أكد وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، على ضرورة الالتزام بآداب الخطاب الديني التي جاءت لتؤكد على مبادئ الاعتدال والوسطية والتسامح والمواطنة وتعميق قيم الوحدة والولاء للوطن واحترام سيادة القانون.
وشدد وزير العدل في في بيان له تلقت "الوطن" نسخة منه اليوم الأربعاء، العزم على التصدي لحالة "تحزيب" المنابر الدينية وما تنتهجه من وسيلة تقوم على تديين السياسية وتسييس الدين بغرض فرض أجندة "حزبية" وطائفية ، من خلال إضفاء صفة "العصمة" على الخيارات السياسية وتحويلها إلى ثوابت وقناعات دينية ومذهبية، وبالتالي تحييد العمل السياسي المؤسساتي وإفراغه من دوره وغاياته، وتضييق مساحة وآفاق الحراك السياسي الوطني الجامع والبناء، وهو ما عكسته تجربة السنوات الماضية وتنامت وتيرته خلال الأحداث الماضية ولا تزال مستمرة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في اذكاء حالة التأزيم المتعمد والتجاذب الطائفي.
ولفت في هذا السياق إلى ما تشهده دور العبادة من انتهاكات مستمرة تهدف إلى الهيمنة الحزبية على أكبر عدد منها وذلك بغرض استخدام منابرها كجسور عبور لتحقيق أجندة سياسية وتأزيمية، في خروج كلي عن أهداف الشعائر والمناسبات الدينية.
وأردف أن واجبنا وكل من موقعه تحمل أمانة ومسئولية حماية وصون مقام وقدسية منبر الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، والوقوف بوجه من يسعى لحرفه عن موقعه ورسالته الذي كرس النبي صلى الله عليه وسلم وآل البيت والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين جل حياتهم في غرسها وحفظها في سبيل إعلاء كلمة الله وحفظ وحدة وعزة الأمة.
وقال إن من المؤسف والمؤلم جداً أن تتحول بعض المنابر إلى مصدر مستمر للفوضى والفرقة من خلال تغطية أعمال العنف والخروج على القانون، ودعم اتجاهات الإقصاء للآخرين، عبر خطابات تقوم على استهداف استثارة المشاعر والتأجيج، متسائلا باستنكار: "متى كان الدين يشرعن ويبرر الأذى للإنسان عبر قطع طريقه وتعريض حياته للخطر والتعدي على أملاكه؟"، داعياً إلى التبصر جيداً بنتائج هذه الخطابات وانعكاساتها الحقيقية على أرض الواقع بدل الإنكار أو التنصل، فبصمات وآثار ذلك أكبر من أن يُحجب أو يُضلل عليه.
وتابع إننا أمام حالة انحراف خطيرة لمسار المنبر الديني عبر تحويله من منبر تنوير وهداية ووحدة وتقارب الى منبر للتضليل والترهيب والشقاق والاصطفاف، فبدل أن يكون يوم الجمعة وما يحمله هذا اليوم من مكانة وخير وسكينة وراحة، أضحى يوما لتعبئة الكراهية والتطرف والإحباط بين المواطنين والتحريض على العنف الذي يتزامن مع تصعيد لأعمال الإرهاب و"المولوتوف" يومي الإجازة الأسبوعية، وهو الأمر الذي أوجد حالة من السخط والتنديد من المواطنين والمقيمين.
وقال إنه في ظل أعمال قطع الطرقات وإرهاب المولوتوف وتهديد سلامة الآمنين والاعتداء على رجال انفاذ القانون والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة والاضرار بالاقتصاد، لا يمكن أن يقبل موقف التهاون أو التخاذل، وهو الأمر الذي يستدعي الوقفة الجادة والإدانة الشرعية لهذه الأعمال من قبل رجال الدين.
ومن جانب آخر شدد وزير العدل على أنه من غير المقبول إطلاقاً أن يبلغ بنا الحال لنجد المنبر مكاناً وأداة للإساءة والتهجم على المذاهب الإسلامية والقذف والقدح والتجريح.
وقال وزير العدل إن الحرية الدينية كانت ولا زالت وستبقى مكفولة ومصانة، وان واجب التصدي لاستغلال الحريات الدينية لصالح أغراض حزبية ضيقة وشق الصف والتحريض على العنف، يشكل جزءا من الالتزام نحو مسئولية حفظ وصون هذه الحرية الأصيلة والمتجذرة من هذا العبث والتهديد الخطير.
وشدد التأكيد على واجب النأي بالشأن الداخلي عن التدخلات الخارجية وفوضاها وأطماعها، والوقوف الحازم بوجه أي محاولة للتدخل والاستفزاز و السعي لاستيراد أو استنساخ تجارب إقليمية تهدف إلى جعل البحرين منطقة نفوذ وامتداد حزبي وطائفي على حساب استقرارها وأمنها القومي والمساس بسيادتها والنيل من وحدة أبنائها وانتمائها العربي الخليجي ومكاسبها الحضارية والوطنية.
ونبه وزير العدل في ختام تصريحه الى ان اتخاذ نهج التروي والتناصح والتنبيه طوال الفترات الماضية تجاه تجاوزات المنبر الديني الذي يأتي ضمن رؤية شاملة ومتدرجة إنما جاء بغية إعطاء فرص المراجعة والتصحيح، قائلاً ان رسالتنا التي نؤكدها ونأمل ان تكون واضحة جلية للجميع، وهي ان الاستمرار والتمادي في هذه التجاوزات التي تعدت الخطوط الحمراء ستواجه بقوة القانون، مؤكداً ان لا حصانة لأحد، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالسيادة والوحدة الوطنية والأمن القومي.