^  حين كتبت هذه العبارة في تحقيق صحفي لي حول أوضاع السنة ومساجدهم في إيران، كذبني بعضهم، واستغرب آخرون وعدوها مبالغة، وتوقع آخرون أنها ليست أكثر من عبارة قامت على معلومة ملفقة أو مدسوسة، ترى ما الذي يقوله هؤلاء جميعاً والعبارة نفسها تأتي على لسان صحفي يهودي زار إيران مؤخراً؟؟ فقد قال الكاتب الإسرائيلي “عاموس عوز”، عقب زيارته مع وفد من منظمات يهودية عالمية للاطلاع على أحوال الأقلية اليهودية في إيران: إن اليهود في إيران يعانون بسبب السياسة الحالية في إيران ومنعهم من السفر إلى إسرائيل والتواصل مع أقاربهم داخل إسرائيل بصفة مباشرة، إلا إن اليهودي الفارسي يعد أحسن حالاً من وضع المسلم السني في إيران. ويضيف عاموس: “في زيارتي إلى طهران تخوفت كثيراً مما سمعته من قبل عن النظام الإيراني المتشدد حيال إسرائيل وأمريكا فكلمة الموت لإسرائيل وأمريكا لطالما كانت لغة الحوار السائدة في إيران، وزاد خوفي أكثر عندما تم اختياري ضمن وفد يهودي يضم أفراداً من منظمات يهودية مختلفة حول العالم لتوثيق حال الأقلية اليهودية في إيران والتي تقارب 30 ألف يهودي يعيشون في مختلف المدن الإيرانية ويتمركز جلهم في مدينة أصفهان الإيرانية، فقررت قبل أن أنضم إلى هذا الوفد أن أتخلص من أي دلائل تفيد بأني إسرائيلي حتى ملابسي وأدواتي التي كتب عليها عبارة “صنع في إسرائيل”، وأخذت جواز السفر الكندي الخاص بي وانطلقنا من مطار مونتريال - تورنتو إلى مطار طهران، كانت لحظات رهيبة عندما حطت الطائرة في مطار طهران وشاهدت رجال الأمن الإيرانيين وكأني وصلت إلى أرض وشعب يعيش خارج كوكبنا، حتى إن أحد زملائي في الوفد قال لي: لا تقلق، بعد أن لاحظ علامات الخوف والهلع تنتابني، تم ختم جوازاتنا وكان الاستقبال عادياً، ووجدنا في المطار وفداً من يهود طهران بانتظارنا، رحبوا بنا وأخذنا السيارة إلى أحد الفنادق، وفي اليوم التالي من رحلتنا بدأنا جولة تفقدية للمعابد اليهودية في طهران واستغربت كثيراً مما شاهدته في هذه المعابد من فخامة في البناء والزخارف المعمارية والتي طعمت بطابع الفن المعماري الفارسي، واستغربت أكثر عندما سمعت أن في طهران لوحدها أكثر من 12 معبداً “كنيس” لليهود، كما توجد 10 مراكز لبيع لحم الكاشر المذبوح على الطريقة اليهودية في طهران، كما يوجد أكثر من 85 معبداً “كنيس” لليهود في مختلف المدن الإيرانية، بصراحة لقد وجدت اليهود في إيران يعيشون حياة شبه عادية على الرغم من وجود بعض المضايقات من الحكومة إلا أنها لا تذكر وليست كما كانت في مخيلتي قبل وصولي إلى أرض إيران، ولفت انتباهي خلال جولتي في أحد أحياء طهران، مجموعة من الصبية يلعبون كرة القدم في مسجد شبه مهجور، ولم يخطر ببالي أن يكون هذا مسجداً، فسألت “يعقوب صديقبور” وهو أحد اليهود الإيرانيين الذين كانوا برفقتنا، ما هذا المكان فقال لي: هذا مسجد، فتعجبت مما سمعت وشاهدت، فقلت ليعقوب أليست المساجد تعد أماكن مقدسة لدى المسلمين فلماذا نشاهد الصبية يلعبون الكرة فيها وهي مهجورة بهذا النحو ونحن موجودون في أكبر دولة إسلامية، فأجابني يعقوب عن اندهاشي هذا بقوله هذا “مسجد سلمان عبدالقادر” وهو أحد مساجد السنة في طهران، ويمنع عليهم ترميمه أو حتى أداء الصلاة فيه بنحو علني، وأن من يصلي فيه هم بعض العمال الهنود والأفغان بنحو غير منتظم، فزاد فضولي لمعرفة المزيد عن أهل السنة في إيران، وبدأت أسأل عن أحوال الأقلية السنية فتوصلت إلى نتائج مذهلة تفيد أن عدد السنة في طهران لوحدها مليون ونصف مسلم سني ولا يمتلكون مسجداً سنياً واحداً لهم في طهران كلها، كما إن عدد السنة الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم خلال الخمس السنوات الماضية يزيد على 1500 شخص وأن عدد المعتقلين السنة في السجون الإيرانية يزيد على 4000 شخص!! ولا تعليق إضافياً وأترك الحكم لمن اعترضوا على عبارتي تلك (اليهود أحسن حالاً من المسلمين السنة في إيران).