لم تمر واقعة نفوق إحدى الزرافات في حديقة ساوث لوانجوا الوطنية بزامبيا، مروراً عابراً دون أن تذكي تساؤلاً طرح نفسه في السابق عمّا إذا كانت الحيوانات تشعر بالحزن كرد فعلٍ منها على نفوق أقرانها، بعد أن رصد علماء الحيوانات رفض إحدى الزرافات ترك جثة صغيرها الذي نفق، في ثالث واقعة من نوعها.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" اليوم الاربعاء إن هذا الجانب السلوكي للحيوان أبرز اعتقاداً لدى العلماء باحتمال أن يكون لدى الحيوانات نوعٌ من "التصوّر الذهني" لفكرة الموت.
ومن المعروف أن بعض الحيوانات الاجتماعية الأخرى أمثال الفيلة والشمبانزي تتفحص جثث موتاها، لاسيما الأقرب في شجرة عائلتها.
ونشرت صحيفة "أفريكان جورنال أوف إيكولوجي" المعنية بشؤون النظام البيئي، تفاصيل واقعة نفوق تلك الزرافة.
ولاحظ فريد بيركوفيتش، خبير علوم الحيوان لدى معهد (بريميت) للأبحاث ومركز أبحاث الحياة البرية بجامعة طوكيو باليابان ومؤسسة الحفاظ على الزرافات ببريطانيا، خلال دراسات أجراها أن أنثى زرافة (ثورنكروفت) في حديقة ساوث لوانجوا الوطنية بزامبيا، أظهرت رد فعل إزاء نفوق وليدها تمثل في مباعدة ساقيها والانحناء على الصغير.. بل ظلت الأم تلعق جثة الصغير لعدة دقائق، قبل أن تستعيد قواها وتنهض واقفة من جديد، ثم ما لبثت أن عادت وكرّرت سلوكها لعدة مرات استغرقت ما يربو على ساعتين برز خلالها مسلك الحرص على تفحُّص الوليد النافق.

سلوك وأسباب

يؤكد العلماء أن أنثى الزرافة عامة من النادر أن تقضي وقتاً بمفردها، لكن هذه الزرافة قضت ساعات مع صغيرها النافق بعيداً عن أقرانها من الزرافات، وأيضا نادراً ما تباعد الزرافات بين ساقيها باستثناء سلوكها أثناء التقاط الطعام أو شرب المياه. إلى جانب ذلك لم تكثر رؤية الزرافات وهي تتفحص جثث أقرانها الميتة.

تدرُّج في الخسارة

وكتب بيركوفيتش موضحا أن رد فعل الأم تجاه وليدها النافق "لم يرصده (العلماء) لفترة طويلة مقارنة بما رصدته الدراسات على الفيلة الإفريقية"، فالدراسات تشير إلى حدوث حالة حزن تخالج الفيلة والشمبانزي، بوصفها أعلى مراتب الحيوانات اجتماعياً، كرد فعلٍ منها على موت أقرانها.
فعندما ينفق أحد اعضاء القطيع تُصاب الفيلة بحالة هياجٍ وتتفحّص الجثة كما تحرص في الوقت عينه على حراستها.
في حين رصدت الملاحظة قيام الشمبانزي بحمل الموتى من الصغار لفترة طويلة.
ويضيف بيركوفيتش أن سلوك الزرافة يشير إلى تدرجٍ في قبولها بالخسارة كرد فعل على الموت، وتأكيداً لذلك تمكث الأنثى أربعة أيام إلى جوار صغيرها الميت الأكبر عمراً.
وعلى الرغم من أن سلوك الفيلة والقردة يشير إلى أن بعض الثدييات قادرة على تصوّر فكرة الموت، فإن بيركوفيتش مازال يتناول الطرح بحذر.