خلص استطلاع أجرته مجموعة استشارية إلى أن معظم المدراء التنفيذيين يرون أن هناك صلة بين التنوع والنجاح التجاري للشركات، وأن 85 % من المؤسسات الرائدة ترى أن التنوع بين الجنسين يأتي كأولوية قصوى فيما يتعلق بقضايا التنوع الأخرى.

وأشار الاستطلاع الذي أجرته "ذا بوسطن كونسلتينج جروب" إلى أنه رغم ما سبق فإن واحدة من كل خمس شركات استراتيجية تتبع استقطاب تستهدف المواهب النسائية، وتوفر واحدة من كل أربع شركات فرص عمل في مناصب إدارية. ويلاحظ في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي أن أبسط الإجراءات الأساسية الخاصة بالمرأة، مثل شبكات التعارف أو برامج التدريب المهني أو برامج التدريب على التنوع للمديرين - التي ظهرت على نطاق واسع في الأسواق الأكثر نضجاً- تعد ناقصة. بالرغم من ذلك، انه من غير الممكن لهذه الإجراءات بمفردها أن تترجم التنوع بين الجنسين إلى منافع تنافسية للشركات، حتى في البلدان التي تقوم بتطبيق تلك التدابير حالياً مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.
هذه هي الاستنتاجات الرئيسية التي جاءت في دراسة تحت عنوان : اختراق حاجز السقف الزجاجي: نظرة تحليلية حول سبل الارتقاء بالمرأة وتمكينها من شغل مناصب قيادية، والتي شملت نحو 100 مديراً للموارد البشرية في 44 شركة عالمية. وتسلط الدراسة الضوء على أكبر الحواجز المؤسسية والشخصية التي تمنع المرأة من شغل مناصب قيادية، وتستعرض أيضاً أمثلة عن أفضل الممارسات، وتقدم أسلوب عمل منهجي لتعزيز دور المرأة في الإدارة.
إدارة المواهب المهنية الداخلية هي إحدى أكبر العوائق
يشير استطلاع "ذا بوسطن كونسلتينج جروب" إلى أن غالبية الشركات قامت بتحليل إدارة التنوع في سياق الجوانب الأخلاقية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن تبني نهج عمل استراتيجي من الممكن أن يساعد في تقصير فترات دورة الإبداع والابتكار وتمكين الشركات من التركيز على أسواق وعملاء جدد.
إن التحدي الأكبر الذي يواجه المؤسسات لا يكمن في نقص الوعي حول مسألة التنوع، بل في عدم القدرة على تحديد السقف الزجاجي الخاص بكل شركة كما ينبغي. ويقول الدكتور سفن أولاف فاتجي، الشريك والمدير الإداري لـ »ذا بوسطن كونسلتينج جروب« في مكتب أبوظبي: "إن سبب غياب المرأة عن المناصب القيادية يعود في المقام الأول إلى مشكلة إدارة المواهب الداخلية، وأن المرأة تتلقى قدراً أقل نسبياً من الترقيات." وأضاف فاتجي قائلاً: "في الشرق الأوسط، لم يتم تحديد معالم دور المرأة في القوى العاملة المنتجة حتى الآن. وهذا أمر مثير للدهشة لاسيما في ضوء طموحات الحكومة الرامية إلى تحقيق مزيد من التقدم في توطين القوى العاملة. وخلاصة القول، لا يمكن التغلب على مشكلة شح المواهب القيادية إلا من خلال الاستعانة والاستثمار التام بالمواهب والإمكانات النسائية."
وبحسب تقرير "ذا بوسطن كونسلتينج جروب"، من أكثر العوائق التي ذكرها المستطلعون في هذه الدراسة هي سوء إدارة تطوير المهارات القيادية لدى المرأة، وثقافة الحضور المكتبي، وصعوبة التوفيق بين المنزل والوظيفة، وعدم وجود برامج للنساء اللواتي يغادرن ويلتحقن فيما بعد بالقوى العاملة، وظاهرة اختيار الذكور أكثر من الإناث في الترقيات الوظيفية.
وأوضح الدكتور فاتجي بقوله: "من الممكن لدول مجلس التعاون الخليجي، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة أن تلعب دوراً عالميا بارزاً في الاندماج الكامل للمرأة في أماكن العمل. وتدل الإحصائيات على أن الشابات الإماراتيات هن الأفضل تعليماً بين نظيراتهن، وغالباً ما يظهرن سلوكيات عمل قوية." ونوّه الدكتور فاتجي بالقول: "النساء في دولة الإمارات العربية المتحدة، على عكس أقرانهن الغربيات، عادة ما يتزوجن وينجبن أطفالاً في سن مبكر من حياتهن، الأمر الذي يمكنّهم من الانضمام إلى القوى العاملة ككوادر إدارية موهوبة دون إجازة عائلية إضافية خصوصاً في ضل الدعم المحلي القوي في معظم البلدان الخليجية."

نظرة تحليلية فاحصة للشركات
تطبق الشركات من مختلف القطاعات مجموعة متنوعة من الإجراءات الرامية إلى زيادة التنوع بين الجنسين في القوى العاملة. وباعتبار أن معظم هذه الإجراءات غير قائمة على أساس المعايير الكمية، فإن الإدارة المستهدفة تبقى، على أية حال، مسألة محيّرة. 35 في المائة فقط من الشركات التي شملها الاستطلاع أدخلت التنوع في اتفاقيات الأهداف المتوجب على المدراء تحقيقها، وعرضت واحدة من كل خمس شركات لمدرائها حوافز مالية لتحقيق أهداف التنوع.
وتظهر دراسة "ذا بوسطن كونسلتينج جروب" كيف أن الأسلوب المنهجي والاستراتيجي من الممكن أن يجعل من إدارة التنوع عاملاً مهماً للنجاح. والأهم من ذلك، هذا لا يعني أنه يتعين على المؤسسات بذل مزيد من الجهد في المبادرات التقليدية، مثل البدء في طرح المزيد من برامج التمييز الإيجابي أو تعيين المزيد من النساء في مجالس الإدارة. ويقول الدكتور فاتجي: "إن الأمر لا يدور حول النسب العشوائية أو أي برامج أخرى للتدريب على التنوع، بل يتعلق بالإلمام المحكم بكيفية تمكن المؤسسات من استقطاب موظفين موهوبين من الجنسين والاحتفاظ بهم وترقيتهم، حتى يتسنى لها تحديد مواطن الضعف من حيث التنوع بين الجنسين."
إن مثل هذا النهج يبدأ بإجراء "نظرة تحليلية فاحصة" تقوم على التحليل الكمي والنوعي من أجل معرفة الأسباب التي أدت إلى اختلال التوازن في تنوع الموظفين، ولتحقيق القبول حول جهود التنوع بين الجنسين داخل الشركة. وفي المرحلة التالية، يتم التوصل إلى معرفة الأهداف والإجراءات التي من شأنها تعزيز نجاح أعمال الشركة. هناك ثلاثة عوامل وهي: استقطاب الموظفين والاحتفاظ بالموظفين وتطوير الموظفين، ينبغي تحليلها تبعاً لذلك عن طريق استخدام مؤشرات أداء رئيسية محددة. من إحدى الأمثلة المفيدة عن مؤشرات الأداء الرئيسية، تصنيف عدد التعيينات والترقيات الجديدة للموظفين من الذكور والإناث بحسب وحدة العمل والمجموعة الوظيفية وموقع الشركة.
تسلط الاستطلاعات والمقابلات التي أجريت في الخطوة الثانية الضوء على المشاكل الرئيسية وحالات الخلل من وجهة نظر الموظفين من الذكور والإناث، كما تركز على التدابير التي تم تطبيقها بنجاح في الشركة.
واختتم الدكتور فاتجي بالقول: "نحن في »ذا بوسطن كونسلتينج جروب« ندرك بأن الشركات التي تتمكن من تطوير النساء المؤهلات لشغل مناصب قيادية تستفيد من ميزة الجاذبية كصاحب عمل يحظى بالتقدير. بالإضافة الى ذلك، غالباً ما تتفوق مثل هذه الشركات من حيث الأداء على نظيراتها في القطاع ذي الصلة، فالتنوع بين الجنسين يؤتي ثماره من الناحية التجارية."