كتبت - هدى عبد الحميد: حذرت فعاليات من المحاولات الدخيلة لتقسيم المجتمع البحريني، الذي يتسم بصفة التعايش والتسامح على مر حقب التاريخ، مؤكدين أن كل تلك المحاولات لن يكتب لها النجاح ومصيرها الفشل المحتم، لأن الشعب البحريني رغم الأوضاع الراهنة الناجمة عن تداعيات الأحداث المؤسفة لم يستجب للاستفزازات الرامية لجره لأسلوب الصدام الطائفي أو العرقي. وأوضح هؤلاء أن التعايش الاجتماعي يعتبر سمة البحرين الدائمة، ولم نسمع يوماً عن فئة من الناس كانت مرفوضة في البحرين على أساس عرقي أو طائفي، فالبحرينيون متحابون متصاحبون ومتصاهرون بغض النظر عن الحسابات التي صار ينتهجها بعض مراهقي السياسة تنفيذاً لأجندات خارجية لا تخدم المجتمع بل تعمل على هدم أركانه وتمزيقه. وأشارت تلك الفعاليات إلى ضرورة أن يتوفر عامل الأمن والأمان حتى تنعم البلاد ببيئة صالحة تمهد للتحاور والمصالحة، لافتين إلى أن باب الحوار مفتوح كما أكد جلالة الملك، لكن يجب على الجميع أن يساند ويدعم الخطوات والمبادرات الحكيمة التي أطلقها جلالة الملك من أجل مواصلة الإصلاح والتنمية الشاملة. التعايش ونهج الحوار ومن جانبه، أكد المحاضر بجامعة البحرين د. عبد الرحمن السيد أن البحرين ظلت عبر السنين مثالاً يحتذى به فيما يتعلق بالتعايش بين مختلف الطوائف والأديان والتاريخ يشهد بذلك، فلم نسمع يوماً عن فئة من الناس كانت مرفوضة مجتمعياً على أساس عرقي أو طائفي، فقد كنا نتعامل مع الناس من مختلف الانتماءات بغض النظر عن تلك الحسابات التي صار ينتهجها بعض مراهقي السياسة لأهداف ذاتية مدفوعة بأجندة خارجية لا تخدم المجتمع بل تساعد على هدمه وتحدث التفرقة والتمزق. وأشار السيد إلى ارتفاع بعض الأصوات هذه الأيام للمطالبة بإصلاحات على مختلف الأصعدة، وهي ظاهرة صحية ومحمودة ومطلوبة ونأمل أن تجد صدى من قبل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وبدعم من السلطة الرابعة المتمثلة في الصحافة بمختلف وسائلها، ولكننا لا نقبل أي أهداف مستترة خلف تلك الأصوات تسهم في بث الفرقة والكراهية بين أبناء الشعب الواحد. ورأى الأستاذ الجامعي أن التحاور العقلاني والناضج من شأنه حل أي خلاف أو اختلاف على أساس البيت الواحد شريطة ضمان تقديم أجندة وطنية لا أجندة تخدم أي طرف خارجي يملي علينا ما يجب أن نفعله بما يحقق مصالحه على حساب الشعب البحريني، وهنا يبقى السؤال حول إمكانية علاج تداعيات الأحداث المؤسفة التي عصفت بالبلاد مؤخراً، وأرى أن من الضروري إفراغ القلوب من الشكوك وتصفية النوايا والتحاور على أساس مبدأ قبول الآخر ومد الأيادي لبعضها لننعم جميعاً بالخير الذي أنعم الله به علينا في هذه الأرض الطيبة. وأكد السيد أنه لا بد من إعطاء المشروع الإصلاحي فرصته لإثبات جدواه وفاعليته ليؤتي ثماره الناضجة وعدم التعجل على الحكم بعدم جدواه كما يدعي البعض، فحتى أطيب الثمار وأحلاها تمر بمرحلة المرار قبل أن تنضج على غصونها. ونحن نشهد تقدماً في عدة قطاعات وذلك عبر عشر سنوات سبقت الأحداث المؤسفة، ومن الإيجابي أن عجلة التقدم لم تتوقف حتى أثناء تلك الأحداث ولكنها تباطأت بعض الشيء إلا أنها عادت لتتعافى بحمد الله في الآونة الأخيرة. وقال: “أتوجه بكلماتي هذه إلى كل من ينتمي إلى هذا الوطن الحبيب بضرورة نبذ الفرقة والعودة إلى التعايش بمحبة وتوحيد الصفوف لنعمل سوياً على تحقيق العيش الكريم للمواطن البحريني وتحقيق المزيد من المكاسب التي يتعطش لها، ولا داعي لفتح الجراح وإلقاء اللوم على هذا وذاك، والأحرى بنا أن نلتفت إلى المستقبل بعين التفاؤل والاستفادة مما جرى بما يخدم تطلعات هذا الشعب الأصيل، وإنني على ثقة في أصالة كل بحريني مخلص في تطبيق هذا التوجه”. وأضاف المحاضر بجامعة البحرين: “من باب التفاؤل أضع ثقتي في حكمة جلالة الملك في معالجة الأمور وأجد في نفسي ضرورة قبول جميع الأطراف والعمل معهم يداً بيد للوصول إلى غد أفضل للبحرين وكل مواطنيها والمقيمين على أرضها دون تحسس أو تخوين، كما يجدر بالجميع إظهار حسن النوايا لبعضنا البعض من خلال اتخاذ مواقف إيجابية تسهم في تقريب وجهات النظر وتزيل أي شحناء ولدتها الأحداث المؤسفة”. نحتاج مكاشفة لا مصالحة ومن جهته، قال رجل الأعمال سميح رجب: “نحن شعب طيب ومسالم ومتعايش عبر التاريخ منذ آلاف السنين فكما عرف عن أرضنا الخلود لا يوجد بيننا خلاف”، مشيراً إلى أن الحوار لم يقف ولن يقف مع الجهات المسؤولة وهذا ما أكد عليه عاهل البلاد المفدى أن باب الحوار سيظل مفتوحاً مدى الحياة والهدف من إبقاء الحوار التطوير والتصحيح، فكل حقبة زمنية لها مطالب وتختلف من الأخرى، ولذلك فالحوار مطلوب لأنه يثري عملية الإصلاح. وتطرق رجب إلى أن الدولة قامت بالعديد من المبادرات التي تصب في مسيرة الإصلاح وكشفت كل ما عندها وتكلمت بكل شفافية عن برامجها وتبنت تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق في فترة زمنية قصيرة، فالدولة قدمت أكثر مما هو مطلوب منها ونوجه لها الاحترام ونشيد بجهودها، وهذا ليس فقط على الصعيد المحلي بل إن الرأي العالمي بدأ يتفهم الوضع في البحرين وجهود الدولة الجادة في الإصلاح وتحركها بكل وضوح وشفافية. وأضاف رجل الأعمال: “هناك من يردد مطالب بعيدة عن المنال ولا تعتبر مطالب الشعب، فهم قلة لا يمثلون الشعب البحريني ولذلك نحن لا نحتاج لمصالحة ولكن نحتاج لمكاشفة وأن نتصارح حتى نتجاوز الوضع القاتم ونزيح الغمة”. حوار وليس مصالحة وفي السياق ذاته، أكد رئيس جمعية ميثاق العمل الوطني أحمد جمعة أن الشعب البحريني عرف بالتعايش بين مختلف الطوائف وأن التجاوزات التي عايشناها خلال فترة الأحداث المؤسفة تعد تصرفات دخيلة على الشعب البحريني ولم يعرفها من قبل. وأشار إلى أن المصالحة كلمة تعد أوسع وأكبر من مجرد أن تطرح في مجال خارج الإطار العام لمعناها، ويجب أن تجري في حال كانت هناك حروب أهلية أو صراعات دموية وتمزقات اجتماعية نتيجة لصراعات طويلة واحتقانات طائفية كما حدث في العراق مثلاً وهذا والحمد الله لم يحدث في البحرين. أما فيما يتعلق بالحوار، فأوضح جمعة أن هناك طرفاً مازال متمسكاً بالتوجه الانقلابي الذي حاول القيام به وفشل ولن يتخلى عن هذه التوجه لأنه لم يعترف بما قام به من تصعيد. وأضاف: “مازال هذا التيار للأسف يزيد من وتيرة العنف فعندما تطرح المصالحة أو الحوار يجب أن تقدم حسن نية، فحتى الآن لم نر بياناً واحداً يشجب ويندد بأعمال العنف التي يشهدها الشارع البحريني”. أما الطرف الأخر والمتمثل في الحكومة فقد اعترفت بأخطائها التي حدثت خلال التعامل مع الأحداث المؤسفة وأخذت بتصحيح كثير من المسارات من خلال تبنيها توصيات تقرير تقصي الحقائق إلى درجة وصلت أنها بدأت محاكمة من دارت حولهم بعض الاتهامات بارتكابهم بعض الأخطاء، وهذا لا يختلف عليه أحد في الداخل أو الخارج، وبالمقابل لم يعترف الطرف المعارض بأخطائه وتجاوزاته ومازالت الأعمال الإرهابية مستمرة في الشارع، مشيراً إلى أن الحوار والمصالحة لم يحن لها الوقت حتى الآن ولم تهيأ القواعد والشروط لإنجاحها.