كتبت - عايدة البلوشي:
تؤكد التجارب والدراسات الحديثة أن النساء أكثر قدرة على تحمل الألم والمسؤولية، إلى جانب ضغوطات الحياة المتعددة من حياة زوجية وأمومة وسواها من ضغوطات. ورغم أن شبح الخيانة المقيت، يزلزل المرأة، إلا أنها وبحسب دراسة حديثة على استعداد للغفران، ويبقى الأمر متعلقاً بالزوج المسؤول عن 8% من حالات الخيانة الزوجية.
إن هناك كثيراً من القصص والوقائع تحكي ألم المرأة وتحملها الكثير، وطريقة مواجهتها لها. وفي السطور التالية نتعرف على أشكال من هذه المشاكل، وقصص وتجارب واقعية ترويها نساء هن زوجات وأمهات.. فإلى التحقيق التالي...
تقول فاطمة إن الأم تتحمل الكثير من أجل فلذات أكبادها، رغم أن الحياة قاسية وصعبة لا ترحم.
وتضيف: لي أبناء ثلاثة، وابنة واحدة، جميعهم تزوجوا وانتقلوا إلى حياتهم الجديدة. في بادئ الأمر كانوا يعيشون معي في البيت، حتى استقل ولدي البكر بحياته وزوجته، وتبعه الثاني، وحتى الثالث ورغم وعده إياي، تركني وحيدة بين جدران أربعة.
وتتساءل: هل اختفت الرحمة من قلوب الناس؟ لقد كنت لأبنائي الأم والأب في طفولتهم، لقد رحل والدهم إلى الباري عز وجل. وفي مرحلة المراهقة كنت أعتني بهم فكنت الأم والمربية والمدرسة، حتى إنني اضطررت للعمل ببيع بعض المأكولات من أجل تأمين لقمة العيش لهم!.
وتواصل “ما يعزيني أن ابنتي وإن كانت قد انتقلت لبيت زوجها، إلا أنها تزورني بين الفينة والأخرى، أما هم أبنائي، فلا يسألون عني حتى، رغم أني لا أريد منهم مالاً ولا أي شيء، سوى أن أجدهم قربي”.
بدورها تقول أم خالد: توفي زوجي منذ 10 أعوام، وتركني دون عمل أو وظيفة، أعزف أوتار الحزن والمعاناة وسط الظروف القاسية، مع ثلاثة أبناء أكبرهم في المرحلة الثانوية. كانت حياة صعبة، لإحساسي بالعجز عن توفير ما يطلبه أبنائي، وقد حاولت مراراً لكنني فشلت. ولولا فضل الله تعالى لما تمكنت من القيام بدوري كأم ومربية ومعلمة.
من جانبها تخشى أم عبدالله أن يأخذ القدر منها فلذة كبدها الوحيد، وهو كلّ ما حصدته من الدنيا.
تقول أم عبدالله: لقد ارتبطت برجل خانني، لكن طفلي البريء هو كل ما يهمني. إن المرأة عنوان التحمل فعلاً، فكثيرات من النساء يتحمّلن الخيانة من أجل الأبناء، فهي لا تفكر بنفسها، كشأني أنا خانني زوجي، وما عساي أفعل؟! لا أزال أتنقل بين أروقة المحاكم من أجل ورقة الطلاق والانفصال!.
التحمل يشتد مع التقدم في السن
من ناحيتها تشير استشاري الطب النفسي د.شارلوت كامل، في تعليقها على الحالات السابقة، إلى أن الدراسات تؤكد أنه كلما تقدمت المرأة في العمر كلما كانت أكثر قدرة على التحمل، كما إنّ الأبحاث العالمية تؤكد أن المرأة تستطيع التكيف مع الحياة بعد غياب زوجها سواء بالوفاة والانفصال، ويمكنها أيضاً الاستمرار في الحياة والقيام بأدوارها كأم وتواصل حياتها مواجهة لتلك الصعاب. وكل ذلك دليل على تحمل المرأة، بعكس الرجل الذي ربما لا يستطيع الاستمرار في الحياة بعد غياب زوجته.
وتضيف د.كامل: إن لدى المرأة القدرة على تحمل كثير من الأمور، يأتي في مقدمتها الألم، تحمل الولادة، الخيانة والمسؤولية والضغوطات النفسية، ناهيك عن تحملها العمل والدراسة وعقوق أبنائها أيضاً. المرأة المطلقة والأرملة كذلك تتحمل ظروف حياة قاسية أحياناً وتتكيف معها. فالمرأة بشكل عام تمتلك قدرة بدرجة كبيرة على التحمل. حيث تولّد الاستعداد للتحمل لديها منذ الصغر، ففي السنوات العشر الأولى من عمرها تكون أقوى من الرجل “الولد” فتتحمل تنشئة معينة قد تفرض عليها قيود الحياة؛ إلا أنها تتأقلم مع هذه الطبيعة الحياتية وتتكيف.
وتستدرك د.كامل: لكن الواقع والتجارب تثبت أن المرأة لها ردود أفعال وانفعالات تجاه ما تتعرض له، وبالتالي هي أكثر تعبيراً عن مشاعرها، بينما يقف الرجل في هذه المواقف دون تعبير، وبالتالي نجد أن الرجال أكثر تعرضاً للنوبات القلبية مقارنة بالنساء. كما إن الدراسات أثبتت أن المرأة أكثر تحملاً للأقدار القدرية كالوفاة، من الأفعال التي قد تتعرض لها من قبل الناس كالخيانة، فالخيانة تأتي بفعل شخص، بينما الوفاة قدر لا فرار منه، وبالتالي طبيعة المرأة أن تتحمل مثل هذه الظروف القدرية أكثر من تحملها الأمور التي تتعرض لها نتيجة فعل أشخاص.
وتواصل د.كامل: الجهاز الهرموني للمرأة يتأثر أيضاً نتيجة هذه الظروف، بسبب حساسية هذا الجهاز، وتتغير الهرمونات في مراحل عمرها سواء في سن البلوغ أو أثناء الحمل والولادة، وبالتالي تتعرض للتوتر والقلق والاكتئاب، وحالات نفسية متكررة، إلا أنها في نهاية المطاف تحاول أن تتغلب على هذه الظروف.
وتبين د.كامل أن المرأة معروفة بتعدد أدوارها، فهي تحاول التغلب على الصعوبات وتعزيز مهارات الحياة الاجتماعية واللجوء إلى المرشد الاجتماعي والمشاركة في المجتمع وعدم الانعزال في الحياة. وقديماً كان الدور البيولوجي الأسري لها كأم وزوجة، لكن مع الانفتاح وتطور الحياة أعطيت لها أدور كثيرة، فهي تشارك الرجل وتقف إلى جانبه في كثير من المجالات. وقد أصبحت وزيرة وطبيبة وقائدة ومحامية ..إلخ، كما إنها تشارك في نواحي الحياة الاجتماعية سواء في الأعمال التطوعية أو في الجمعيات النسائية أو الأهلية، وبذلك أثبتت وجودها.