كتب - طارق مصباح:

منذ بداية السبعينات عندما بنيت لأهالي المحرق بيوت سكنية في مجمع 207 بالمحرق، والسكان يحلمون جيلاً بعد جيل بأن يعيشوا وسط آبائهم وأجدادهم في هذا المجمع في المحرق.

لقد أجريت قبل أقل من عام من الآن؛ تحقيقاً تناولت فيه مطالب أهالي المجمع في إقامة مجمع سكني لهم مكون من وحدات سكنية، وكنت قد أبرزت بشكل كبير رفض الأهالي التام لإقامة عمارات سكنية أو شقق تمليك ضمن المشروع، لكن، بعد سنوات من التوجيه السامي لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، بحل مشكلة العمارات القديمة التي كان يسكنها هؤلاء المواطنون ونقلهم إلى شقق أخرى قريبة وإعطائهم بدل سكن إلى حين بناء الوحدات السكنية في هذا المجمع ليعودوا إليها، نجد الأمر اليوم في “لف ودوران”، ووعود، يجدها الأهالي بلا أمل، مؤكدين سأمهم لعدم تجاوب وزارة الإسكان.

يحاول أهالي مجمع 207 بالمحرق في “فريج الدفنه”، أن ينقلوا معاناتهم عبر هذا التحقيق ، متوجهين إلى “الرجل الذي لا يخيب سائله ولا يرد طالبه ولا يخذل قاصده سمو رئيس الوزراء” معربين عن ثقتهم “بكلمة الفصل التي سينتشل بها هذه العوائل التي لم تعرف في حياتها سوى الولاء للأسرة الخليفية المالكة ولتراب هذه الأرض الحنون”.

السكن حق لنا

من بين أبرز الناشطين الاجتماعيين في المنطقة طه القلداري، أكد أنه تبادر إلى أسماع سكان المجمع أن المشروع السكني الجديد سيلبي طلبات لأشخاص ليسوا من سكنة المجمع، معقباً: “لا يمكننا أن نقبل بأن أن تذهب الطلبات لغير سكن هذا المجمع، ممن تربى في أحضانه لأكثر من 30 سنة، وعاش في شقق مؤقتة إلى أن أصدر رئيس الوزراء أمره بإزالتها وبناء مشروع سكني مكانها”. واستطرد القلداري: أن “الوزير الأسبق للإسكان تلمس احتياجات الأهالي ووجه لأن تكون طلباتهم هي الأولى للمشروع، لأنهم هم من سكن هنا لسنوات طوال وهم أبناء المنطقة، فكيف تريد وزارة الإسكان اليوم أن ينافسهم فيه سكان بقية المناطق والمحافظات”؟!

وأكد القلداري رفض الأهالي فكرة إنشاء عمارات فيها شقق تمليك، مضيفاً: “لدينا صورة سلبية عن تلك الشقق، فقد حدثت مشاكل اجتماعية كبيرة سابقاً ولا نريد أن تتكرر مستقبلاً. لقد خرجنا في اعتصامات وتكلمنا مراراً وتكراراً في الصحف لكن وزارة الاسكان لا تستجيب لنا ولم يلتفت إلينا أحد من المسؤولين رغم أن مطالبنا مشروعة وتحقق الأمن والاستقرار والطمأنينة للمواطنين وللأجيال المقبلة، وتعتبر تخطيطاً سليماً للمجمع على المدى البعيد”!!

تبنى أمامنا وتذهب لغيرنا

أما عبد الله علي حسن “57 سنة” والذي سكن المجمع منذ 1990 أي ما يقارب 22 عاماً في عمارة سكنية، فقد ضاق عليه السكن مع أبنائه وأحفاده في السنوات القريبة الماضية، وبعد أن هدمت العمارات القديمة وتم نقله مع عدد من الأسر إلى الشقق المؤقتة في المجمع، لايزال يحلم بأن يكون ضمن المستفيدين من الوحدات السكنية التي تُبنى أمام عينه صباح مساء. يتساءل حسن: ما الذي يمنع أن تكون الأولوية للمستفيدين في الوحدات السكنية لمجمع 207؟ أنهم أهالي المجمع ممن سكنوا الشقق حتى باتت آيلة وخرجوا منها؟!.

من جانبه قال عبد الرحمن إبراهيم “43 سنة”: إن هناك أخباراً تتناقل من مصادر موثوقة مفادها أن مشروع الوحدات السكنية التي ستبنى ليس بالضرورة أن يستفيد منها سكان مجمع 207! وعلق: أن “سياسة وزارة الإسكان جانبت الصواب. لماذا لا يحصل المحرقيون على ما يحصل عليه سكان باقي المناطق”؟!.

لكن عبد الرحمن سلمان “40 سنة”، أشار إلى وجود عمارات فيها “شقق للتمليك” تبنى إلى جانب وحدات سكنية في المجمع، متسائلاً: هل هذا يرضي الأهالي؟ أرفض بشكل مطلق بناء عمارات سكنية إلى جانب الوحدات السكنية في المجمع.

وأكد سلمان أن مشكلة مواقف السيارات في المجمع ستزداد بشكل أكبر مما هي عليه الآن، مشيراً إلى قيام بعض سكان المجمعات القريبة بإيقاف سياراتهم في مجمع 207 ، متسائلاً: كيف الحال سيكون بعد بناء هذه العمارات؟!

بدوره طالب راشد المناعي بمنع بناء هذه العمارات، وبأن يبنى مكانها نادٍ رياضي وملاعب ومركز شبابي ومواقف للسيارات.

الشباب خائفون على مستقبلهم

يبدو أن هذه القضية تؤرق مضاجع الشباب أيضاً، فمن جهتهم طالب شباب “الفريج” بزيادة مساحة الوحدة السكنية أسوة ببقية المشاريع السكنية في بقية محافظات المملكة، مستغربين من تجاهل وزارة الإسكان لهذا المطلب. وذكر الشباب أن الوزارة قامت بتصغير حجم البيوت وتخصيص مساحة لبناء 3 عمارات سكنية!. وقال فهد بو عبد الرحمن “34 سنة” – الذي يسكن مع زوجته وطفليه في بيت أهل زوجته بعد أن ضاق به منزل والده الكبير في السن الذي يعيش مع بقية إخوانه- “صعب عليَّ أن أعيش بعيداً عن والدي وأتمنى أن أحصل على وحدة سكنية في المجمع نفسه، هذا مطلب جميع سكان المجمع ممن لديهم طلبات إسكانية حفاظاً على نسيج المنطقة كما تفعل وزارة الاسكان في بقية القرى والمناطق”.

واتفق معه راشد الفايز “25 سنة” الذي يسكن مع والدته وزوجته في شقة إسكان مؤقتة: “تريد الوالدة الاستقرار في بيت دائم بعد 30 سنة من السكن في شقة مؤقتة وياليت ذلك يكون في المجمع نفسه”.

الأرامل: نحن أولى من غيرنا

بالمقابل أعربت المطلقات والأرامل عن رغبتهن العودة إلى المجمع نفسه والحصول على “بيت العمر”. من ضمنهن سميرة أحمد عيسى، التي سكنت في العمارات القديمة في المجمع منذ بداية التسعينات وانتقلت اليوم الى البسيتين في شقة مؤقتة مع ابنها وابنتها، وكواحدة من المطلقات ترغب بأن تؤمن مستقبلاً آمناً لأبنائها الكبار، مطالبة بوحدة سكنية في المجمع نفسه، مردفة: “نحن أولى من غيرنا..”.

نسكن في شقق مؤقتة

ومن ناحيته أعرب رئيس اللجنة الأهلية بمجمع 207 سيف أحمد سيف، عن شكره سمو رئيس الوزراء نيابة عن قاطني المجمع لوقفة سموه التي يعتز بها الأهالي، مشيراً إلى أنها وقفة “ليست غريبة على بوعلي الذي دائماً ما يزور المحرق ويلبي طلبات سكانها الذين يكنون له عظيم الحب والاحترام في قلوبهم ونفوسهم”، مناشداً رئيس الوزراء نيابة عن الأهالي التدخل المباشر.

إن سيف يسكن في شقة مؤقته منذ 25 سنة مع 8 أفراد من عائلته بين أبناء وأحفاد، ويخشى كما يخشى بقية الأهالي أن يتم توزيع الطلبات الإسكانية في المجمع على مواطنين من خارج المجمع.

وبين سيف أن الأهالي يطالبون بتلبية طلباتهم الإسكانية وأن يرجع من خرج من الشقق إلى هذه البيوت أولاً ثم ليأتي من يأتي من خارج المجمع، مؤكداً لأن ذلك من حق المواطنين الذين سكنوا في المجمع لحوالي 30 سنة في بيوت قديمة أو شقق تهاوت جدرانها وخرجوا منها حفاظاً على هوية المجمع وتركيبته السكانية حباً في أرض المحرق واستمراراً للعشرة الأخوية التي استمرت لسنوات طوال.