حذر شيوخ دين مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و«تويتر” وغيرها من “استخدامها فيما يغضب الله عز وجل”، مشيرين إلى أن “استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التنابز بالألقاب، والخوض في الباطل، والسب، والقذف، ونشر الشائعات، والسخرية، والاستهزاء، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية، ونشر الصور التي تخدش الحياء العام، يحولها من الأمر المستحب أو المباح إلى الأمر المحرم”.
وأوضحوا أن “الأصل في استخدام هذه الوسائل هو الإباحة، لكنها قد ترتقي أحياناً إلى مرتبة الوجوب إذا توقف على استخدامها أداء واجب شرعي كالدفاع عن العقيدة الإسلامية أو إنقاذ حياة إنسان، وقد يكون الاستخدام مستحباً إذا كان وسيلة للدعوة إلى الله، أو لنشر العلم النافع، أو لصلة الأرحام وما إلى ذلك”.
وأضافوا أنه “واجب على العلماء، أن يرشدوا الناس إلى سلوك جادة الصواب، وذلك ببيان الضوابط الشرعية للتعامل مع التقنيات الحديثة بشكل عام، ومع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص خاصة “فيسبوك”، و«تويتر”.
الاستخدام المباح والمستحب
من جهته، قال الشيخ الدكتور النعمان منذر الشاوي إن “العالم شهد في السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في مجال تقنية المعلومات، حتى بات عصرنا الذي نعيش فيه يعرف بــ«عصر الإنترنت”، مضيفاً أنه “قد تنوعت مجالات استخدام الإنترنت وتعددت، فظهر التعليم والتجارة والإفتاء عبر الإنترنت، إلا أن من أهم هذه المجالات -إن لم يكن أهمها- ما يُعرف بوسائل التواصل الاجتماعي كـ«فيسبوك” و«تويتر”. وأوضح أن “وسيلة التواصل الاجتماعي هي أداة إلكترونية لنقل وتبادل المعلومات المرئية والمسموعة والمكتوبة بين مستخدميها، وعليه فإن استخدام هذه الوسائل هو تصرف بشري، ومن ثوابت الإسلام أن أفعال المكلفين لابد أن تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية، بمعنى أنها إما أن تكون واجبة أو مندوبة أو مباحة أو مكروهة أو محرمة، ولايخرج فعل المكلف -من حيث إنه مكلف- عن واحدة من هذه الأحكام الخمسة”. وتابع “الأصل في استخدام الوسائل هو الإباحة، لأنها أشياء مستحدثة لم يرد فيها نص شرعي خاص، وقد تقرر في الفقه الإسلامي وأصوله أن الأصل في الأشياء الإباحة، لكن هذه الإباحة قد ترتقي أحياناً إلى مرتبة الوجوب إذا توقف على استخدامها أداء واجب شرعي كالدفاع عن العقيدة الإسلامية ممن يتعين عليه ذلك، أو إنقاذ حياة إنسان أو غير ذلك، وقد يكون هذا الاستخدام مستحباً إذا كان وسيلة للدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، أو لنشر العلم النافع، أو لصلة الأرحام وما إلى ذلك. وقد يصبح هذا الاستخدام مكروهاً إذا أصبح مرتعاً لتضييع الأوقات الثمينة، ومصدراً للقيل والقال، وسبباً لتفويت بعض العبادات والأعمال المستحبة”.
ولفت إلى أنه “قد يعظم الخطر فيصير استخدام الوسائل حراماً فيطلب تركه طلباً جازماً، بحيث يعاقب فاعله قصداً ويثاب تاركه، وهذا ما ينبغي التحذير منه والزجر عنه، فمن يتجول اليوم في أروقة “فيسبوك” و«تويتر” و«يوتيوب” يجد كثيراً من المنكرات مثل كفر وإلحاد، وفسوق، ومجون، وعري، وفساد، وسب، وقذف، وتنابز بالألقاب، وجدال عقيم، وطائفية مقيتة، وعصبية منتنة، إلى غير ذلك من الكبائر والصغائر”.
وأوضح الشيخ منذر الشاوي “إزاء كل ذلك، وجب على العلماء -وهم ورثة الأنبياء- أن يرشدوا الناس إلى سلوك جادة الصواب، وذلك ببيان الضوابط الشرعية للتعامل مع هذه التقنيات الحديثة بشكل عام، ومع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، ومن أهم هذه الضوابط ما يأتي”:
- عدم نشر أية صورة أو رسم أو رمز خادش للحياء، أو تظهر فيه عورة إنسان، لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).
- ترك الخوض في الباطل، وهو الكلام في المعاصي، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم).
- ترك الفحش والسب والبذاء ونحو ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء).
- ترك السخرية والاستهزاء، والسخرية هي الاحتقار والاستهانة، والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ).
- ترك الغيبة، لقوله تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا).
- ترك الحديث فيما لا يعنيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه).
- ترك الجدال العقيم الذي لا طائل منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في رَبَضِ الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا)، فإن كان ولا بد من الجدال والنقاش لإحقاق حق أو إبطال باطل، فليكن بالَّتي هي أحسن، ووفق القواعد العلمية المعروفة في علم آداب البحث والمناظرة، لقوله تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
- ترك التنابز بالألقاب وإثارة النعراث الطائفية والعصبية والمذهبية، لقوله تعالى:(وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)، ولأن في ذلك تفريقاً لصف المسلمين، وتشتيتاً لوحدتهم، وهذا خلاف ما أمر الله عز وجل به في قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).
وخلص الشيخ منذر الشاوي إلى أنه “لابد من إسداء النصيحة لمرتادي تلك الشبكات أن يتقوا الله تعالى في كل أقوالهم وأفعالهم، وأن يتذكروا دائماً قوله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)”.
الإخلاص لله فيما يكتب وينشر
من جانبه، قال الشيخ عثمان غريب إن “الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة إما أن “تكون نعمة يثاب من جعلها خادمة للإسلام وداحضة للباطل وأهله إذا قام بالدعوة إلى الإسلام وبيان محاسنه ورد على الشبهات التي تثار حول الإسلام ودحضها وقام بمحاربته البدع والتصدي لدعاتها وقام بنصرة نبيه صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الاهتداء بهديه وأعلن عن محاضرات العلماء ومتابعته عن طريق الإنترنت ونشر المحاسن من الأخلاق وكونه نعمة في سهولة الدعوة فيه وعدم احتياجها لإمكانات مادية أو مهارات وقدرات شخصية فيمكن لأي شخص أن يدعو إلى الله عن طريق كتابة خاطرة أو نقل فائدة لأحد العلماء أو رفع صورة أو مقطع مرئي أو التعليق على بعض الكتابات فلا يلزم أن يكون الشخص خطيباً مفوهاً أو واعظاً مؤثراً أو عالماً ربانياً أو فقيهاً مجتهداً بل تتاح فيه الدعوة إلى الله كل بحسب ما عنده، وإما أن تكون وسائل الاتصال الحديثة نقمة يعاقب عليها صاحبها ويأثم إذا نشر الأكاذيب والأباطيل وأذاع الرذائل وزعزع العقائد وشكك فيها ودمر الأخلاق ولفق وأرسل الاتهامات جزافاً في حق بعض الناس. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”“.
ووجه الشيخ غريب سلسلة من النصائح لمن يسيء استخدام تلك الوسائل بالقول إنه “لا يجوز استخدام نعم الله في معصيته ومحاربته، فيما يستخدمه غير المسلمين فيما يوصلهم إلى مراكز القيادة والريادة حول العالم، يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة)”.
وحذر الشيخ غريب من “استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيما يغضب الله”، ودعا مرتادي “فيسبوك” و«تويتر” إلى استخدامها فيما يرضي الله عز وجل والأمة الإسلامية والمجتمع، يقول الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، فينبغي على الشابِّ والفتاة المحافظةِ على العِفَّةِ والدين، والبُعدِ عمّا يخدِشُهُما من قريبٍ أو بعيد”.
ولفت الشيخ غريب إلى أن “نشر الإشاعات، وتتبُّع العوراتِ، والتجسُّسِ على عبادِ اللهِ والاِطِّلاعِ على خصوصياتِهم في هذا العالَمِ الغريب، أمرٌ منكرٌ لا يسُوغُ لمؤمنٍ القيامُ به، قال تعالى (ولا تجسّسوا)، وقالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُسلِمُ من سلِمَ المُسلمونَ من لسانهِ ويدِه)”.
وأضاف أن “شبكات التواصل الاجتماعي فرصةٌ للاِتصالِ بالدعاةِ وطلبةِ العلمِ والأدباءِ والإعلاميين والمُؤثِّرينَ في المُجتمعِ مباشرةً دون وسائط، وتكثُرُ على صفحاتِه المجموعاتِ الدعويةِ والثقافيةِ والإعلاميةِ المُفيدة، فجديرٌ بمستخدم تلك الوسائل الحرِص على اِستغلالِ ذلكَ والاِستفادةِ منهُ بحُسنِ الصداقةِ لطُلاب العلم وجميلِ الإفادة من تدويناتهم، كي يَنَال خيراً كثيراً، ومخزوناً ثقافياً كبيراً”.
وحذر الشيخ غريب من نشر الصور الساقطة المحرمة على تلك الشبكات، فيما دعا إلى استبدال ذلك بنشر ما يفيد المجتمع والوطن”، مشيراً إلى أن تلك الشبكات فرصة طيبة لنشر الكلام الطيب سواء القرآن الكريم أو أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والخواطر الطيبة، ونشرِ الملفاتِ الصوتية والمرئية النافعة، فهي فرصة ذهبية لطلابِ العلم والدعاةِ إلى الله للدعوةِ والتعليم ونفعِ النّاسِ، يقول الله تعالى: (ما يلفِظُ من قولٍ إلا لديهِ رقيبٌ عتيد)”.
وشدد الشيخ غريب على ضرورة “الإخلاص لله في كل ما يكتبه الشخص، فلعل كلمة يكتبها تبلغ الآفاق ينفع الله بها أناساً هم في أمس الحاجة لبلسمها وقد تكتب كلمة تداوي مجروحاً أو تحيي ميتاً أو تنبه غافلاً أو تشد عزيمة أو تحل مشكلة”.