ظهرت معلومات جديدة عما لحق بالعائلة العراقية التي كانت تقضي عطلة في منتجع بمنطقة الألب عند حدود مثلثة لفرنسا مع سويسرا وايطاليا، وقضت قتيلة بالرصاص، وأهمها أن الأب سعد الحلي "كان يركب سيارته ويغادر المخيم الذي كانت تقيم فيه عائلته بين 4 و5 مرات يوميا، ثم يعود بعد 20 أو 30 دقيقة" كما أنه قام بتغيير المخيم الى آخر قبل يومين من مقتله وزوجته وحماته برشاش تعتقد الشرطة الفرنسية بأنه تشيكي.

القاتل، بحسب المعلومات الجديدة التي أطلعت عليها "العربية.نت" مما نشرته بعض الصحف الفرنسة اليوم الثلاثاء نقلا عن المحققين، كما "التايمس" البريطانية نقلا عن شهود عيان، هو شخص واحد كان مزودا بمسدس رشاش.

الرشاش هو من طرازSkorpion vz.61 الأوتوماتيكي الذي تنشر "العربية.نت" صورة لنسخة تشيكية طبق الأصل عنه مع هذا التقرير، وهو سلاح اعتاد الأمن بجمهوريات الاتحاد السوفياتي البائد استخدامه زمن الحرب الباردة، خصوصا بيوغوسلافيا، وهو عيار 7.65 مللم، وأفرغ منه القاتل كل رصاصاته التي تم العثور على جميع قوالبها الفارغة في موقع الجريمة الجماعية.

ذلك الموقع كان دمويا ومأساويا حين أقبل اليه رجال الشرطة بعد ساعات تلت المقتلة التي حدثت بعد ظهر الأربعاء الماضي، أي بعد 4 أيام من وصول العائلة الى المخيم السياحي الذي رغبت قضاء 10 أيام فيه قبل عودتها الى بريطانيا حيث تقيم بمدينة في ضواحي لندن بعيدة عن وسطها 26 كيلومتر تقريبا.
قاتل محترف خصص 3 رصاصات لكل ضحية

نسخة طبق الأصل عن الرشاش الأوتوماتيكي
وأعدت "العربية.نت" سيناريو سهلا ومنطقيا لما حدث، ومستمد مما عاينه المحققون في المكان، ومن أقوال الشهود ومما ورد في وسائل الاعلام الفرنسية والبريطانية، وهو أن القاتل أوقف سيارته في مكان من الطريق الجبلي كان يعرف بأن العائلة العراقية ستمر فيه بسيارتها وهي تتجول بالمنطقة في نزهة عادية.

ويبدو أن القاتل المأجور كان يراقب العائلة وهي في المخيم، وحين وجدها تغادره بالسيارة ذلك اليوم ركب سيارته أيضا ولحق بها، ثم اجتازها على الطريق وانتظرها في مكان وجده مناسبا لتصفية الجميع بالرصاص، وكان له ما أراد في موقع ناء وبعيد عن مخيم المنتجع 18 كيلومتر.

كان الأب سعد الحلي، المولود في العراق قبل 50 سنة، يقود السيارة ومعه في المقعد الأمامي ابنته الكبرى زينب، وعمرها 7 أعوام. وكانت على المقاعد الخلفية زوجته الايرانية اقبال، وهي طبيبة أسنان عمرها 47 سنة، وبجانبها كانت والدتها سهيلة العلاف، المولودة منذ 74 عاما في العراق والمقيمة بالسويد الحاصلة على جنسيتها، ومعهما كانت الابنة الصغرى زينة، وعمرها 4 سنوات.

وتعمد القاتل الظهور بشخصية من تعطلت سيارته على الطريق، ليظهر للعائلة العراقية كمحتاج الى مساعدة ميكانيكية وما شابه، وحين مرت سيارة سعد الحلي بالمكان أشار اليه بأن يقف ليساعده، وخضع المهندس الحلي لطلب المستغيث المجهول فأوقف سيارته، عندها اقترب منه طالب النجدة الميكانيكية على قدميه ليشرح له نوع المساعدة التي يحتاجها، وعندما وصل الى نافذة سيارته عاجله على السريع برصاصتين في الجبين أحدثتا ثقبا في الزجاج، وتلاهما بثالثة.

ولأن الحلي مال ميتا من الرصاصتين لذلك لم تصبه الثالثة، بل مرت مسحا على كتف الابنة الكبرى التي فتحت باب السيارة وغادرتها مذعورة وهربا من المكان كيفما كان، والتفت القاتل في تلك اللحظة الى ركاب المقاعد الخلفية، فأطلق رصاصتين بجبين الزوجة مع ثالثة في صدرها، وعلى جبين والدتها أطلق رصاصتين في الجبين أيضا، وثالثة على جسدها، وهو ما يؤكد بأنه مطلق للنار محترف، ثم ترك الابنة الصغرى ليلحق بالأهم أولا، وهي شقيقتها الهاربة.
فرنسي مر بالمكان وتلقى 7 رصاصات

زيد الحلي الأخ الأكبر
وحين كان منهمكا بقتل زينب مر بالمكان سائق دراجة يقيم في قرية مجاورة، وهو فرنسي اسمه سيلفان مولييه وعمره 45 سنة، فدب فيه الذعر بالتأكيد مما رأى، الا أن المأجور لم يمنحه أي فرصة للفرار وعاجله بالرصاص، لكن يبدو أن الفرنسي كان هدفا صعبا عليه لأنه كان بعيدا عنه بعض الشيء وراح يتمايل بدراجته وسط أزيز الرصاص، لذلك وجد المحققون أن القاتل أطلق زخات عدة من الرشاش، ومنها 7 رصاصات تمكنت من أن ترديه مضرجا بدمه على قارعة الطريق.

ثم رغب المأجور بالمتابعة الدموية، فمضى الى زينب المرمية مذعورة قرب السيارة لا تقوى على الجري بعيدا عنها، فأطلق عليها الرصاص، لكنه اكتشف بأن رشاشه التشيكي أصبح خاليا من 25 طلقة كانت فيه، فقام يمعن في ضربها لقتلها سريعا الى أن رآها ارتمت غائبة عن الوعي تماما، فظنها لفظت أنفاسها.

ولم يترك لنفسه فرصة ليتأكد من موتها وسط عجلته من أمره، فركب سيارته ولاذ فرارا من المكان، ربما الى حيث ما يزال في مكان ما في فرنسا، أو ربما غادر الى سويسرا القريبة ساعة بالسيارة عن المنطقة، أو عبر الى ايطاليا التي كان يمكنه الوصول اليها بحوالي 80 دقيقة.
تساؤلات عن سبب تغيير العائلة لمخيمها

السيارة التي كانت تقيم فيها العائلة
ومما ظهر جديدا من التحقيقات ليلة أمس الاثنين أن سعد الحلي قام فجأة بتغيير الموقع الذي كانت تخيم فيه عائلته الى آخر بعيد 1500 متر عن الأول، وكان ذلك قبل يومين من الجريمة، طبقا لما قالت ابنته زينب التي أيقظها أطباء مستشفى نقلوها اليه من غيبوبة كانت فيها، وتحدث اليها محققون لدقائق قليلة في "جلسة سريعة وتمهيدية" بحسب ما قالوا.

أما الصغرى زينة، فتم اعادتها برفقة أقارب لها الى مصح في بريطانيا لمعالجتها مما لحق بها نفسيا نتيجة بقائها 8 ساعات مختبئة تحت جثة والدتها القتيلة في المقعد الخلفي بالسيارة قبل أن تعثر عليها الشرطة التي تلقت أمرا في البدء بأن لا تعاين الجثث قبل وصول خبراء بجمع المعلومات كي لا تتغير معالم الجريمة.

وكانت العائلة وصلت الى موقع "بحيرة أنّسي" الشهيرة كمنتجع سياحي عند السفوح الفرنسية لجبال الألب من دون أي حجز مسبق، فخيمت في مكان انتقلت منه فجأة بعد يومين الى آخر اسمه "موقع أوروبا" حيث كان لهما جاران فرنسيان، هما آن ماري سودرمان وصديقها جان جانسن، ويسعى المحققون الآن الى معرفة السبب وراء تغيير العائلة لموقع مخيمها الأول.
كان يغيب عن المخيم 4 أو 5 مرات يوميا

الجارة آن ماري وصديقها جان
وتحدث الجاران أمس الى "التايمس" البريطانية التي نقلت عن لسانهما في عددها اليوم الثلاثاء بأن سعد الحلي، وهو مهندس في شركة بريطانية للخدمات الفضائية والتصوير عبر الأقمار الاصطناعية، اعتاد مغادرة المخيم وحيدا بسيارته، وهي طراز "بي.أم.دبليو" بلوحة بريطانية "بين 4 أو 5 مرات كل يوم" بحسب تعبير الجارين.

وتقول آن ماري في روايتها انها كانت ترى الحلي "يغيب بين 20 و30 دقيقة في كل مرة كان يغادر فيها المخيم، وكنا نظن بأنه يذهب ليتبضع احتياجات لعائلته، لكن مغادرته المخيم لمرات عدة في اليوم الواحد لا تدل على ذلك" وفق ما ذكرت.

وذكرت الجارة انه برغم عدم مشاهدتها لأي زائر للعائلة، الا أنها كانت تلمح شخصا ليس من المخيم ويرتاده دائما بثياب شبه رياضية، مع جاكيت غير رسمية، ويتجول في الموقع الذي كانت العائلة تخيم فيه "وكان يبدو لنا من سماته بأنه من دول البلقان او من احدى دول أوروبا الشرقية" على حد قولها.

كما هناك شهادة من مصدر في الشرطة الفرنسية أكد بأن المحققين هم على دراية بأن الحلي التقى بعدد من الأشخاص خلال العطلة "الا أنه لم يتم تحديد هويتهم جميعا بعد" طبقا لما نقلت الصحيفة عن المصدر الذي لم تذكر اسمه.

وبحسب المعلومات التي جمعتها "العربية.نت" فان الحلي المعروف بأنه على شيء من الثراء في بريطانيا، بقي عازبا الى أن تعرف في دبي قبل 10 سنوات الى اقبال الصفار، وهي مولودة في ايران، لكنها ترعرعت في السويد التي هاجرت اليها مع عائلتها، وتلا التعارف زواج أثمر عن زينب التي تقيم معها في المستشفى الفرنسي الآن خالتها، فدوى، وهي دكتورة بالصيدلة، اضافة الى شقيقتها الصغيرة زينة.
الدافع المجهول يحيّر المحققين
وحيّر الدافع وراء هذه المقتلة الجماعية المحققين والفضوليين، فأشار بعضهم الى ميراث تركه كاظم الحلي بعد وفاته في اسبانيا العام الماضي، واختلف عليه ابناه المقيمان في بريطانيا، سعد وزيد البالغ عمره 53 سنة، فكلف زيد قاتلا مأجورا لتصفية أخيه وأفراد عائلته، وهو ما تم استبعاده بعد أن نفى زيد الخلاف ومضى بنفسه الى أقرب مخفر شرطة ليدلي بما زال عنه الشكوك التي توالدت كما غيوم الجراد.

هناك أيضا من أشار بأصبع الاتهام الى ايران، لاعتقاده بأن الحلي قام بتسليم اسرائيل أو الولايات المتحدة صورا بالأقمار الاصطناعية التقطت من الفضاء لمنشآتها النووية، ناسيا أن الولايات المتحدة لا تحتاج لمن يصوّر عنها أسرار الآخرين من الفضاء.

كما هناك تلميحات بأن بقايا حزب البعث العراقي وراء التصفية الجماعية، لأن عائلة الحلي من أعداء النظام السابق وغادرت العراق في سبعينات القرن الماضي هربا من نظام الرئيس الراحل شنقا، صدام حسين، وكانت في بريطانيا من معارضيه، فجاء دورها كهدف مبرمج برسم التصفية.

ولا تنتهي السلسلة طبعا من دون الموضوع دائما برسم الاتهام، وهو الموساد الاسرائيلي الذي قام بتصفية الحلي لسبب ما. كما لمحوا الى المافيات، صينية وايطالية، وأيضا الى عشيقة استأجرت أحدهم لينتقم لها منه، أو الى محاولة سرقة فاشلة، وأيضا الى انتقام مما فعله الفرنسي من أصل جزائري، محمد المراح، حين قتل 3 جنود فرنسيين و4 يهود بمارس/آذار الماضي في مدينة تولوز الفرنسية، وكلها شكوك وأنباء وتلميحات ستتوالد بلا سند الى أن تنتهي التحقيقات.