وصف أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الكويت د.محمد غانم الرميحي حركة 14 فبراير بـ«الطائفية”، مؤكداً أن “طرح فكرة الجمهورية سذاجة سياسية منقطعة النظير”، مشدداً على أن “البحرين لا يمكن أن تعيش في إطار نظام الجمهورية أو ولاية الفقيه”. وفي سياق التعليق على الخطوات الإصلاحية، وصف الرميحي مبادرة جلالة الملك بإنشاء لجنة مستقلة لتقصي الحقائق بالقرار الشجاع كونها التجربة الأولى عالمياً . وقال التزم الملك بالتوصيات التي هي في طور التطبيق، في المقابل كان على المعارضة أن تقبل بحوار ولي العهد إبان الأحداث لأنه كان سينقل الوضع إلى مراحل أفضل، لكنها أخطأت في رفضه. وتابع خلال تقديم ورقته عن الحركة الوطنية البحرينية“تم تجاوز المحذورات في تعامل المعارضة مع المشروع الإصلاحي، إذ إنه حصل تجاوز لمبدأ السلمية المرفوع، كما إنه لم يكن هناك توافق مجتمعي واسع على الحراك الاحتجاجي، بالإضافة إلى أن هناك محاولة لنسخ التجارب والثورات العربية نسخاً كربونياً فتم استجلاب كلمات لم تكن صالحةً في النموذج البحريني، والأكثر من ذلك أن بعض الشعارات المرفوعة من قبل تيارات في المعارضة كانت استفزازيةً ليس فقط للنظام بل وللشريك المجتمعي أيضاً”. وبين “لا مناص من الحوار لأنه يمثل قاعدة التوافق المجتمعي، وقبله يجب بناء الثقة المجتمعية أي اشتراك أهل الرأي للبحث عن طريق للخروج دون الخضوع للابتزاز العاطفي أو السياسي أو الأيدلوجي”، لافتاً إلى ضرورة تطبيق مبدأ فصل الدين عن العمل السياسي، ومبيناً “من الأخطاء ترك المجال لإنشاء جمعيات تقوم على أساس مذهبي”. وواصل “يجب الحث على المطالبة المتوافقة مع النسيج الاجتماعي على قاعدة الدولة المدنية الحديثة وقاعدة القدرة الاقتصادية والمشاركة العادلة في ثمار التنمية قبل الإصلاحات وتطويرها من خلال قوانين عادلة مستقلة حديثة ومتوافقة من العالم المتحضر”. ونوه إلى ضرورة “وقف العنف بكل أشكاله وصوره، لأن العنف لا يعود إلا بالعنف، وتخليص الموقف الداخلي من الخارجي وإعادة تموضع مجتمعي على قاعدة أن البحرين للجميع”. ومن جهته، عقب رئيس الهيئة المركزية لجمعية الوسط العربي الإسلامي د.جاسم المهزع على الورقة فقال إن “هناك علاقة طردية ومعاكسة بين الحراك الوطني القومي والطائفي”، منوهاً “أول حراك طائفي في البحرين كان في عشرينات القرن المنصرم، وهذا الحراك انتهى بصعود المد العروبي الناصري بقيادة الزعيم الراحل وهو ما انسحب على الحراك في الخمسينات والستينات”. وتابع “للأسف بعد وفاة الزعيم جمال عبدالناصر وانتشار ما سمي حينها بـ(البترو –دولار)، بدأت هجمة شرسة في العالم العربي بشكل عام ضد التيارات القومية والليبرالية واليسارية وذلك لصالح التيار الإسلامي، وهنا حدث التناسق العكسي بعد غياب صورته الطردية، فمع انحسار التيار القومي ارتفع التيار الطائفي، بينما كان هذا الأخير منكفئاً مع بروز الأول على الساحة العربية”. وواصل “هناك نقطة غابت عن بال من قام بحركة 14 فبراير، إذ إنهم لم يرعوا التناسق المجتمعي والتناسق الإقليمي”، مبيناً “عندما يرتفع التيار الديني السياسي في بلد يحوي طوائف متعددةً نجد أن الوضع يصير إلى استبدال الدين بالمذهب والوطن بالطائفة وهنا منبع الخطورة في الحركة التي تتحمل أخطاء ما حصل”. وأكمل “هذه الأخطاء تكون عند حلول الإقصاء، فعندما تقول مجموعة إن الشعب يريد، وهي ليست كل مكوناته فهذا هو الإقصاء الذي لا يرع التوافق المجتمعي الحقيقي”، مشيراً إلى أن “الإسقاطات التاريخية لعبت جزءاً من هذا الحراك الطائفي، فقد تم استحضار وقائع لسنا مسؤولين عنها حدثت منذ 14 قرناً، فقسمت تلك الحركة المجتمع إلى معسكر يزيد ومعسكر الحسين، فقابله استحضار تاريخي آخر تمثل في خيانة ابن العلقمي للدولة العباسية، وهكذا دواليك”.