كتبت - هدى عبدالحميد:

تتطلع وزارة التربية والتعليم لتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال في عمليات التعلم على أسس تربوية مدروسة، بحيث تكون موجهة نحو تزويد الأجيال الناشئة بالكفايات والقيم والمهارات الأساسية اللازمة للتحول بمملكة البحرين إلى مجتمع المعلومات والاقتصاد القائم على المعرفة وما يعرف بـ»Knowledge-based Economy».

وأشارت الوزارة إلى أهمية مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل الذي طبقته، وتتطلع من خلاله إلى الانتقال إلى مرحلة متطورة من التعليم الذي يعد أبناءنا الطلاب لموكبة التطورات الراهنة في مجالات التكنولوجيا، كما يعتبر نقلة نوعية من التعليم التقليدي إلى التعليم المستقبلي القائم على توظيف تكنولوجيا المعلومات وتطوير النظام التعليمي في المملكة تطويراً نوعياً، والارتقاء بمخرجاته لتسريع وتيرة التنمية البشرية والوطنية.

وبينت أن هذا المشروع يدعم بشكل مباشر؛ توجه المملكة للتحول بالعمل الحكومي إلى منظومة الحكومة الإلكترونية، وتكمن أهميته في الإمكانات الكبيرة التي يتيحها لتطوير النظام التربوي ليتلاءم مع متطلبات التنمية المستقبلية وحاجات المجتمع الذي يتزايد اعتماده يوماً بعد يوم على المعرفة باعتبارها القوة الرئيسة والثروة الأساسية في المستقبل.

ولفتت الوزارة إلى تناغم فلسفة المشروع مع رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030 كونها أداة فاعلة لضمان العدالة والاستدامة والتنافسية. حيث يأتي من هذا المنطلق وفي ظل المتغيرات الراهنة، على رأس أولويات القائمين على المشروع تحديث رؤية واضحة وبناء خطة استراتيجية وإعادة توزيع المتطلبات التكنولوجية حسب الأولويات لتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال في جميع مراحل التعليم، ليتلاءم مع متطلبات التنمية المستقبلية وحاجات المجتمع الذي يتزايد اعتماده يوماً بعد يوم على المعرفة.

وأشارت إلى تميز المشروع بتوافقه مع استراتيجية تطوير التعليم التي تنطلق من التكامل بين التربية والتعليم والإيمان بشمولية عملية تطوير مختلف المراحل التعليمية في مجالات البنية الأساسية والبيئة المدرسية والمناهج الدراسية وتطوير المستوى النوعي للمعلمين ورعاية الموهوبين، إضافة إلى تطوير الهيكل الإداري للوزارة في ظل وجود متابعة وتقويم لضمان أفضل سبل الإنجاح من خلال مركز القياس والتقويم وبمشاركة خبراء من منظمة اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

التطبيق وفق مرحلتين

وقال مدير مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل أحمد حسن أحمد: تم تطبيق مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل، وفق مرحلتين أساسيتين وهي المرحلة التأسيسية والمرحلة التطويرية، حيث عملت الوزارة على توظيف تكنولوجيا التعليم والمعلومات الحديثة، بما يتيح أقصى قدر من التفاعل التربوي عبر التقنيات الحديثة من خلال ربطها بشبكة الاتصالات الإلكترونية عبر البوابة التعليمية المركزية، تم من خلالها تشبيك جميع مدارس البحرين بشبكة الأنترنت. هذا بالإضافة إلى تدريب وإعداد معلمي ومعلمات مدارس المملكة لهذه النقلة النوعية في العملية التعليمية، التي تأهلهم ليكونوا رواداً في الارتقاء بالتعليم والتعلم. ولإنجاح هذا التوجه بدأت الوزارة منذ العام 2005 في إعداد وتدريب وتأهيل المعلمين للتعامل مع التعلم الإلكتروني، بما في ذلك التعامل مع المناهج الإلكترونية والسبورة التفاعلية، وتم تدريب أكثر من 5 آلاف معلم ومعلمة على رخصة قيادة الحاسوب.

وبين أن أهداف المرحلة التطويرية للمشروع تتمثل في توفير عدة تجهيزات وتطوير بوابة تعليمية تشمل خدمات لكافة المستخدمين من معلمين وطلبة وأولياء أمور وتربويين، والتي بدأ العمل بها بتشكيل فريق البوابة التعليمية وبشراء وتطوير محتوى إلكتروني وتوفير محتوى إلكتروني وطني ذو مواصفات عالية الجودة وفق معايير وأبعاد عالمية باستخدام برنامج المرشد التكنولوجي والذي يهدف إلى التكامل مع مبادرة تحسين أداء المدارس، وطرح جائزة التميز الإلكتروني في العليم والتي تهدف إلى زيادة فاعلية مشاركة المعلمين والطلبة وتشجيعهم على الإنتاج المتميز في مجال التعلم الإلكتروني.

وأوضح حسن أحمد أن المشروع يقوم ضمن خطته التطويرية بالتوسع في توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال من خلال التركيز على توفير محتوى إلكتروني وطني ذي مواصفات عالية الجودة وفق معايير وأبعاد عالمية، وكذلك توفير نظام إدارة محتوى إلكتروني والذي يختص به فريق المحتوى الإلكتروني للمواد الدراسية المنبثق عن فريق ضبط جودة المشروع برئاسة إدارة المناهج والذي يقوم بوضع خطة لإنتاج المحتوى الإلكتروني بحسب حاجة الميدان ونتائج الامتحانات الوطنية في المواد الدراسية المختلفة، والإشراف على تشكيل فرق إنتاج المحتوى الإلكتروني لكل مادة دراسية يتم اختيارها لتحديد عناصر المحتوى الإلكتروني وقالبها، وكذلك متابعة تطبيقها على طلبة المدارس وتقييم المادة العالمية وقياس مدى تفاعل الطلبة مع المحتوى.

توفير عنصر التشويق

وأشار حسن أحمد إلى فوائد ومميزات هذا التحول الإلكتروني، مبينا انه يحدث نقلة نوعية للطالب، حيث يساهم في توفير عنصر التشويق والمتعة له أثناء عملية التعلم مما يساعد في زيادة فهمه للمعلومة والاستمتاع بعملية التعلم وبقاء المعلومة لأطول فترة ممكنة، كما يسهل عملية الوصول للمعلومة، والذي ينتج عنه رفع التحصيل الدراسي للطالب وذلك لما يوفره التعلم الإلكتروني من إمكان استخدام أساليب وطرق متنوعة ومعاصرة تتناسب مع الاحتياجات التعليمية، كما يعزز زيادة ثقة المتعلم بنفسه من خلال التعلم الذاتي حسب مستواه أو الإجابة عن أسئلة المعلم من خلال التصويت الإلكتروني والذي يساهم في حل مشكلة الخجل أو الخوف لدى بعض الطلاب، ويساعد كذلك في رفع التحصيل الدراسي لطلاب الدمج من ذوي الاحتياجات الخاصة بتقديم الحصص الإلكترونية، بالإضافة إلى أنه يمكن للطالب التواصل مع المعلم في أي مكان وأي زمان ودون خجل من خلال قنوات الاتصال المتوفرة كالبريد الإلكتروني.

وأكد أن التحول الإلكتروني للمناهج ينعكس بالفائدة على المعلم أيضاً، من حيث رفع مستوى قدرات المعلمين والمعلمات في استخدام التقنية الحديثة والبرمجيات التعليمية كأسلوب ووسيلة تعليمية معاصرة، ويوفر الوقت والجهد على المعلم أثناء إعداد وتنفيذ الحصة الدراسية، حيث يتم إعداد المحتوى الإلكتروني التفاعلي مرة واحدة ويعرض لأكثر من مرة، مما يوفر وقت المعلم في إعادة كتابة المحتوى لكل فصل دراسي. كما تساهم الوسائط المتعددة في توضيح المعلومات للطالب بشكل أكبر مما يوفر الجهد على المعلم. ومن مميزاته أيضاً استخدام المعلم للاختبارات الإلكترونية وإعداد بنك أسئلة يمكن الرجوع إليه في إعداد الاختبارات الإلكترونية والتصحيح الذاتي لإجابات المتعلم دون أخطاء حسابية. من جانب آخر وعلى صعيد أولياء الأمور يساعد التحول الإلكتروني في توفير إمكان متابعة ولي الأمر لابنه من خلال شبكة الأنترنت من خلال الإطلاع على علاماته وحضوره وجدوله الدراسي، مما يوفر سهولة التواصل بين المعلم وولي الأمر من خلال قنوات الاتصال المتوفرة كالبريد الإلكتروني والرسائل النصية والمنظومة التعليمية.

إدماج وتكامل عناصر الوسائط

من جانبه أوضح رئيس تطوير نظم ومصادر التعلم الإلكتروني في المركز الإقليمي بالوزارة مشعل أحمد البردولي أن عملية تحويل المحتوى الإلكتروني بشكل عام، لا تتم بتحويل النصوص المكتوبة إلى نصوص رقمية ولا بتحويل الصور المطبوعة في الكتاب المدرسي إلى كتاب إلكتروني مصور، بل تتم من خلال إدماج وتكامل عناصر الوسائط المتعددة في عملية متناغمة تربط بين علم تحويل الكتاب الرقمي فنياً وعلم التربية الحديثة في إخراج كتاب تفاعلي يهدف إلى إدماج حواس الطالب المختلفة، في تجربة فريدة للتعلم يختلف بناؤها عما هو عليه في التعليم التقليدي الخالي من المناهج الرقمية، مردفاً: نجد على سبيل المثال أجهزة الحاسوب باللمس والتي أسهمت في جعل يدي الطالب أداة للتفاعل وفي إدخال المعلومات وفي الحصول على درجة من التفاعل تتشابه مع تلك ذات الحس البشري التي تستهدف حاسة اللمس والبصر والسمع، بالإضافة إلى التفاعل البشري الذي يتلاءم مع نمو الطالب الذهني ومرحلته العمرية.

وأشار البردولي إلى أهمية أن يشتمل المنهج الرقمي على موارد معرفية من فيديو وصوت وجرافيك ثنائي وثلاثي الأبعاد، حيث تتغير التجربة في ضوء دراسة البرنامج وتقييمه لمستوى أداء الطالب واحتياجاته. وهنا تبرز قدرة البرنامج على استخدام الذكاء الاصطناعي في فهم الطالب، واختيار أفضل أسلوب لإكساب المعلومة ومن ثم المعرفة للطالب، موضحاً أن العملية شبيهة بأن يكون البرنامج هو المدرس الرقمي للطالب، وعملية تحويل المناهج إلى مناهج رقمية لا تتم إلا من خلال دراسة مرحلية مستفيضة حتى يتم التأكد بأن المعنيين في الحقل التربوي والفنيين وجميع المعنيين بالعملية التعليمية التعلمية سيكون أداؤهم منعكساً بشكل إيجابي على تطوير المناهج الرقمية، حتى يحقق أداء أفضل وأن لا يؤثر على عملية التعليم والتعلم الحالية.

وأضاف أن ذلك سينعكس إيجاباً على تحصيل الطالب وجعله طالباً يرقى إلى مستوى طالب القرن الواحد والعشرين إن صح التعبير، إذ أصبح التعليم لا يعتمد على المعطيات السابقة الجامدة بعد أن توافرت مصادر معرفة متاحة ومجانية تمكن الطالب من الحصول على المعلومة بطرق شرح مختلفة، وأصبح الطالب متعلماً عوضاً عن متلقٍ. ومن هذه المصادر التعليمية الإثرائية مواقع الفيديو التعليمية على شبكة الأنترنت. وربما تكون المنافسة هي للحصول على موارد باللغة العربية وإن كان الطالب في مملكة البحرين على قدر كافٍ من المعرفة في اللغة الإنجليزية، خصوصاً أنه على الإطلاع دائم على خدمات الأنترنت باللغات الأجنبية.

وتابع البردولي: يمكن للمعلم تحسين أدائه وتطوير مهاراته من خلال الإطلاع على مقاطع الفيديو التعليمية التي تشرح طريقة التواصل مع الطالب في المواقف التعليمية المختلفة ومن خلال المواد التعليمية لزملائه المدرسين عالمياً. ومما لا شك فيه أن طالب اليوم أصبح منافساً للمعلم. وأنا أجد هذه العلاقة صحية في تطوير كلا الطرفين. إذ إن العملية التعلمية أخذت تأخذ معطيات وموارد ومراجع تختلف عن تلك التي عهدناها في السابق.

إثراء العملية التعليمية

من جانبه أشار أحمد بوهزاع من هيئة الحكومة الإلكترونية إلى مساهمة تطور التقنيات في تقدم وتنوع أساليب التعليم وطرقه، وبالتالي إثراء العملية التعليمية، حيث باتت الوسائل المحمولة كالهواتف ipod و ipad وغيرها من الأجهزة الحديثة متوفرة بشكل كبير وتستقطب جميع الاهتمامات والأعمار.

وقال بوهزاع إن هذه الوسائل تساعد العملية التعليمية على تجاوز الأساليب التقليدية باقتصار التعليم على الحضور وفي أوقات معينة، فتجعلها متوفرة في أي مكان وفي أي زمان. فالمعلم الواحد بدلاً من أن يدرب 30 طالباً في الساعة مادته وجهده التعليمي لعدد أكبر بكثير مما قد يتصوره وفي أماكن عدة قد تبعد بعد القارات ويشاهد ذلك العدد نفس المادة عدة مرات.

وأضاف سيساهم هذا التطور بالتأكيد في مستوى تحصيل الطالب، حيث سيصبح باستطاعة طلب المادة التعليمية وقتما يشاء، وبذلك يستغل الأوقات الضائعة، وبالأخص الأوقات التي يصفى فيها الذهن. ومن جانب آخر، باستطاعته الاستفادة من إمكان التعلم الجماعي، فيتناقش مع زملائه ويتبادل معهم بعض المواد التعليمية بشكل ممتع ومفيد. إن هذه الوسائل تساهم في تبسيط العملية التعليمية وتسهيل عملية التواصل وجعلها متاحة في أي وقت، فكل ما على الطالب هو إرسال استفساره وبإمكان المعلم الرد في أي وقت ومحاورة الطالب بشكل مباشر وحر.

نقلة نوعية

من جهته أكد مدير مدرسة الإمام الغزالي الإعدادية للبنين فيصل الشهابي، إن تحويل المناهج الدراسية إلى إلكترونية سيحقق نقلة نوعية وإيجابية تتماشى مع متطلبات العصر والتطوير التكنولوجي الحاصل، وتبعث عنصر التشويق والإثارة. وهي وسيلة يتعلم فيها الطالب الاعتماد على النفس، حيث يختار الطالب تعليمه بنفسه، وتؤدي هذه المناهج إلى انفتاح أكبر على بوابة معرفية واسعة تتلاقى فيها الأفكار والنظريات وإلى سرعة الوصول إلى المعلومة.

وأشار إلى أن تعزيز المناهج الإلكترونية في طرق التدريس يتم بالعمل على ربط المواقف التعليمية بالتكنولوجيا الحديثة كتفعيل (الداتاشو) والوسائط المتعددة وتصنيع الأفلام التعليمية وتوظيف السبورة التفاعلية والقيام برفد المشروع بمواقع إلكترونية عالمية وفتح أبواب التلاقي بين طلبة المملكة والعالم، واستمرارية التدريب لمختلف الشركاء في العملية التربوية وفق منهجية علمية مدرسية.