عواصم - (وكالات): ذكرت تقارير أنه مع الانهيار الحاد في قيمة العملة الإيرانية، اكتفى الشعب الإيراني بالخبز وتحولت الدواجن واللحوم إلى سلع فاخرة، بينما شهدت الأسعار ارتفاعاً كبيراً مفاجئاً واتجه المتسوقون إلى تخزين السلع، بسبب تدهور العملة وزيادة التضخم. وقال بهروز مدني، 42 عاماً، الذي يمتلك محل جزارة شمال غرب طهران إن «معظم زبائني يكتفون بالنظر إلى المنتجات المعروضة في واجهة العرض، ثم يمضون إلى حال سبيلهم».
وأضاف في تقرير لوكالة «بلومبيرغ» نشرته صحيفة الشرق الأوسط «أراهم يتجهون إلى المتجر المجاور، وهو عبارة عن مخبز، لشراء الخبز لإطعام أسرهم». وفيما تستعد دول الاتحاد الأوروبي لتمرير حزمة جديدة من الحظر على طهران يواصل التومان «الريال» الإيراني رحلة انهيار متواصلة، بعد فقدانه أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار في التعاملات العادية خلال الشهرين الماضيين، في ظل العقوبات الأمريكية والأوروبية التي تستهدف عرقلة برنامج إيران النووي.
وأطلقت قوات مكافحة الشغب الأربعاء الماضي قنابل مسيلة للدموع وعزلت أجزاء من وسط مدينة طهران بعد اندلاع مظاهرات في الشوارع جراء هبوط قيمة العملة. وارتفع معدل التضخم، الذي قدره رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بنسبة 29% الأسبوع الماضي، إلى مستوى أدى إلى ارتفاع سعر اللبن في طهران بنسبة 9%.
ويرى أستاذ الشؤون الدولية بجامعة دورهام في المملكة المتحدة أنوش احتشامي أن الوضع الاقتصادي قد وصل إلى نقطة أصبح من المستحيل معها عدم إظهار رد فعل. وتنخفض قيمة العملة الإيرانية، في ظل التهام العقوبات صادرات النفط الإيرانية وعائدات العملة الأجنبية. وهبطت العملة بنسبة تقدر بنحو 18% في يوم 1 أكتوبر، لتصل إلى 35 ألف ريال للدولار في السوق غير الرسمية.
وقال مصطفى درياني، 52 عاماً والذي تملك أسرته سلسلة متاجر سوبر ماركت في طهران «معظم الإيرانيين لا يمكنهم تقييم ذلك المعدل بمعزل عن بعض مستوردي السلع الأساسية مثل الأدوية واللحوم والحبوب، الناس خائفون من الغد ومن الأسبوع المقبل لأنهم لا يدركون إلى أي مدى ستزيد أسعار السلع». وأضاف «إنهم يكتفون بشراء احتياجاتهم اليومية الأساسية ويتجاهلون معظم السلع التي لا تمثل ضرورة قصوى في حياتهم اليومية. وبدلاً من زجاجة لبن واحدة، يبتاعون اثنتين».
ويقول الجزار مدني إن سعر الدجاج، الذي يعتبر أحد الأغذية الرئيسية في الدولة، قد تضاعف في العام الماضي.
من جانبه قال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد كوهين إن تراجع الريال الإيراني خلال العام المنصرم يأتي نتيجة سوء الإدارة الاقتصادية لطهران والعقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي المتنازع عليه. واعتبر نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي دان ميريدور المتحفظ على لغة الحرب ضد إيران، أنه «حان الوقت لتكثيف وتشديد العقوبات» ضد طهران، وذلك أثناء لقاء مع الصحافة الفرنسية في باريس. من جانبه، توقع وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان ربيعاً فارسياً ضد النظام الإيراني في غمرة الربيع العربي، معتبراً أن العقوبات الدولية ستؤدي إلى اندلاع حركة احتجاج واسعة في إيران.
في المقابل، قال علي حداد عادل مستشار المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي إن بلاده ستتغلب على «المؤامرة» على أسواق الصرف الأجنبي والذهب وذلك في أعقاب اندلاع احتجاجات عنيفة أدت إلى إغلاق السوق الكبيرة في طهران.
واشتبكت شرطة مكافحة الشغب مع المتظاهرين واعتقلت العديد من تجار العملة داخل السوق وخارجها أثناء المظاهرات التي اندلعت بسبب انهيار «التومان» الإيراني ووصف المحتجون الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بالخائن لما يردده الكثيرون عن سوء إدارته للاقتصاد الذي تضرر بشكل كبير أيضاً من جراء العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.
وحض رجل دين إيراني السكان والسلطات على التعاون لمواجهة «الحرب الاقتصادية» المتمثلة في العقوبات الغربية. وقال آية الله أحمد خاتمي في صلاة الجمعة في طهران التي نقل التلفزيون الرسمي وقائعها إن «الطريقة الوحيدة لمعالجة هذه المشاكل هي التعاون بين المسؤولين والشعب». واعتبر خاتمي، وهو عضو في مجلس الخبراء المكلف الإشراف على أنشطة المرشد الأعلى أن «الضغط الذي يمارسه علينا اليوم الاستكبار العالمي يشكل حرباً اقتصادية فعليه».
وفي شأن متصل، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن المسؤولين الإيرانيين، مع تسبب العقوبات الاقتصادية القاسية في أول احتجاجات كبيرة بالبلاد خلال 3 سنوات، بدؤوا يصفون ما سموه «خطة التسع خطوات» لحل الأزمة النووية. وقالت إن واشنطن رفضت الخطة ووصفتها بأنها «غير عملية». من جانب آخر، اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران بدعم جناح قال إنه يستخدم السلاح ويطالب بالانفصال في الحراك الجنوبي، وذلك بحسب تصريحات نقلتها صحيفة «الحياة». وقال هادي في التصريحات التي أدلى بها في برلين «إن في الجنوب حراكين، سلمياً وغير سلمي، والأخير يستخدم السلاح، ويتلقى الدعم من إيران، ويسعى إلى الانفصال». من جهة أخرى، ألقت السلطات التركية القبض على إيراني حاول إحراق مقرّ قنصلية بلاده في إسطنبول. وذكرت وكالة أنباء «الأناضول» أن شخصاً حاول، إحراق القنصلية الإيرانية في إسطنبول، الواقعة في شارع أنقرة بمنطقة «شالايان»، ما استدعى تدخل الشرطة التركية، التي ألقت القبض عليه، ويدعى جواد بيستحاب، إيراني الجنسية. وقادت الشرطة بيستحاب إلى مركز الشرطة للتحقيق معه، وقال في أفادته إنه قام بذلك احتجاجاً على النظام الإيراني.