كتبت - منى المطوع:
مريم إبراهيم حسن مواطنة من سكنة محافظة المحرق لم يتجاوز عمرها الـ26 ربيعاً أطلقت بمشاركة شقيقها محمد مشروع خيري تطوعي يخدم أكثر من 100 منزل محتاج وفقير تحت عنوان “نعمة دائمة “ لحبها لخدمة المحتاجين والفقراء من منطلق الواجب الإنساني والمسؤولية الاجتماعية.
تحكي مريم فكرة مشروعها تقول: قبل رمضان بشهرين أطلقت هذا المشروع الخيري وجاءت فكرته بعد متابعتي لبرنامج على أحد القنوات الخليجية لمواطنة كويتية تقوم بجمع ما يتبقى من طعام الولائم والعزائم وتعيد توزيعه على الفقراء؛ في الواقع أعجبتني فكرتها كثيراً وبدأت التفكير في تطبيقها لكن لظروف عديدة لم استطع بدء مشروعي ومباشرته وذات ليلة بعد أن أصبحت ظروفي ملائمة لمعت الفكرة في رأسي من جديد وقررت تنفيذها فوراً.
وفكرة المشروع تقوم على حفظ الطعام الصالح والمتبقي أو الزائد من الولائم والعزائم وحفظه بدلاً من رميه وسكبه في القمامة وأخذه للأسر الفقيرة والمحتاجة.
«نعمة دائمة»
أما عن سبب تسمية المشروع بهذا الاسم فتقول : اجتهدت في البحث عن اسم مميز لمشروعي وجاء في بالي كلمة “ نعمة دائمة “ التي عادةً ما نقولها عندما ننتهي من تناول الطعام لذلك فكرت أن يكون اسم مشروعي هكذا كونه يأخذ الطعام المتبقي من الولائم والعزائم التي تعد من نعم الله علينا كي يكون دائم يدوم كنعمة عند الفقراء والمحتاجين يطعمهم بدلاً من أن يرمى ويترك.
وتروي أن أول خطوات ظهور مشروعها جاء عن طريق أدوات التواصل الاجتماعي حيث قامت بكتابة “ برودكاست “ في البلاكبيري وبرنامج الـ« وتس أب “ يحكي بشكل مختصر فكرة المشروع وتعميمه وذيلته برقم هاتفها وهاتف شقيقها كما لجأت إلى موقع الفيسبوك والتويتر الذي وجدت بالأخير منهما تجاوباً كبيراً عليه.
وتحكي مريم: لم أتوقع هذا التجاوب في أول أيام ظهور المشروع حيث انهالت الاتصالات يومياً من أشخاص يستفسرون حول طريقة المساعدة والمشاركة بالمشروع ومن أشخاص آخرين يرغبون بالتأكد من صحته واسعدني كثيراً تجاوب أصحاب الخير معي الذين كانت كلماتهم من نوع “ كيف نستطيع المساعدة في المشروع؟ “ وقاموا بتسجيل رقمي لديهم حتى يتصلوا بي حال وجود مناسبات وعزائم لديهم للتنسيق معي.
بدأنا بالمحرق ومدينتي عيسى وحمد والرفاع
وحول آلية العمل المتبعة وطريقة توزيع الطعام على المحتاجين قالت: لدي بكل منطقة من المناطق التي أقوم بتغطيتها نساء كنت اعرفهن من السابق ونسقت معهم للتوجه إلى المنازل المحتاجة ومساعدتهم كما إنني أتعامل مع مجموعة الناشطة الخيرية رحمها الله مريم السعد المشهورة بمساعدة فقراء المحرق سابقاً وهذه المجموعة أرشدتني للعديد من المنازل الفقيرة والمحتاجة في مختلف مناطق المحرق لذلك توسعت دائرة مشروعي أكثر وامتدت لتصل إلى بعض المنازل في مدينة عيسى وحمد والرفاع حيث كانت تردني الكثير من الاتصالات من أصحاب الأيادي البيضاء من منطقة الرفاع ونظراً لكوني أعمل لوحدي مع شقيقي اتفقت مع مجموعة من النساء اللواتي أثق فيهن بمدينة عيسى بتولي مهمة إيصال الطعام للمنازل في مدينة حمد وعيسى والرفاع فيما كثفت جهودي أنا بمنطقة المحرق.
20 اتصالاً أسبوعياً
وأضافت: فور وجود مناسبة يتصل بي أصحابها وأتوجه اليهم فوراً لاستلام الطعام الصالح الذي لم يؤكل منه وأقوم بتوزيعه في نفس اليوم على منازل الفقراء والمحتاجين الذين اعرفهم أو اتصل بالنساء اللواتي نسقت معهن بالمناطق الأخرى لإيصاله لهن كونهن يعرفن المنازل المحتاجة في مناطقهم السكنية أما إذا تم الاتصال بي في وقت متأخر من الليل أتجه أنا وشقيقي إليهم ونقوم بتخزينه لليوم التالي، ونحن في الغالب نخزن الأطعمة التي لا تتلف كالأرز والكعك حتى نقوم بتوزيعها في اليوم التالي، وقمنا حتى الآن بمساعدة 100 منزل نتواصل معهم ونتجه بالطعام لهم حال اتصال أصحاب الخير بنا ويردني في الأسبوع 20 اتصالاً تقريباً وهذه النسبة متغيرة تعتمد على عدد المناسبات الأسبوعية.
عائلات لا تعرف أصناف الطعام
وتشير مريم إلى أن أكثر شيء صدمها وأثّر فيها هي عندما كانت تتجه إلى بعض منازل العائلات البحرينية الفقيرة فتجدهم لا يعرفون أصناف الطعام التي تعطيهم إياه خاصةً الكعك والحلويات ويخبرها أطفالهم ونسائهم بأنهم لأول مرة يتعرفون على هذا النوع من الطعام كون وجبتهم الغذائية دائماً ما تكون خبز وروب ونخي !!
وتستطرد : اتجهت لأحد المنازل وكان معي عدداً من الحلويات منها الـ« كب كيك “ وآلمني منظر الأطفال الفرحين بها وهم ينتظرون متلهفين موعد الإفطار لتناولها ويسألونني عن اسمها، كما كانت هناك عائلات لا تعرف الطعام العادي الذي نأكله يومياً من المطاعم أو في الولائم والمناسبات وتستفسر عنه، وأستطيع أن أقول إن مشروعي انتعش كثيراً خلال الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك حيث كنت لا استطيع تغطية الاتصالات الواردة، كما كان الكثيرون يتصلون بي لمنحي “ لحم الذبائح “ الذي يوزع لوفاة أحد أفراد أسرتهم، أما الآن وفي العشر الأواخر فقط بدأت الاتصالات تقل كثيراً وربما هذا يعود لانشغال الناس بقيام الليل، كما قام البعض بمنحي ملابس لتوزيعها على المنازل المحتاجة وقمت بمنحهم للنساء اللواتي أنسق معهن لتوزيعها على أطفال وشباب الأسر المحتاجة.
عائلات بحرينية لا تجد ما تأكله
وتؤكد مريم وجود العديد من الأسر البحرينية المحتاجة التي قد يصدم البعض من حال معيشتها وأنها حقاً لا تجد ما تأكله أو تطعم به أطفالها، كما إن هناك عائلات طعامها اليومي يكون أطعمة بسيطة جدا كالخبز والجبن والروب معلقة : أخذت ذات يوم حقيبتين كبيرتين من حقائب السفر مملوءة بالملابس المتبرع بها وصدمت عندما اكتشفت أنها وبنفس اليوم وزعت كلها ولم يتبقى منها قطعة، كما وجدت أن هناك العديد من النساء اللواتي بحاجة فعلاً لخدمتهن ومساعدتهن لعدم وجود معيل لهم حيث زرت مؤخراً إحدى النساء بفريج العمامرة وهي امرأة مقعدة في الفراش وحالتها الصحية في تردي وذكروا أنه لا يوجد لها علاج بالبحرين ويجب إرسالها للخارج وحاولوا إيجاد متبرع لها يتكفل بمصاريف علاجها إلا أنه لم تكن هناك استجابة لذلك وأخذت نسخة من تقاريرها الطبية وأبحث حالياً عمن يتكفل بها، كذلك دخلت يوماً على منزل امرأة بحرينية قطعت رجلها ولله الحمد مجموعة مريم السعد الخيرية تقوم بمساعدتها إلا أنها بحاجة للمتابعة أيضاً.
وتشير إلى أن مشروعها يتولى استلام الأطعمة والملابس فقط وأنها تمانع في أخذ المساعدات المالية خلال الفترة الحالية لعدم وجود الخبرة الكافية لديها في طريقة توزيع الأموال ولكونها تخشى منح المال لأشخاص قد لا يكونوا محتاجين لها بشدة في حين هناك أناس أعوز منهم فتوزيع الأطعمة على المنازل المحتاجة يكون أفضل من رميه أما مسألة المال وتوزيعه فطريقتها مختلفة والمعادلة فيها صعبة خاصة عندما تكون بحوزتك أموال أشخاص آخرين كأمانة، مؤكدة حرصها على البقاء على المستوى الذي تعمل فيه وتتحرك خلاله.
جمعية خيرية باسم المشروع
وأبدت مريم طموحها بأن يستمر مشروعها بشكل دائم ويزدهر بحيث يخدم كافة الأسر المحتاجة بجميع مناطق البحرين وأن يتوج بتأسيس جمعية خيرية تحمل اسم مشروعها “ نعمة دائمة “ وأن يكون لها مستقبلاً إمكانياتها التي تخدم المشروع وأن يكون لها باص صغير تتولى من خلاله عملية نقل الأطعمة والملابس حيث إنها حالياً تستعمل سيارتها وأشيائها الخاصة وهي متفائلة بأن يبرز المشروع خلال الثلاث أو الخمس سنوات القادمة وأن يتفاعل المجتمع معه.
للتواصل معنا
وتختتم حديثها بالقول : أشعر بالذنب عندما أكون في مطعم ما ويزيد الطعام الذي لدينا ودائماً ما أطلب أنا وبنت خالتي أن يلف لنا كي نعطيه لأي عامل نراه في الشارع ، وأدعو الشباب للقيام بالشيء نفسه وهو من أبسط الأمور لحفظ النعمة بدلاً من رميها في القمامة أو تركها على طاولة المطعم والمضي عنها. كما أتمنى أن يبادر الشباب بمشاريع مماثلة تخدم المجتمع وتحقق التكافل الاجتماعي فهناك أفكار عديدة وبسيطة جداً من الممكن أن ينال عليها الشاب الكثير من الأجر والثواب كما أنبههم إلى أنه لا أحد يستطيع أن يتخيل مدى الشعور الجميل الذي سيصاحبه عندما يخدم الآخرين ويستمع إلى دعواتهم وكلمات شكرهم له وأنوّه أن باب المشاركة والتعاون معي في مشروعي مفتوح لمن يود ذلك فليتصل على رقم المشروع 36555424 أو رقم شقيقي محمد 36141412.