كتب - هشام الشيخ:أكدت دراسة نشرتها وزارة الداخلية أن النسب والإحصاءات المتداولة عن المدمنين على تعاطي المخدرات في السنوات الأخيرة أقل من النسب الحقيقية، مرجعة تذبذب تلك النسب إلى عدد من الأسباب، أهمها تستر بعض الأسر على أبنائها خوفاً من العيب أو العار، وتزايد عدد السكان، وزيادة العمال الأجانب لدواعي التنمية الاقتصادية، وغياب أجهزة كشف متقدمة تغطي المنافذ كافة، إضافة إلى غياب التشديد بقانون العقوبات في حالات التلبس بالاتجار أو التهريب أو التعاطي الشخصي. وأظهرت نتائج الدراسة ارتفاع نسبة المدمنين بين فئة الذكور والعزاب والأميين الذين يقل مستواهم التعليمي عن الثانوية، والذين يمتهنون الأعمال الحرة، وأن نصف المدمنين بدأوا إدمانهم على المخدرات في المرحلة العمرية بين 15-19 عاماً، واحتلت طريقة التعرف على المخدرات عن طريق الصديق المرتبة الأولى. وأفاد ثلث المدمنين في العينة محل الدراسة أنهم تلقوا العلاج سابقاً، وأنه لا وجود للعلاج الاجتماعي، وقالوا إن العلاج الدوائي الذي يقدم لهم جيد، بينما أفاد 64.4% منهم أن العلاج النفسي المقدم لهم رديء جداً، وتدنت نسبة المدمنين الذين توقفوا عن الإدمان إذ بلغت 4.4% مقابل 43.3% توقفوا بصفة جزئية، فيما لم يتوقف 52.2% منهم عن الإدمان، وهو ما يدل على غياب فعالية العلاج من وجهة نظر المدمنين.وأرجعت الدراسة سبب تدني نسبة المتعافين من الإدمان إلى أقل من 10% من المدمنين الذين يتلقون العلاج إلى رفاق السوء، مشيرة إلى أنهم السبب الرئيس لدفع المتعاطين للإدمان، لافتة إلى أن أحد أبرز المشكلات التي يواجهها المدمنون هي عدم تقبلهم العلاج الذي ينقسم إلى ثلاثة أنواع، الأول هو طريقة البديل عن المخدر، تليها طريقة العلاج النفسي، ثم الأدوية المنومة والعلاجات.وأوصت الدراسة بضرورة توسعة مركز علاج المدمنين وتوفير أماكن للترفيه، ورفع عدد العاملين في المركز ليتمكنوا من أداء واجباتهم.كما أوصت بتوفير أخصائي اجتماعي للقيام بالتأهيل الاجتماعي للتغلب على المشكلات الاجتماعية التي تواجه المدمنين خلال فترة العلاج تفادياً للتفكك الأسري، والتركيز على جانب العلاج النفسي في معالجة المدمنين.ودعت إلى تكثيف الرقابة وتشديدها في مجال الحصول على المخدرات، من خلال محاربة المروجين والموزعين وإعطاء هذا الموضوع أهمية فائقة، ودعت كذلك إلى إعداد برامج تثقيفية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كافة ورجال الدين والجامعات والمدارس ومؤسسات المجتمع المدني للتوعية بالأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي تنجم عن تعاطي المخدرات.وعدت الدراسة مشكلة المخدرات مشكلة مجتمعية وليست نفسية خاصة بالمدمن وحسب، مما يتطلب تضافر الجهود كافة في مجالي مكافحة العرض وخفض الطلب لمواجهتها، بعد أن كانت المواجهة تأخذ صفة فردية وبعد أن تأكد أنه لا يمكن لأي دولة ما بمفردها أن تقاوم المشكلة تضامنت إرادة المجتمع الدولي لمواجهتها نظراً لآثارها الوخيمة التي تتعدى الفرد إلى الأسرة والمجتمع، وعقدت الاتفاقات على الأصعدة كافة خلال الثلاثة العقود الأخيرة من القرن العشرين، ومازالت المشكلة قائمة بل انتشرت أكثر من ذي قبل وظهرت مواد مخدرة جديدة أقوى مفعولاً وأكثر تدميراً مما يستلزم -وفقاً للدراسة- اكتشاف آليات جديدة أو تحسين ما هو موجود من آليات لمواجهتها عن طريق الحكومات أو مؤسسات المجتمع المدني.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90