كتبت - هدى عبد الحميد: أكد رئيس جامعة البحرين د. إبراهيم جناحي أن مملكة البحرين خطت خطوات طموحة في مجالات القانون والتخطيط للمستقبل واضعة نصب عينيها التحديات والمتغيرات وما تصبو إليه من خلال المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وتنتظرها نهضة قانونية كبرى. وخاطب جناحي الجلسة الافتتاحية للملتقى الحقوقي الرابع “2030 .. برؤى قانونية” الذي تنظمه جمعية كلية الحقوق بجامعة البحرين على مدار يومين بقاعة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة بحرم الجامعة في الصخير بمشاركة نخبة متميزة من المتحدثين ، وبحضور نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات والطلبة. ويهدف الملتقى الذي ينظم تحت رعاية سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس الاتحاد الملكي للفروسية وسباقات القدرة إلى تسليط الضوء على أهم التشريعات الخاصة برؤية البحرين الاقتصادية 2030 واستعراض ميادينها القانونية ودور القانون في وضع سياساتها الاستراتيجيات. وقال جناحي: “إن الجامعة تفتخر باحتضان هذه الفعالية وتشكر خالد بن حمد على رعايته لهذا الحدث الهام والتي تمثل دافعاً للشباب لكي يضعوا نصب أعينهم احترام القانون والاعتماد عليه بحسن تطبيقه، لا بل وتطويره من خلال الأدوات الرسمية والدستورية بما يشيع ثقافة قانونية توصل الجميع إلى ما يتطلعون إليه”. وأضاف: “لا يمكن أن تسير أعمال أي أمة بشكل تلقائي ويومي من دون تخطيط بعيد المدى، ووضع ملامح وعلامات يمكن السير عليها والاهتداء بها على طول الطريق من أجل الوصول للأهداف والغايات المنشودة”، مشيراً إلى أن البحرين خطت خطوات طموحة في مجالات القانون والتخطيط للمستقبل واضعة نصب عينيها التحديات والمتغيرات وما تصبو إليه من خلال المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، إذ بدأت البناء والغرس منذ سنوات قليلة مضت على إنشاء المحكمة الدستورية وتعزيز المجال القانوني برؤية جلالته في طرح مبادرة المحكمة العربية لحقوق الإنسان والتي تلقى قبولاً واسعاً وثناءً كبيراً واهتماماً متزايداً على المستويين العربي والعالمي”. وأكد رئيس جامعة البحرين في كلمته أن المملكة تنتظرها نهضة قانونية، تعرف المواطنين ما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات، بما يجعلهم يشعرون بالطمأنينة والأمن في يومهم وغدهم. وتوجه رئيس إلى الطلبة على جهودهم التي تبذل في تنظيم وإقامة الملتقيات المهمة والتي أثبتت أنها جزء أصيل من الحياة الجامعية، شاكرا في السياق ذاته كافة المشاركين بفعاليات الملتقى. وناقش المشاركون في اليوم الأول للملتقى العديد من أوراق العمل ومنها التعريف برؤية 2030 شرح فيها عيسى عبدالرحمن مدير أول بإدارة الإعلام والاتصال الوطني بمجلس التنمية الاقتصادية الرؤية بعنوان “ما هي رؤية البحرين 2030”، في حين استعرض د. بدر محمد أستاذ مساعد بقسم القانون العام بكلية الحقوق في جامعة البحرين “الملامح القانونية لتنفيذ الرؤية”، بينما ناقش البروفيسور صبري خاطر أستاذ القانون المدني في كلية الحقوق بالجامعة “عولمة الملكية الفكرية”. وسيتم في اليوم الثاني والأخير للملتقى مناقشة أهم الإطارات والتوجهات القانونية على المستويين التجاري والبيئي، حيث سيناقش مال الله الحمادي مسألة “تطوير التشريعات لبناء حياة أفضل”، في حين تستعرض د. الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة نائبة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة “الإطار القانوني الذي ترتكز عليه حماية البيئة في الاتفاقات الدولية”، بينما سيناقش رئيس هيئة التشريع والإفتاء القانوني عبدالله البوعينين “التوجه القانوني لإسهامات القطاعين العام والخاص في تحقيق الاستدامة”. وسيلقي سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة في ختام فعاليات اليوم الثاني كلمة بهذه المناسبة وسيكرم بعدها المتحدثين والرعاة واللجنة المنظمة للملتقى الرابع. ومن جهته أكد عميد شؤون الطلاب د. عدنان التميمي أن رعاية خالد بن حمد للملتقى ضاعفت من أهمية فعالياته كونها من الأنشطة الطلابية النوعية والفريدة منوها ببصماته في خدمة الشباب البحريني. وقال: “حرصت عمادة شؤون الطلاب على تشجيع العمل الطلابي وفتح آفاق الإبداع حيث أثبت طلبة الجامعة أن عملهم في الأنشطة المختلفة يسير يدا بيد مع تحصيلهم الأكاديمي ويثري فكرهم ويوسع مداركهم، والملتقى القانوني الرابع هو ترجمة حقيقية لأفكار وتصورات الطلاب الحية للعمل الجماعي وروح الأسرة الواحدة في الحياة الجامعية”. وبدوره، ثمن رئيس اللجنة التنظيمية محمد العيد رعاية النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة لفعاليات الملتقى وأشاد باهتمام سموه بشباب البحرين وطاقاتهم وعطائهم المتميز. وقال : “ارتأينا أن ترتبط محاور ملتقانا الرابع برؤية 2030 التي يقع على عاتق بناة الوطن وشبابه الواعد تنفيذها والاستنارة بها لرسم مستقبل وطننا الغالي ودعم نموه وتطوره مساهمة منا في المشروع الإصلاحي”، وأضاف : “كما ارتأينا في كلية الحقوق أن نسلط الضوء على التشريعات الخاصة برؤية 2030 وبيان دور القانون في وضع السياسات والاستراتيجيات لهذه الرؤية عبر الخبراء والمختصين المشاركين في جلسات الملتقى، داعياً الطلبة للاستفادة من خبرات المشاركين في الملتقى الذي يضع بين أيديهم موضوعاً معاصراً وشيقاً”. كما قال العيد: “يأتي الملتقى انطلاقاً من كون العدالة والنزاهة منهج تقوم عليه نهضة البحرين والتي تكفل كافة مبررات المنعة والتقدم”، مشيرا إلى أن جمعية كلية الحقوق ارتأت تنظيمه للمساهمة في توجيه القيم والمبادئ الحقوقية التي أقرها ميثاق العمل الوطني ودستور البحرين لتحقيق المزيد من المكاسب والمنجزات استناداً إلى ثوابت الوحدة الوطنية ومعايير الكفاءة والانتماء، وأضاف: “كون الملتقى هو الأول من نوعه في مملكة البحرين من ناحية مناقشته لرؤية 2030 من جانبٍ قانوني، فإن القائمين عليه حددوا الكثير من الأهداف التي يسعون لتحقيقها وأهمها تسليط الضوء على أهم التشريعات الخاصة بهذه الرؤية والخوض في ميادينها”. وأوضح رئيس اللجنة التنظيمية، أنه لتحقيق هذه الأهداف التي تدفع بعجلة العلم والمعرفة القانونية نحو الأمام، فإن اللجنة عملت بجهدٍ كبير لانتقاء المتحدثين لتحقيق الفائدة القصوى، حيث سيشهد الملتقى طرح العديد من أوراق العمل المتنوعة والتي ستناقشها نخبة متميزة من المتحدثين الذين يملكون الخبرة والكفاءة في المجال الحقوقي على مدار يومين. وشكر العيد، سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة على رعايته للملتقى، وإدارة جامعة البحرين على دعمها لإنجاح فعالياته، ومعهد البحرين للتنمية السياسية، وشركة غاز البحرين الوطنية، على دعمهما للملتقى، وإلى زملائه في اللجنة وأعضاء اللجان الفرعية الذين واصلوا الليل بالنهار لإنجاح الملتقى وإخراجه على أفضل مستوى. ومن جهته، دعا رئيس جمعية الحقوق هيثم الكوهجي الطلبة إلى المشاركة في مسيرة الجمعية الحافلة بالعطاء والتي توارثتها الأجيال لخدمة العمل الطلابي وتعزيز وجودها وتميزها في الحياة الجامعية، وقال : “إن الجمعية تواكب النهضة الاقتصادية التي تشهدها البحرين، فبعد أن احتضنت الملتقى الأول (القانون وتحديات العصر)، ثم سايرت التطور والنهضة التجارية، فنظمت ملتقاها الثاني والذي حمل عنوان (التحكيم التجاري)، وإيماناً منها بدور المرأة في بناء المجتمع جاءت النسخة الثالثة تحت عنوان (المرأة والقانون) وها هي تنظم ملتقاها الرابع (2030 .. برؤى قانونية)”. وجهان لعملة واحدة من جانبه أوضح أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق في جامعة البحرين د. عبدالحكيم الشرقاوي العلاقة بين القانون والاقتصاد قائلاً: “إن هناك علاقة قوية بين الجانبين، بل أصبح الاثنان (الاقتصاد والقانون) في عالمنا الحاضر وجهان لعملة واحدة، بحيث لا يمكن الحديث عن القانون بمعزل عن الاقتصاد أو العكس، حتى أن مسميات المقررات الدراسية في المجال الاقتصادي بكليات الحقوق تغيرت في الآونة الأخيرة بحيث أصبح واضحاً منها الرابط بين القانون والاقتصاد فهناك التشريعات الاقتصادية، الاقتصاد السياسي، تشريعات المالية العامة والضرائب، بل ظهرت الكثير من العلوم البيئية، مثل الاقتصاد الاجتماعي، الاقتصاد الرياضي، الجغرافيا الاقتصادية، دراسات التحليل الاقتصادي للقانون، واقتصاديات الجريمة. ولعل أبرز دليل على ربط القانون بالاقتصاد هو (العولمة) وما تمخض عنها من إنشاء منظمة التجارة العالمية. وأوضح الشرقاوي أن الاعتماد على نظريات اقتصادية فقط دون مراعاة البعد السياسي والقانوني والاجتماعي يؤدي إلى نتائج غاية في السوء. وكان من الأحرى بالطالب الذي يدرس القانون والسياسة والاقتصاد والإدارة والشريعة والعلاقات الدولية أن يكون أكثر تأهيلاً من غيره في فهم وتحليل الظواهر الاقتصادية، ومن ثم وضع السياسات الملائمة. وبناء عليه فإن كليات الحقوق وبما تحتويه من هذا الكم في شتى العلوم الاجتماعية تأخذ المكانة الأولى في دراسة هذا التخصص. وأضاف أن دراسة القاعدة القانونية لا يمكن أن تتم بعيداً عن الإطار الاقتصادي الذي يحيط بها، فالقانون هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الأفراد بعضهم البعض وبين الأفراد والدولة، أو بين الدول وبعضها البعض. ولعل أهم هذه العلاقات هي العلاقات الاقتصادية، فكيف لرجل القانون أن ينظم علاقات اقتصادية وهو لا يعلم عنها شيئاً. ولو نظرنا بعمق إلى قانون الشركات، القطاع العام، قطاع الأعمال العام والخاص، قوانين الاستثمار، قوانين البنوك والجمارك والموازنة العامة، قانون التجارة الخارجية، لوجدنا إنها في حقيقتها تشريعات اقتصادية ومالية، بما يستلزم في واضعها المعرفة الاقتصادية السليمة وأن يكون ملماً بالمستجدات على الساحة الاقتصادية الإقليمية والدولية على حد سواء، الأمر الذي لا يتحقق إلا من خلال دراسة الاقتصاد في كلية الحقوق شأن ما هو معمول به في دول العالم النامي منها والمتقدم. وبناء على ما سبق، اغتنم الفرصة ووضع هذا المقترح أمام جميع المعنيين بتطورات الدراسات القانونية في مملكة البحرين، وخاصة إن المرحلة المقبلة تتطلب مواكبة المنظومة التشريعية والقضائية والقانونية للمتطلبات والطموحات الاقتصادية. فمملكة البحرين في حاجة إلى جيل من الخبراء، الذين يجمعون بين المعرفة القانونية والمعرفة الاقتصادية حتى يمكن التعامل مع المتغيرات الجديدة كمنظمة التجارة العالمية والمحاكم الاقتصادية والمالية.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90