كتب مهند أبو زيتون:
بعيداً عن الإعلام، اجتمع وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة أمس بممثلي جمعيات سياسية لم يسمها بيان “العدل”. والهدف المعلن دائما “دفع التفاهمات في مجال العمل السياسي”، عبارة أصبحت الأدبيات الإعلامية تعتبرها مصطلحاً بديلاً لـ”الحوار السـياسي” ويذهب البعض إلى تفسيرها بـ”الحل السياسي”. والحوار “ضرورة” يراها خبير الدراسات الاستراتيجية د.محمد نعمان جلال “لإعادة اللحمة الوطنية بعد أحداث أدت إلى ما يشبه الشرخ بين القوى المجتمعية”.
ووسط ترقب جمهور البحرين نتائج هذه اللقاءات تصعّد جمعيات معارضة نبرتها الخطابية وتصر قبل أيام على الخروج بمظاهرة وسط العاصمة في تحدٍّ لإجراءات وزارة الداخلية.
ملخص الصورة التي حاول إعلام المعارضة بثها خلال التظاهر ينطوي على “انظروا إلى عاصمة البحرين”، في تبنٍّ واضح لنهج إعادة المملكة إلى بؤرة الاهتمام الدولي تزامناً مع جلسة جنيف لحقوق الإنسان 19 الشهر الحالي. فهل أرادت جمعيات المعارضة، وأكبرها الوفاق، تحسين شروط التفاوض في حوار مرتقب، أم تعطيله بالقول إن “الحل السياسي ليس مطروحاً على الأجندة العامة”؟
جمعيات المعارضة نفسها كانت رفضت مبادرة ولي العهد للحوار تحت ضغط الشعور بالقوة في الشارع، وما تحدث عنه بيان وزارة العدل أمس والبيانات السابقة يرتكز على أن “التوافق الوطني مدخل أساس لأي تغيير، ويطالب بــ”إدانة قاطعة لجميع أشكال العنف”، و”عدم تقديم أي غطاء للتخريب”، و”رفض أي تدخل بالعمل القضائي”، ما يؤشر إلى خلاف حول طبيعة الأجواء الممهدة لانطلاق “الحوار”، إذ تتلقف جمعيات معارضة هذه الدعوات بسلوك معاكس سياسياً وإعلامياً. وهو خلاف يدعو د.جلال إلى تجاوزه “بنظرة للمستقبل تعنى بالتعايش بين أفراد المجتمع والقوى السياسية المختلفة لأنه لا يوجد طريق آخر”.
وفي حين يبدو الحوار شأناً داخلياً بحرينياً فإن تأثيرات إقليمية تحاول اعتراضه، إعلامياً على الأقل، إذ يدفع غالب الإعلام الإيراني والسوري إلى الإيحاء بارتباط ما بين الأزمة السورية وأحداث البحرين، ويستخدم لغة واضحة نحو التصعيد والتحشيد بالبحرين، ملتقياً مع رغبة أطراف معارضة بخلق أجواء متوترة تراها ضرورية إما لتحسين مواقعها ومكاسبها في حوار مفترض أو لتعطيله على قاعدة أن أي حوار غير ثنائي لن يؤدي إلى “تغيير” يحقق غاياتها، في حين تصر قوى سياسية أخرى على تهيئة الأجواء بإدانة العنف ووقف التوتر. وفي ظل هذه المكاسرة يبدو طريق الحوار طويلاً وشاقاً بانتظار ما يخفيه سطح لقاءات وزير العدل.