كتبت - شيخة العسم:
يبدو أن الاتصال بمدرب سياقة والاتفاق معه على حصص تدريب، أصبح أمراً أشبه بالمستحيل. ذلك ما يؤكده عدد كبير من المواطنين، فرغم أن عدد المدربين ليس بالقليل، إلا أن أعداد المتدربين في تزايد يوماً بعد يوم، حتى أن بعضهم تنتهي مدة رخصته للتدريب، دون أن يفوز بالمدرب.
المتدربون ورغم معاناتهم هذه يعانون أيضاً من الرسوب في امتحان السياقة، الأمر الذي يضطرهم للدخول مجدداً في أزمة الحصول على مدرب، لكن المدربين بالمقابل يشتكون من مشاكل عدة، منها عدم وجود ضمانات تحفزهم على العمل.
في السطور التالية نستطلع آراء مجموعة من المدربين والمتدربين حول هذا الموضوع...
تقول شريفة حسن الجار -30 عاما- “توظفت مؤخرا كمشرفة إجتماعية، ونظرا لكوني أما وموظفة أحتاج لرخصة سياقة لتسهيل عملية توصيل أبنائي لمدارسهم وذهابي للعمل، بدل أن أعطّل زوجي عن دوامه الرسمي”.
وتضيف: سبق أن استعنت بامرأة، لكنها كانت طمّاعة، ففي البداية وافقت على مبلغ 50 ديناراً، ثم زادت المبلغ إلى 70 ديناراً، بعد أن لمست حاجتي. ما دفعني إلى الإصرار على تعلم السياقة، لكنني حتى بعد مرور سبعة أشهر، لا أزال دون مدرب أو مدربة. وكلما اتصلت بأحدهم يخبرني أن جدوله مزدحم بالمواعيد، ويضعني على قائمة الانتظار حتى الستة أشهر المقبلة!.
تعلم السياقة ضرورة حتمية
من جانبها تقول شريفة الوردي -18 عاماً- “لقد سمعت بصعوبة الحصول على مدربين، ومع ذلك أنا بصدد الحصول على رخصة للتدرب، لكني أتساءل عن الوقت الذي سأتمكن فيه من الفوز بمدرب سياقة!، فأنا على أعتاب الدخول إلى الجامعة وبحاجة ماسة إلى المواصلات”.
وتؤكد نوف الجناحي -17 عاماً- أن الحصول على وحدة سكنية أقرب من الفوز بمدرب سياقة، مناشدة المسؤولين تيسير هذا الأمر، وعدم تعطيل مصالح الناس.
غير أن لعبدالله خالد -18عاماً- رأياً آخر، “فإن الواسطة تفتح جميع الأبواب”، يقول خالد: “ناس بالموت تحصّل مدرب اتّم سنين اتدور وما في فايدة. إلا إذا عندك واسطات، واحد من هلك أو ربعك، يعرف مدرب هاي شي ثاني” لقد عجزت عن الحصول على مدرب، منذ أكثر من 4 أشهر!.
أعداد غفيرة تنتظر
من جهته ينفي عضو جمعية مدربي السياقة علي محمود الكوهجي -مدرب منذ من 35 عاما- أن يكون هناك تعطيل من جانب المدربين، متى أعطوا المتدربين وقتا للتدريب، “وهو وقت لا يجاوز الشهرين إلا في حالات نادرة”، مبينا أن المشكلة تتعلق بصعوبة الحصول على مدرب، حيث أن عدد المدربين لا يجاوز 300 مدرب من بينهم 35 مدربة، في حين أن عدد الطالبين لرخص السياقة يصل إلى أكثر من 20 ألف طالب للرخصة أغلبهم من الأجانب، بعد أن شملت الرخص حتى العمال.
ويضيف الكوهجي: هناك أيضاً مشكلة وجود مكان واحد للتدريب بمدينة عيسى، وهو صغير المساحة، ويضم متدربين على سيارات الإسعاف والسيارات الثقيلة والدراجات الهوائية تزاحم سيارات التدريب العادية.
ويقترح الكوهجي كحل لمشكلة تزايد أعداد المتدربين، إنشاء مراكز تدريب سياقة في محافظات البحرين الكبرى، مع منح رخص أكثر للمدربين.
ويبين الكوهجي أنه من الطبيعي بسبب كل ذلك أن تحدث مشكلات بين المدرب والمتدرب، أغلبها مادية، ومنها أن يتعذر المدرب عن دفع مبلغ التدريب وهو لا يجاوز 5 دنانير! بعدم نزول الراتب في البنك وسواها من أعذار، “والحل هو التقدم بشكوى في مركز الشرطة، لكن أغلب المدربين لا يفضلون ذلك، حفاظاً على أوقاتهم من خسارة ساعات تدريب أخرى”.
ويجدد الكوهجي مطالبته الجهات المسؤولة بمنح المدربين كافة حقوقهم من ضمان اجتماعي وصحي ومن تأمين.
العمالة الوافدة إحدى الأسباب
من جانبه يرجع الاجتماعي البحريني سلمان درباس، مشكلة وجود أعداد غفيرة من طالبي تدريب السياقة على قائمة الانتظار، إلى أساب عدة؛ أوّلها وجود أعداد كبيرة من العملة الوافدة في العقدين الأخيرين، أدت لمزاحمة المواطنين.
ويذكر درباس من ضمن الأسباب؛ النظرة الاستهلاكية في المجتمع البحريني، ويبرز ذلك من خلال الاعتماد على السائقين في البيوت لتوصيل الأطفال، وأحياناً توصيل رب البيت، “في حين أننا كنا نعتمد على أنفسنا في جميع الأمور”، أيضاً قلة أعداد المدربين وهو عدد لا يتناسب وعدد الراغبين في التدريب، ناهيك عن العدد الضئيل لمدربات السياقة، وهو سبب رئيسي لهذه الأزمة، فهناك كثير من العائلات البحرينية المحافظة ترفض أن يتدرب بناتهن على يد مدرب، وتعتبر ذلك خلوة محرّمة.
ويقترح درباس كحل؛ تحفيز المدربين بمنحهم ضمانات وحقوق مستقبلية، ما يجعل المواطنين يقبلون على امتهان تدريب السياقة وبالتالي زيادة أعدادهم، أيضاً وضع خطوط سلسة للنقل العام في فترات متقاربة ونقاط تجمع أكثر، وباصات مريحة، وتسهيل التنقل في جميع مناطق البحرين.
مجلس النواب يناقش هذا الموضوع
بدورها تؤكد النائبة د. سمية الجودر، أنها ستطرح موضوع تدريب السياقة للنقاش في مجلس النواب.
وتضيف د. الجدور: هذا الموضوع لم يطرح في المجلس من قبل، وسأناقش في هذا الدور أسبابة بأمل وضع حلول له، فهو موضوع يحتاج لآراء عدة من قبل ادارة المرور والمدربين، وفي الواقع استقبلت عدة اتصالات هاتفيه تشكو قلة المدربين، واتصالات أخرى من متقاعدين يشكون صعوبة الحصول على رخص التدريب.
وتؤكد د. الجودر على تسهيل أمر الحصول على الرخص، مشيرة الى وجود أزمة حقيقية في هذا الجانب، متسائلة عن أسبابها “هل يعود السبب لتقاعس الناس؟ أم لإجراءات ادارة المرور؟”.