شدد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى على رفض أي تدخل خارجي في شؤون البحرين الداخلية ورفض التصعيد الخطير في الشارع وممارسة العنف والإرهاب ضد المواطنين والمقيمين.

وقال العاهل في كلمة سامية بافتتاح الدور التشريعي الثالث لمجلسي النواب والشورى إن المطالب لا تؤخذ بالعنف بل بالحوار والتوافق الوطني ولا ينبغي أن تفرض فئة رأيها على الآخرين، داعيا مجلس النواب إلى تجريم كل ما يمس بالوحدة الوطنية وأمن المجتمع، مؤكدا أن البحرين ستبقى بخير وقوية بإرادتها الحرة.

وأكد العاهل المفدى على أن مرئيات الحوار الوطني عكست في مختلف مجالاتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحقوقياً رغبة وطنية لبدء مرحلة جديدة، مشيرا إلى أن التعديلات الدستورية ترسخ الديمقراطية والشفافية وحقوق الإنسان وحرية الرأي. ولفت إلى أن الجهود متواصلة لتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق وأن باب الحوار مفتوح للجميع للبناء على ما تحقق من إنجازات.

وفيما يلي نص الكلمة السامية التي القاها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث لمجلس النواب والشورى .



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :

أيها الأخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني الموقر ..



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

يسرنا ويسعدنا أن نفتتح معكم اليوم دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث للمجلس الوطني الموقر إيذاناً ببدء دورة جديدة من جهودكم المخلصة التي نتطلع إليها جميعاً ، أداءً لرسالتكم النبيلة في تلمّس كافة القضايا والموضوعات التي تهم الوطن والمواطن ومناقشتها ووضعها موضع التشريع والقانون ، إسهاماً فيما نسعى إليه جميعاً لبناء نهضة وتقدم بلدنا الحبيب البحرين وتحقيق الحياة الكريمة الآمنة لكل مواطن .



كما ويهمنا التأكيد على أن سير تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني بنجاح يمثل موقف حاسم في مسيرة العمل الوطني المشترك سعياً إلى ترسيخ روح الأسرة الواحدة في مجتمعنا .



فلقد عكست هذه المرئيات في مختلف مجالاتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحقوقياً رغبة وطنية لبدء مرحلة جديدة لتقدم هذا الوطن الغالي ودفعه إلى المكانة التي يستحقها بكل جدارة بين الأمم والشعوب .



وفي هذا الإطار فإننا لننظر بكل التقدير للجهود الدؤوبه التي تساهم في بذلها الحكومة ومجلسا النواب والشورى لوضع جميع المرئيات موضع التنفيذ وذلك بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية ، وبما أسفر عن إقرار تعديلات دستورية هامة تدعم تلك المرئيات وتنقلها إلى حيز التنفيذ ، لترسيخ الديمقراطية وتعزيز الشفافية وحقوق الإنسان وحرية الرأي في المملكة ، مواصلة لما طرحة الميثاق من مشروع شامل للإصلاح المستمر .



ولقد جاء اعتماد منظمة الأمم المتحدة مؤخراً لتقرير البحرين في مجال حقوق الإنسان ، وتنفيذها للتوصيات المقدمة من الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف ، وفوزها بعضوية اللجنة الاستشارية بمجلس حقوق الإنسان ، تأكيداً لثقة المجتمع الدولي في قدرة المملكة علـى الوفاء بالتزاماتها الدولية ، مقدرين في هذا المقام جهود سعادة وزير حقوق الإنسان ، وكل الذين شاركوا في تحقيق هذا الانجاز الوطني الصادق النابع من شعورهم الأصيل تجاه بلدهم ومجتمعهم .



وتعزيزاً لمسعى تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني وتكاملاً معها تسير جهود تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي أمرنا بتشكيلها ، ومنحنا أعضاءها الامتيازات والحصانات اللازمة ، منوهين في هذا الشأن باللقاءات التي تجريها الحكومة الموقرة مع الجمعيات السياسية في البلاد ، ومؤكدين على أن باب الحوار مفتوح للجميع ، بما يحقق الانسجام التام لمجتمعنا ويوحد الجهود للبناء على ما حققته البحرين من إنجازات .



وانه ليسعدنا في هذا المقام أن نشيد بالجهود المتميزة البناءة التي يبذلها العم العزيز صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر والذي يقود بكل الحكمة والاقتدار الجهاز التنفيذي في المملكة .



كما ونعبر عن تقديرنا للجهود الطيبة التي تعكس الروح الطموحة الوثابة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى إسهاماً فيما نسعى إليه جميعا من نهضة وتقدم لوطننا العزيز .



والتقدير لقواتنا المسلحة الباسلة الدرع الواقي والحصن الأمين للذود عن الوطن وحمايته ، والشكر لوزارة الداخلية ولكل منتسبيها من الضباط والأفراد على ما يسهمون به من جهود أمنية وأداء حضاري وإنساني مشهود، هي موضع تقديرنا وتقدير الجميع .



الأخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني :

في عصر يتسم بالأزمات والمتغيرات السريعة المتلاحقة سواء كانت سياسية أو اقتصادية تمتد آثارها وتداعياتها على مستوى العالم كله . فإن منطقتنا الخليجية قد مرت عبر العقود الثلاثة الماضية بالعديد من التحديات التي واجهناها بصلابة، وبمواقف موحدة يجسدها الدور الرائد الذي يضطلع به مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الذي نسعى وبعون الله وتوفيقه بأن يصبح أكثر وحدة بين دوله الشقيقة .



ويسرنا في هذا المقام أن نعرب عن ترحيبنا بعقد القمة الثالثة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في رحاب مملكة البحرين ، متطلعين للقاء أصحاب الجلالة والسمو الأخوة قادة دول المجلس في بلدهم الثاني البحرين ، معبرين عن شكرنا وتقديرنا للدعم الاقتصادي الأخوي الكريم الذي يقدمه المجلس لمملكة البحرين ، والذي سيسهم في إنعاش الاقتصاد وتنفيذ العديد من المشاريع الحيوية والهامة في مختلف المجالات .



وسنبقى على الدوام حريصين على أن نمد أيدينا للسلام ، والرغبة الصادقة في التعاون مع كل الأمم والشعوب ، معبرين في ذات الوقت عما يشعر به شعبنا الآمن المسالم من أسى وأذى ، وما يعانيه من تلك الفئة المضللة التي تسعى لتشويه صورة البحرين في الخارج ، وتحاول الاستعانة بمن لا يعنيهم الأمر بالتدخل في شأننا الداخلي ، مؤكدين رفضنا بكل حزم أي تدخل خارجي في شؤوننا الداخلية ، كما نرفض التصعيد الخطير في الشارع من قبل تلك الفئة ، وممارساتها للعنف والإرهاب والذي مسّ الممتلكات العامة والخاصة والمقيمين في البحرين ، والذي من واجبنا حمايتهم من كل ما يمس أمنهم في هذا الوطن الغالي ، كما أنه لم يخطر على بالنا أن تستغل الديمقراطية لتحقيق المطالب بالعنف والإرهاب ، ولذا فإننا نؤكد دائماً بأن المطالب لا تؤخذ بالقوة والعنف بل تؤخذ بالحوار والتوافق الوطني كما حصل سابقاً بين أطياف مجتمعنا ، وأنه لا ينبغي أن تفرض فئة رأيها على الآخرين .



ومن هنا فإننا نأمل من مجلسكم الموقر النظر في سنّ التشريعات اللازمة لتجريم كل ما يمس وحدتنا الوطنية وأمن المجتمع وبكل الحزم .



أما على صعيد ساحتنا العربية فإننا سنظل مدافعين بكل ما نملك من قوة عن قضايانا وحقوقنا العربية المشروعة وعلى رأسها التمسك بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، آملين في وقف نزيف الدم العربي والإنساني في كل مكان ، وبالأخص في سوريا الشقيقة في أي إطار من التوافق العام واحترام حقوق الإنسان وإرادة الشعوب .



الأخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني :

وإننا إذ نقدر جهود الحكومة الموقرة في المعالجة الفعالة لخطط التنمية الشاملة والموضوعات الحيوية التي تمس الحياة اليومية للمواطن ، وحماية الأمن والاستقرار في البلاد ، والمحافظة على معدل بطالة منخفض ، وفي تعاونها المثمر مع مجلسكم الموقر ، لندعوكم في هذا الفصل التشريعي الجديد نحو بذل مزيد من الجهد لتحقيق طموحاتنا الكبيرة للمواطنين الكرام ، من خلال الإسهام في مواصلة تطوير الاقتصاد والتنمية الشاملة ، وتنويع مصادر الدخل الوطني ، وتحسين الأداء والإنتاجية والعمل مع الدولة ، في رعاية الشباب الذين هم عدة المستقبل وثروته .



وفي الختام لا يفوتنا في هذه الفترة المهمة لوطننا العزيز ، إلا أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير لكافة أعضاء المجلس الوطني على أدائهم الوطني المخلص لكل أبناء الوطن ، وبتعاون الجميع فإن مملكة البحرين ستبقى بإذن الله تعالى بخير وقويه بإرادتها الحره الأبيه .



نسأل الله تعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً ، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه ، ولما فيه خير مواطنينا وبلادنا وأمتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه .



"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .