قال رئيس الوزراء المصري "إن حكومته تستهدف تحقيق معدل نمو يبلغ 7% خلال أربع سنوات ارتفاعاً من نمو مستهدف بين ثلاثة وأربعة بالمئة في 2012-2013، كما أنها تضع اللمسات الأخيرة على حزمة إصلاحات اقتصادية لتعزيز حصيلة الضرائب وخفض الدعم.

وقال قنديل في مقابلة مع "رويترز"، "إن الحكومة تسعى لجذب استثمارات محلية وأجنبية بإجمالي 267 مليار جنيه مصري (43.85 مليار دولار) في السنة المالية 2012-2013. لكنه أوضح أنه يجري حالياً تقدير حجم الاستثمارات التي اجتذبتها مصر حتى الآن مع اقتراب الربع الأول من السنة المالية من نهايته ولم ترد الأرقام النهائية بعد".

وأضاف "إن الحكومة تسعى لخفض عجز الموازنة - البالغ حالياً نحو 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي - بواقع نقطة مئوية واحدة خلال عامين لكنه أوضح أن هذا الهدف قابل للتغير حسب الظروف".

وأضاف أن الحكومة تعتزم توجيه دعم الطاقة على نحو أفضل عن طريق توزيع كوبونات أو بطاقات ذكية على الفقراء للحصول على اسطوانات الغاز بحلول منتصف أكتوبر ورفع الدعم عن البنزين 95 أوكتين في الشهور القادمة.

وتولى قنديل منصبه في يوليو عندما وقع عليه اختيار الرئيس الجديد محمد مرسي ليصبح من أصغر رؤساء الحكومات في مصر كما أنه أصغر من أي رئيس وزراء شغل هذا المنصب في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وقال: "سنبدأ إصدار كوبونات للحصول على أسطوانات البوتجاز (غاز الطهي) المدعمة بين منتصف وأواخر أكتوبر وستكون لمن يستحقون الدعم".

وتمر مصر بظروف اقتصادية صعبة منذ فرار المستثمرين الاجانب والسياح عقب الثورة التي أطاحت بمبارك العام الماضي.

وبعد أن كانت قرة عين مستثمري الاسواق الناشئة بفضل نمو بلغ نحو سبعة بالمئة سنوياً تعثر اقتصاد مصر ولم يحقق نمواً سوى بنسبة اثنين بالمئة في السنة المالية المنتهية في يونيو.

أرض الفرص

وألقى قنديل كلمة أمس الاحد أمام مؤتمر عقدته غرفة التجارة الأمريكية في القاهرة لوفد من كبار رجال الأعمال يمثلون 50 شركة من كبرى الشركات الأمريكية شجعهم فيها على الاستثمار في مصر "أرض الفرص"، قائلاً إن البلاد اجتازت الآن "فترة التخبط" وإن كانت الفترة الانتقالية لم تنته بعد.

وأضاف "بنهاية هذا العام وأوائل العام المقبل سنكمل العملية".

وقال قنديل لاحقاً في لقائه مع رويترز: "شرحت للمسؤولين ورجال الاعمال الامريكيين بشكل شفاف وواضح أن مصر تحتاج في الوقت الحالي لمساعدة على المدى القصير (لكن) على المدى المتوسط إلى الطويل نحتاج لاستثمارات.. وأن استقرار هذا البلد يتسم بأهمية بالغة لاستقرار المنطقة".

ويبحث وفد رجال الأعمال الأمريكي عن فرص الاستثمار لضخ أموال في السوق المصرية خلال المرحلة المقبلة.

وبينما تسعى لاجتذاب المستثمرين الذين يريدون أن يروا تخفيضات كبيرة في دعم الوقود وإصلاحات أخرى يتعين على حكومة قنديل أيضا ان تروج للإصلاحات الهيكلية بين المصريين البالغ عددهم 83 مليون نسمة يعيش منهم كثيرون في فقر مدقع ويتطلعون لرؤية ثمار الثورة.

وقال قنديل: "ينبغي أن نرى كيف يكون رد فعل الناس للإجراءات, أنا واثق أن كثيراً منهم سيكون رد فعلهم إيجابياً. ولكن بالطبع قد نواجه بعض الصعوبة لذا ستكون المسألة مرنة".

وقال رئيس الوزراء "لهذا العام نأمل (بنمو) بين 3 و4 بالمئة وبعد ذلك سنقفز إلى 4 بالمئة ثم إلى ما بين 4 و5 بالمئة ونأمل انه خلال بضع سنوات سنصل إلى سبعة بالمئة".

الإصلاحات الهيكلية

وعن الإصلاحات الهيكلية المستهدفة قال قنديل "نريد زيادة إيراداتنا. للقيام بذلك ينبغي أن نراجع نظامنا الضريبي لكي يغطي مزيدا من الناس ولا يعني هذا بالضرورة أن نفرض مزيدا من الضرائب. لكن سيكون من الأفضل لو شملت الضريبة مزيدا من الناس ممن لا يدفعون ضرائب (من العاملين في) الاقتصاد غير الرسمي. سنحاول دمجهم في الاقتصاد الرسمي وسنفعل ذلك قريبا جدا.

وأضاف أنه لدمج هذه القطاعات في الاقتصاد الرسمي لابد من توفير حوافز لهم خاصة وان "وجودهم الآن في الاقتصاد غير الرسمي لا يتيح لهم الحصول على تمويل ولا يمكنهم الحصول على تأمين صحي أو ضمان اجتماعي وغير ذلك".

ولم يشهد الاقتصاد المصري نموا يذكر العام الماضي بسبب اضرابات عمالية ونزوح رؤوس أموال عقب الاطاحة بمبارك في فبراير 2011.

ويتوقع صندوق النقد الدولي ألا يتجاوز النمو 1.5 بالمئة هذا العام وهي نسبة لا تكفي حتى لتخفيف حدة البطالة المرتفعة.

وذكر رئيس الوزراء أنه يتوقع ابرام اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار خلال شهرين وإن الحكومة تبحث أيضا مع البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية الحصول على دعم إضافي للميزانية بنحو مليار دولار.

وذكر أن مصر تجري محادثات أيضا مع البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية "وأعتقد أننا سنحصل على نصف مليار من البنك الدولي ومثلها من الافريقي للتنمية. وسيأتي هذا بعد (الاتفاق) مع صندوق النقد".

وتعهدت السعودية وقطر بمليارات الدولارات لدعم مصر.

قرض صندوق النقد

ودافع قنديل عن اتفاق القرض الذي تسعى مصر لابرامه مع صندوق النقد الدولي قائلا إن برنامج القرض برنامج "مصري" والفائدة عليه منخفضة للغاية.

وتسعى مصر لاقتراض 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي وتأمل في إبرام اتفاق بنهاية العام من أجل دعم اقتصادها المنهك.

وقال قنديل "برنامج صندوق النقد هو برنامج مصري والفائدة عليه منخفضة للغاية حتى انه يمكنني ان اصفها بانها رسوم خدمة. وإذا قارنتها بأسعار الفائدة في السوق المحلية البالغة 15 أو 13 بالمئة تكون المقارنة واضحة جداً".

ومضى قائلا "ثم ان القرض يجلب أموالا جديدة من الخارج".

وأشار إلى ان الاقتراض من السوق المحلية يجعل الحكومة في منافسة مع المستثمرين المحليين "ونحن نريد تشجيع الناس على الاقتراض والقيام بأعمال هنا. ثم إن هناك أمرا مهما وهو أن قرض صندوق النقد يأتي مصحوبا بشهادة على أن هذا الاقتصاد يبلي بلاءً حسناً".

ومن شأن دعم صندوق النقد لمصر أن يساهم في تفادي أزمة في ميزان المدفوعات واستعادة ثقة المستثمرين الذين نزحوا خلال 18 شهرا من الاضطرابات السياسية.

وقال "لسنا حساسين تجاه مراجعة صندوق النقد أو البنك الدولي لبرنامجنا أو مراجعة الاجراءات الاقتصادية التي نأخذها".

وتعليقا على الانتقادات للجوء مصر للاقتراض من صندوق النقد قال قنديل "أنا مندهش من أن بعض الناس يرون أن قرض الصندوق ليس الوسيلة المثلي بالنسبة لمصر في الوقت الحالي".

وخلال 12 شهراً حتى نهاية يونيو حزيران اقترضت مصر نحو 12 مليار دولار أو حوالي 4.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مباشرة من البنك المركزي في إجراء غير معتاد يشير إلى نفاد خياراتها لتمويل عجز الميزانية.

جدية في حل مشاكل المستثمرين

وأكد رئيس الوزراء أن حكومته تعمل جاهدة لحل مشاكل المستثمرين وكشف النقاب عن أن هناك وحدة خاصة تابعة له تعمل من أجل توفيق أوضاع المستثمرين لتجنب عملية تحكيم دولي باهظة التكلفة.

وقال "هناك وحدة صغيرة تابعة لي شخصيا تعمل مع الوزارات المعنية (بما فيها) وزارة الاستثمار ووزارة الزراعة حتى يتم توفيق الاوضاع بما يضمن عودة هذه المشاريع والاراضي مرة اخرى للعمل".

وتسعى الحكومة المصرية إلى تسوية نزاعات على أسعار أراضي وقضايا أخرى مع نحو 20 مستثمرا أجنبيا ومحليا في محاولة لتجنب عملية تحكيم مكلفة ولبناء الثقة في مصر.

وقال قنديل "في كثير من الاحيان لم يكن هناك فساد لكن كانت هذه هي طريقة العمل في مصر فبالتالي لابد من تفهم ذلك. إذا كانت هناك قضايا في المحاكم بالتأكيد لا نستطيع ان نتدخل في عمل القضاء .. لكن اذا لم تكن هناك مشكلة امام القضاء واذا كان يمكن حلها فنحن نعمل على ذلك جاهدين".

ويتهم كثير من المصريين حكومة مبارك بإبرام صفقات أفادت الصفوة الغنية وكبار المسؤولين على حساب بقية افراد الشعب.

وأوضح رئيس الوزراء أن تسوية مشاكل المستثمرين في مصر سيبعث "برسالة طيبة جدا ليس فقط لصاحب العمل لكن ايضا لزملائه في نفس الدولة أو في الدول الاخرى أن هذه الحكومة جادة في حل مشاكل المستثمرين وجادة في تشجيع الاستثمار."

طرق الأبواب

وذكر قنديل أن مصر تستقبل حاليا كثيرا من المستثمرين الذي يسعون لبحث فرص الاستثمار في البلاد.

وقال لرويترز "نطرق ابوابا كثيرة واخرون يطرقون ابوابنا ايضا. ففي أول يوم عمل بعد أن توليت مهام منصبي جاء وفد ليبي وفي نفس الاسبوع جاء القطريون ثم الكويتيون والامريكيون وصندوق النقد بعد ذلك".

ومضى قائلا "كثيرون يطرقون أبوابنا اولا للتعرف على احوالنا والخطوط العامة لعمل نظامنا السياسي والاقتصادي وكثيرون منهم يعودون مرة اخرى, للتحدث عن العمل".

وقالت قطر الخميس الماضي إنها ستستثمر 18 مليار دولار في مشروعات سياحية وصناعية في مصر على مدى السنوات الخمس المقبلة وذلك في أحدث تعهد لدعم الاقتصاد.

وتشمل المشروعات محطات لتوليد الكهرباء والغاز الطبيعي المسال ومصانع للحديد والصلب بتكلفة ثمانية مليارات دولار في شرق التفريعة ببورسعيد ومشروعا سياحيا عملاقا بتكلفة عشرة مليارات دولار على ساحل البحر المتوسط.

وذكر رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني أنه جرى الاتفاق خلال محادثات مع الرئيس المصري محمد مرسي على استثمار 8 مليارات دولار في مشروعات للطاقة الكهربائية والغاز المسال والحديد ستكون مجمعا متكاملا في شرق التفريعة ببورسعيد.

وأشار قنديل إلى تلك الزيارة قائلاً: "في الاسبوع الماضي جاء القطريون. كانت (الزيارة) لدعم الميزانية ولكن ما يسعدني اكثر هو الالتزام بالاستثمار فقد تعهدوا باستثمار 8 مليارات دولار في القطاع الصناعي ونحن نتحدث عن 10 مليارات أخرى في مجال السياحة.. وسيأتي المزيد".

وفي الشهور القليلة الماضية حصلت مصر على قروض وتعهدات بمساعدات تتجاوز خمسة مليارات دولار منها دعم مباشر للميزانية بقيمة ملياري دولار من قطر وقروض من السعودية والبنك الاسلامي للتنمية.

وفي الشهر الماضي أودعت قطر 500 مليون دولار لدى البنك المركزي المصري لدعم للميزانية وقالت إنها ستدفع المبلغ المتبقي وقيمته 1.5 مليار دولار على مدى الاشهر الثلاثة القادمة.

وذكر مسؤولون أمريكيون في وقت سابق من هذا الشهر أن إدارة الرئيس باراك أوباما تقترب من الاتفاق مع الحكومة المصرية الجديدة على اسقاط مليار دولار من ديون مصر، وبدأ مسؤولون كبار من نحو 50 شركة أمريكية زيارة إلى مصر يوم السبت لبحث استثمارات جديدة.

وقال قنديل "الكويتيون (حكومة ورجال اعمال) قاموا بزيارة استكشافية وسيأتون مرة أخرى الخميس المقبل في وفد كبير للحديث عن العمل".

لا خفض لقيمة الجنيه

ورداً على قلق المستثمرين من احتمال خفض قيمة الجنيه المصري قال قنديل إن البنك المركزي يدير العملة بطريقة مرنة ولكن على المستثمرين ألا يؤجلوا قراراتهم.

وقال مردداً صدى ما قاله الرئيس مرسي لرويترز الشهر الماضي: "على المستثمرين ألا ينتظروا خفض قيمة الجنيه فهذا لن يحدث قريبا. لذا فالآن هو الوقت المناسب لدخول السوق".