^ الأنباء المتواردة بشأن عدم سير الحوار الوطني المقبل حسبما هو مطلوب نتيجة تمسك المعارضة الراديكالية بمطالبها الذاتية التي تعتبرها ثوابت يعكس لنا من جديد عدم صوابية مسار هذه القوى السياسية وتمسكها بخياراتها المتطرفة حتى الآن. فالمعارضة الراديكالية مازالت تقدم سقفاً مرتفعاً للغاية ومبالغاً فيه من خلال مطالبها غير الواقعية التي لا تراعي بقية مكونات المجتمع، وبالتالي نخرج بخلاصة أن المعارضة لا تكترث كثيراً بوجود قوى سياسية أخرى مهمة ورئيسة تمارس دورها اللافت داخل النظام السياسي البحريني، وزاد هذا الدور بشكل أكبر بعد أزمة فبراير 2011. ما هو الهدف من وراء مطالبات المعارضة الراديكالية وسقفها المرتفع للغاية للحوار المقبل؟ وهل تسعى المعارضة الراديكالية إلى تقديم سقف مرتفع لتنال في النهاية مجموعة من المطالبات قد تشكل لها الحد الأدنى من هذه المطالبات؟ هذا السؤال الأخير يدفعنا إلى الكشف عن أن المعارضة الراديكالية نفسها لا تتقن جيداً لغة الحوار ولغة التفاوض والمساومة السياسية حتى الآن. فكم هي الفرص المتتالية التي حصلت عليها من خلال الحوار السياسي المستمر والمفتوح منذ بداية الأزمة، وحتى قبل الأزمة نفسها! صحيح أن أسلوب التفاوض والحوار السياسي يتطلب في أحايين كثيرة رفع سقف المطالبات للحصول على الحد الأدنى، ولكننا لا نشاهد ذلك لدى المعارضة الراديكالية في البحرين عندما أتيحت لها الفرصة في الحوار أثناء الأزمة نهاية فبراير 2011، ولاحقاً عندما أقيم حوار التوافق الوطني خلال الصيف الماضي كانت النتيجة نفسها، حيث قدمت المعارضة الراديكالية مطالبها نفسها مجدداً وخرجت خالية الوفاض، والآن يتكرر السيناريو ذاته مجدداً. في الحالة البحرينية لا أعتقد أن الإشكالية تتعلق بتمسك الدولة بثوابتها وعدم رغبتها في الاستجابة لمطالبات المعارضة الراديكالية أبداً، فالنية والرغبة كانتا ومازالتا موجودتين نحو مزيد من الإصلاحات السياسية مادام هناك توافقاً شعبياً بشأنها. ولكن الإشكالية تتعلق بوجود قوى سياسية تصر على مطالبها فقط ولا تكترث بمطالب القوى السياسية الأخرى، بل وحتى مكونات المجتمع. هذه الفكرة تقوم على أن المعارضة الراديكالية لا ترى في البحرين سواها، وأنها فقط القوى السياسية المعارضة التي تمثل شعب البحرين، وآرائها تمثل المصلحة الوطنية العليا للبلاد، أما البقية فكلا طبعاً! نخرج في النهاية إلى أن المعارضة الراديكالية تمر بدرجة مرتفعة من حالات الإقصاء السياسي، ولا يمكنها أن تقدم آراءً معتدلة ومطالب واقعية يمكن أن تساهم في إحداث انفراج داخل النظام، خصوصاً مع تمسكها بمبدأ حرب اللاعنف.