بعد أكثر من سنة من الأزمة التي شهدتها البحرين، وصلنا إلى مفترق طرق، يتطلب اتخاذ قرارات شجاعة من الجميع للخروج من هذه الأزمة المرهقة والتقدم نحو استعادة المجتمع استقراره ووحدته التي شهدت تهديداً حقيقياً، والتقدم نحو بناء ديمقراطية توافقية حقيقية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الجميع، ولا شك أن هذه الشجاعة في التقدم نحو حل الوسط المشار إليه يقتضي اتخاذ عدة خطوات مهمة، منها على سبيل المثال: أولاً: المطلوب من الجميع الاعتراف بالأخطاء وإجراء مراجعة جادة وحقيقية مثل جميع الأحزاب المحترمة في العالم حتى وإن اقتضى الأمر تغيير القيادات- استعادة الثقة- مراجعة التحرك العقيم على الأرض بالتحرك السياسي الممنهج عبر قنوات للتفاوض والحوار الجاد لاقتناص ما هو ممكن أو متاح في اللحظة. ثانياً: التوقف عن الاعتماد على العامل الخارجي الذي يعقد الأمور ولا يسهلها، فضلاً عن كونه المتقلب والمتغير والاعتماد، بدلاً عن ذلك على القوى الوطنية، باستعادة خطاب متوازن ومعتدل يقول بشرعية الحكم وبالحاجة إلى المزيد من الإصلاح والعدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وليس بين الطوائف. ثالثاً: ضرورة مسارعة السلطة في التوجه نحو الحل، باتخاذ ما هو مناسب وممكن من الخطوات الضرورية لتجاوز الوضع الراهن، استكمالاً للخطوات الشجاعة التي اتخذتها في السابق، والتي كانت واضحة منذ بداية الأحداث، وهي الشجاعة التي جعلتها تشكل لجنة تقصي الحقائق المستقلة، وجعلتها في نفس الوقت تقبل وتلتزم بالتوصيات الواردة في تقرير اللجنة بغض النظر عن سرعة التنفيذ، ولكن بالرغم ن أهمية هذه الخطوات فإن على السلطة أن تتقدم خطوة إضافية نحو التشجيع على الحل وبشكل مباشر، بما يساعد الخروج من حالة الانتظارية لأن عامل الوقت لا يخدم الجميع، إذ لم يعد يكفي إجراءات طي ملف الأحداث المؤلمة بجانبها الحقوقي على فقط، عن طريق معرفة حقيقة ما حدث، ثم بالمحاسبة والجزاء وتحميل المسؤوليات، ودفع الضرر، واستعادة الثقة، بالإنصاف والعدالة والارتقاء بالعمل الحقوقي إلى أعلى مستوياته الإنسانية، فالأزمة تحتاج أيضاً إلى معالجة سياسية. رابعاً: ضرورة أن تتحلى المعارضة بقدر من الشجاعة السياسية تجاه ما جاء في تقرير بسيوني بداية، كأن تعترف بوجود أخطاء وانتهاكات، وتعتذر عنها، خاصة الاعتذار عن تلك التجاوزات من الجماعات التابعة لها أو المحسوبة عليها، إبان تلك الأحداث المؤلمة، بما في ذلك عمليات الاعتداء وقطع الطريق، حيث إن المعارضة، وفي مواجهة هذا التقرير ماتزال في موقعها، دون أن تتزحزح عن مواقفها. وعلى الصعيد السياسي يتوجب على المعارضة أن تخطو خطوة سياسية تشجع على الالتقاء عند منتصف الطريق، أي بالتوقف عن الموقف الحاد المتمثل في الشروط المسبقة التي لا يحظى بعضها بالقبول ولا يمكن أن تساعد على التقدم نحو حل وطني توافقي. وإذاً فإن الحل يوجب على الجميع أن يتحرك من منطقته التي يقف عليها إلى منطقة الوسط، وأن تكون هنالك إرادة حقيقية لتجاوز الأزمة وللوصول إلى حلول توافقية وطنية تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف وطموحاتهم التي يمكن تحقيقها، ضمن شعار لا غالب ولا مغلوب، حتى يكون الوطن هو المنتصر في النهاية، أما الإبقاء على الوضع الحالي فلن يخدم أحداً: السلطة أو المعارضة أو بقية القوى الحزبية الأخرى ولا المجتمع في النهاية.