حوّلت 5 سنوات من الأسعار "الملتهبة" للمعدن الأنفس على البسيطة، الذهب إلى سلعة للأثرياء فقط، بعد أن قفز سعر الأوقية الواحدة منه، في السوق السعودية من 2420 ريالاً، في نهاية يناير 2007 إلى 6485 ريالاً، بنهاية نفس الشهر من عام 2012، أي بنسبة نمو تزيد على 167%، وذلك في أقل من 5 سنوات.
الأسعار التي تنمو على الصعيد الدولي بدأت "تدريجياًً" وفق مختصين في قطاع الذهب تحدثوا لصحيفة "الاقتصادية"، وتقارير دولية، في حجب الطبقة المتوسطة في السعودية تحديداً عن وتيرة الشراء الموسمية، ما هبط بحجم الاستهلاك السنوي على الصعيد الفردي إلى مستويات متدنية، إلا أن ذلك حدث بصورة أقل في أسواق العالم العربي الأخرى، وحدث العكس تماماً في أسواق رئيسة للذهب، مثل الهند والصين، حيث نما استهلاك الذهب بسبب ارتفاع مداخيل الطبقات المتوسطة في هاتين الدولتين.
وبحسب مجلس الذهب العالمي فإن إجمالي استهلاك الذهب في الشرق الأوسط هبط بنحو 82% خلال عام إلى 6.052 طن، بنهاية عام 2011، مشيرا إلى أن السوق السعودية أكبر سوق للذهب في المنطقة شهدت تراجعا بنسبة 42% بنهاية العام الماضي.
وقال جميل فارسي شيخ الجواهرجية في جدة: إنه بالفعل باتت أسعار الذهب اليوم وتحديدا في السعودية بعيدة عن متناول الطبقة المتوسطة، بعد أن ارتفع سعر الجرام الواحد من 400 ريال قبل نحو 10 سنوات إلى 1600 ريال هذا العام، وهي نسبة نمو لا تتوافق مع نمو المداخيل.
وأضاف: "لكن السؤال لماذا زاد استهلاك الصينيين والهنود من الذهب رغم ارتفاع أسعاره، ونقص في العالم العربي؟ والجواب من وجهة نظري، لأن تلك الدول يحدث فيها نمو مضطرد لمداخيل المواطنين وارتفاع نسبة الطبقة المتوسطة في المجتمع، أما في العالم العربي وبسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة والفساد المالي تركزت الثروة في فئة معينة، وبالتالي تآكلت الطبقة المتوسطة تدريجيا".
ويسهم الطلب على الحلي وفق بيانات مجلس الذهب العالمي بالجانب الأكبر من استهلاك الذهب في الشرق الأوسط ما يجعل مبيعات المعدن الأصفر أكثر حساسية لاتجاهات المستهلكين عنها في مناطق أخرى من العالم، حيث يستوعب المستثمرون جزءا أكبر من المبيعات.
وبين فارسي أن ما يحدث حاليا هو أن الطبقة المتوسطة بدأت تتلاشى، هل من المعقول أن العالم كله يتطور وتنمو مداخيل أفراده فيما العالم العربي يسير عكس ذلك! مشيرا إلى أن الهند مثلا تقليدا هي مستهلك للفضة، ولكن مع نمو الطبقات المتوسطة هناك أصبح التوجه نحو الذهب، إذ إنه رغم ارتفاع أسعاره إلا أن دخل الفرد الهندي نما بنسبة موازية أو قريبة من نمو أسعار السلع.
وزاد: "أرى أن ارتفاع الأسعار مع ثبات الدخل أو انخفاضه أثر في نمط المعيشة وطبيعة المشتريات التي يهتم بها المستهلكون محليا، كل المشتريات والذهب كسلعة كمالية أقل المتأثرين".
وأسهم ارتفاع أسعار الذهب عالميا ونمو أسعار الفضة أيضا، في توجه شريحة من المستهلكين في السعودية نحو الحلي المصنوعة من الفولاذ(الإكسسوارات)، ما تراجع بالطلب على الذهب في السوق المحلية بنحو 20% خلال الربع الثالث من عام 2011.
وكشف تقرير صدر عن مجلس الذهب العالمي تحت عنوان "اتجاهات الطلب على الذهب"، عن أن سوق الذهب في السعودية انخفض معدل أدائها بنسبة تراوح بين 20% إلى 24%.
ورغم ذلك بين التقرير أن السعودية لا تزال تمثل أكبر الأسواق في المنطقة بمعدل ربعي يصل إلى 4.8 طن من الذهب، وهذا الوضع لم يتغير منذ الربع الثالث من عام 2010، إلا أن هذا يعتبر نتيجة ثابتة في سياق تاريخي: فمتوسط طلب الاستثمار بالنسبة للسعودية قد بلغ 301 طن في الفترة بين الربع الثالث من عام 2007 حتى الربع الثاني من عام 2011.