثانة، ولكن قدرة الله أنجته من الموت، ليتم علاجه بعدها في إحدى المستشفيات الأردنية.

كما تحدثوا عن إحدى الإصابات التي شاهدوها وكانت لشاب توفي سريرياً إثر رصاصة أصابته في عنقه وخرجت من رأسه، حيث يعيش على الأجهزة الكهربائية، مبينين أنه متزوج ولديه بنتان وولد.

كما أشاروا إلى أن اللاجئين أكدوا لهم أن جيش النظام السوري يطلق الرصاص عشوائياً، ويستهدف الجميع بالطلقات الانشطارية التي تفتت العظم مما يصعب معه التجبير أو العمليات العادية.

وأكدوا أن هناك طبيباً أصيب هو الآخر برصاصة انشطارية تسببت له بإعاقة وشلته عن المشي نتيجة «لتفتت عظمه». وحالة أخرى شاهدها الوفد كانت عبارة عن شاب عمره 21 سنة أصيب برصاصة بيده، ولا يستطيع تحريكها نتيجة لتلف أعصابها، مبينين أن لا علاج له في الأردن ويحتاج من يتكفل بعلاجه في الخارج. وشاهد الوفد شاباً اضطر للهرب من سوريا ليعود لاحقاً للاطمئنان على ذويه، حيث وجد أن جده وجدته تعرضوا لتعذيب من قبل قوات النظام بعد فراره، بينما لا يعلم عن مكان زوجته وأبنائه.

وقالوا إن الأردن جهزت مخيماً للاستقبال على الحدود حيث يتم استقبالهم هناك والقيام بالخدمات الطبية السريعة اللازمة، ومن ثم إرسالهم إلى داخل الأردن ليستقروا هناك.

وأشادوا بمساعدات الشعب الأردني الذي فتح أبوابه للاجئين السوريين، مشيرين إلى أن البعض رفض أخذ قيمة إيجار المساكن التي وهبوها لهم، بينما قام آخرون بأخذ مبالغ رمزية في المقابل، مبينين أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمر بعلاج السوريين على حساب الحكومة الأردنية.

الجمعيات التركية تحتاج للمساعدة

وبين الوفد البحريني أن وضع اللاجئين السوريين في تركيا سيئ جداً كون المنطقة الحدودية الفاصلة تسيطر عليها مجموعات من الموالين للنظام، بالإضافة إلى عدم تلقي النازحين الرعاية الطبية والإنسانية بالشكل المطلوب.

وأشاروا إلى أن الجمعيات التركية الخيرية موجودة في المنطقة الحدودية وتحاول تقديم الرعاية الصحية للمصابين ولكنها تعتمد على إمكانياتها المتواضعة، حيث تحتاج إلى دعم كبير نتيجة لزيادة الأعداد وخطورة الإصابات.

وأكدوا أن قوات النظام السوري تستهدف الفئات المثقفة وحاملي الشهادات بصفة كبيرة، وذلك بحسب روايات اللاجئين الذين أشاروا إلى أن قوات الأمن أخذت العديد من الخريجين على شكل دفعات وقامت بحرقهم، ومن كتب الله له النجاة كان مصيره التعذيب بشتى أنواعه.

وقالوا إن تجارة الأعضاء البشرية ازدهرت في سوريا بعد مقتل العديد ممن لا يعلم ذووهم عن أماكنهم، مما شكل مناخاً خصباً للعصابات في سرقة الأعضاء وبيعها في الخارج.

وأكدوا أن اللاجئين يتعرضون للقصف حال نزوحهم لأنهم يضطرون لقطع مسافات طويلة للهرب من سوريا، وهو ما شاهده الوفد في المخيمات جميعها.

وشددوا على أن معنويات الشعب السوري مرتفعة جداً، وهناك العديد من الجرحى الذي يعودون للمقاومة في الداخل بعد تلقيهم للعلاج، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن عدد الشهداء والقتلى كبير مما يشكل مجزرة إنسانية بكل المقاييس.

وقال أحد اللاجئين السوريين، وهو رجل مسن، أنه تعرض للتعذيب والسباب والشتائم له ولطائفته من قبل عناصر الجيش السوري، مشيراً إلى أن عمليات التعذيب يكون فيها إساءة إلى الدين بشكل متعمد.

وبين اللاجئين للوفد أنه وعند ذهاب مجموعة لدفن أحد الأشخاص لابد من عودتها ناقصة أو عدم عودة إي منهم نهائياً، حيث يهاجمهم شبيحة النظام ويستهدفونهم بالرصاص والقناصة.

وأكدوا أن الانشقاقات كبيرة نتيجة لسوء الأوضاع الإنسانية، مبينين أن الانشقاق عملية صعبة جداً كون النظام يقوم بتعذيب أهالي الجندي الذي يتخذ ذلك القرار، ويستهدفهم بالقتل أو بالسجن، حيث يفكر الجندي ملياً قبل اتخاذ أي قرار من ذلك النوع.

مناشدة لمواصلة تقديم التبرعات

وفي الختام، ناشد وفد الجمعية الإسلامية الشعب البحريني والمقيمين على أرض المملكة بتقديم الأموال والتبرعات لمساعدة الشعب السوري الجريح، مؤكدين أن ذلك الواجب ينطلق من المبادئ الإسلامية والإنسانية.

وأكدوا أن المساعدات المادية أفضل من العينية لصعوبة نقل وشحن تلك المواد، مبينين أن الأموال يمكن نقلها بسهولة ويتم شراء الاحتياجات من هناك بصورة أفضل وبحسب حاجة كل عائلة.