العلاقات البحرينية ـ الإيرانية عاشت موجات من التذبذب منذ السبعينات من القرن العشرين، ولكنها انتهت لحد من دبلوماسية الضرر التي يقيّمها أحد الدبلوماسيين العرب بأن «ضررها أكبر بكثير من فوائدها» بعد أزمة فبراير 2011.
العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وصلت إلى طريق مسدود، فهي ليست علاقات إيجابية مستمرة، رغم المحاولات الكثيرة التي بذلت من قبل الخارجية البحرينية لإصلاح هذه العلاقات وإعادتها لمسارها الطبيعي، وحتى الوساطات الإقليمية التي بذلت من أجل معالجة هذه الحالة في العلاقات بين البلدين.
بعد أحداث العام الماضي، تدهورت العلاقات البحرينية ـ الإيرانية بشكل ملحوظ، وانتهت بغياب السفير الإيراني عن المنامة، وإعادة السفير البحريني إلى العاصمة طهران خلال الصيف الماضي بعد غياب فترة طويلة، ولكن هذه التطورات لم تساهم أبداً في معالجة الأزمة العالقة بين البلدين.
تتباين النظرة البحرينية عن الإيرانية، حيث ترى الأولى أن طهران تمارس تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للبلاد، وهو ما يتعارض مع أسس العلاقات الدولية، وعوامل الجوار الجغرافي بين البلدين. أما الثانية فتبدي تعاطفاً مدفوعاً بالأيديولوجيا تجاه الجماعات الراديكالية التي قادت محاولة «إسقاط النظام» خلال الربع الأول من العام 2011 باسم الحرية والديمقراطية، وهو التعاطف الذي يعكس ازدواجية في المعايير.
المصالح الإيرانية في البحرين يشرف عليها حالياً القائم بالأعمال الإيراني مهدي إسلامي، ولا يبدو أن الدبلوماسي الإيراني قادر حالياً على إعادة العلاقات المتدهورة بين البلدين مع استمرار رغبة الخارجية الإيرانية في تعليق قرارها بتعيين سفير لها في البلاد. ولذلك تتركز أدوار الدبلوماسي الإيراني في إدارة المصالح مع الجماعات الراديكالية أكثر من إدارة المصالح مع حكومة البحرين.
مؤخراً كشفت أوساط إعلامية تبعتها تصريحات رسمية حكومية أن القائم بالأعمال الإيراني أقام اجتماعاً سرياً مع عيسى قاسم، وهو الاجتماع الذي نتج عنه تصاعد دراماتيكي في أعمال العنف والإرهاب منذ نهاية سبتمبر الماضي لتستهدف رجال الأمن، ثم العمالة والمقيمين الأجانب، واليوم بدأت في استهداف المدنيين كما كان في حادثة الاعتداء بقنابل المولوتوف على مجتمع سكني في منطقة اللوزي.
مسؤولون رسميون كشفوا أن التكتيكات والأدوات المستخدمة مع تصاعد الأعمال الإرهابية تكشف نقلة نوعية، وهي عمليات غير مستخدمة في السابق، وهو يتوافق مع تقارير إعلامية ظهرت مؤخراً تشير إلى تدريب طهران مجموعات بحرينية في إيران والعراق لإثارة مزيد من الإرهاب والعنف في البلاد.
في ظل تدهور العلاقات واستمرار التعبئة الإيرانية عبر وسائل الإعلام التي تمتلكها طهران، لا يوجد مخرج لإنهاء حالة التدهور، ولذلك تتصاعد المطالبات الشعبية والبرلمانية بالإسراع في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وإنهاء التمثيل الدبلوماسي، خصوصاً بعد سماح طهران بمشاركة شخصيات بحرينية في اجتماع لمحافظات إيران كممثلين عما يسمى بـ «محافظة البحرين»، وهو ما أثار استياءً شعبياً وسياسياً عاماً دفع إلى إنهاء دبلوماسية الضرر.