تحقيق ـ حسين التتان:
كراج أشبه بالخربة، ينعق فيه البوم ليلاً، وتتسابق فيه الجرذان والقطط والكلاب صباحاً.. إنه كراج بلدية المحرق.
يقع هذا الكراج الكبير جداً في محافظة المحرق، قرب الكازينو المشهور، وفي مجمع 205 على طريق 519 بالدائرة الثالثة بالمحرق.
هو عبارة عن أرض كبيرة شبه مسوَّرة، مليئة بالأنقاض والمخلفات التي تأتي بها البلدية من كل حدب وصوب، والنتيجة، انتشار القوارض والحشرات السامة في المنطقة، وعدم استغلال مساحات الكراج بسبب تلك المخلفات، لتحويلها إلى مواقف للسيارات، خصوصاً وأن الدائرة الثالثة من أشد المناطق البحرينية ازدحاماً وضيقاً.
وبسبب المخلفات، اليوم، فإن الكراج لا يسع لأكثر من 30 إلى 40 سيارة فقط، بينما هو يسع لأكثر من 120 سيارة في الحقيقة.
ألم اهالي الدائرة الثالثة بالمحرق وأوجاعهم تلمسها من بعد، لكنها تزداد كلما اقتربت من مكان يُدعى كراج البلدية.
الكراج الخربة
التقينا مجموعة من أهالي الدائرة الثالثة قريبة منازلهم من كراج البلدية المأساوي، فأجمعوا على رأي واحد، وهو باختصار، إزالة ما فيه من أنقاض وأوساخ، وتحويله إلى مواقف لسياراتهم.
المواطن جاسم الملا يقول في هذا الصدد: إن وضع كراج البلدية، منذ إغلاقه قبل أكثر من 15 عاماً لم يتغير، فالفئران والقوارض تملأ أرجاء ساحته، إضافة إلى وجود بعض الثعابين الصغيرة، كما أصبح كراج البلدية مرتعاً للكلاب والقطط. مشكلة الكراج فهو محاذٍ لمنازلنا، ومن هذا المنطلق لا يمكن السكوت عن هذه الفوضى، وما نطالب به اليوم، هو إزلة المخلفات من كراج البلدية، وتحويله إلى مواقف للسيارات.
ويضيف: أعطتنا بلدية المحرق وعوداً كثيرة بإزالة المخلفات من الكراج، لكنها لم تفعل أي شيء، كذلك وعدنا المجلس البلدي بذات الأمر، لكننا لم نجد سوى الوعود غير الصادقة، أي نسمع جعجعة ولا نرى طحناً.
ويؤكد الملا أن ما هو موجود في الكراج، ليس مجموعة من المخلفات فحسب، بل توجد فيه طراريد وبوانيش وكل ما يخطر ببالكم من (الكجرات) غير المرغوب بها في مختلف مناطق المحرق!!.
ويقول: إنني ولأكثر من مرة تحدثت مع مسؤول الكراج ببلدية المحرق، وأخبرنا أن البلدية بانتظار أن نقيم مزاداً على ما في أرض الكراج من مخلفات، كما تحدثت مراراً مع العضو البلدي عبدالناصر المحميد، لكن لا فائدة ترجى من جميع متابعاتنا معهم، والأمنية الوحيدة التي نطالب بها في الدائرة الثالثة، هو إزالة الأوساخ وتحويل كراج البلدية الكبير إلى مواقف للسيارات، لا غير.
والتقينا المواطن الحاج علي البدل وكان في حالة غضب شديد على البلدية لبرودة ردود أفعالها حيال كراجها، كما قال.
يقول البدل: البلدية لا تعمل لصالح أهل المنطقة، وأكبر دليل على ذلك، هو إهمالها لكراجها المحاذي لمنازلنا، ومع علمها أنه يحتوي على القاذورات والأوساخ، وأن النظافة هي من صلب عمل البلدية، إلا أنه أصبح مرتعاً للأنقاض والأوساخ في كل أرجاء المحرق، مع أن تنظيف الكراج بصفة دورية، لن يكلف البلدية أي شيء، لأنها تملك العمَّال وشاحنات التنظيف، وكل ما نريده منها، هو أن تطور الكراج وتحوله إلى مواقف للسيارات.
ركز البدل نظره في عيني، وقال: إنك حين تدخل الكراج، فستجده مأوى آمناً للفئران، هذا في الصيف، أما في الشتاء فإنه يتحول إلى أرض طينية، لا تصلح أن تكون موقفاً للسيارات، وحين نتكلم مع المسؤولين فإنهم يقولون لنا، ماذا تريدون؟ ألم نحوله إلى مواقف لسياراتكم؟!! فنجيبهم: نعم، أنتم حولتموه إلى مواقف للسيارات، لكن هذا لذر الرماد في العيون وحسب، لكنها في الواقع ليست مواقف حقيقية، وإنما هي عبارة عن خربة كبيرة يوقف فيها الأهالي سياراتهم مضطرين، لأن الدائرة الثالثة بالمحرق وكما يعرف الجميع، من أكثر مناطق البحرين من حيث الازدحام السكاني مقارنة بضيق شوارعها وقلة مواقفها، والحل كل الحل اليوم بيد البلدية والمجلس البلدي.
غضب أهلي
المواطن محمد حجي شلبي يتحدث عن معاناتهم مع كراج البلديات، ويقول: منذ أن حولت البلدية كراجها الشهير المجاور لمنازلنا، قبل نحو 6 أعوام إلى مواقف للسيارات، وهي لم تستغل مساحته الكبيرة جدا بصفة صحيحة، بل أنها لم تنظفه سوى مرة واحدة فقط، وأنا تحدثت مباشرة مع رئيس المجلس البلدي عبدالناصر المحميد، حول موضوع الكراج، بل وطلبت منه أن تؤجرني البلدية قسماً من أرض الكراج، لأستثمرها، فتعود بالفائدة على الطرفين، وفي كل مرة يؤكدون لي أن هناك مستثمر جديد سوف يستثمر في الأرض، من أجل تحويلها إلى مشروع تجاري واستثماري، حتى اكتشفنا أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة.
يصف بوشلبي وضع الكراج، اليوم، بالقول: أصبح كراج البلدية اليوم مرتعاً للوساخة، لأنه أصبح مهملا جدا، وبدل أن تنظفه البلدية، فإنها تضع كل ما لا يحتاجه أهل المحرق من(كجراتهم) فيه، في الوقت الذي نطالبها بإزالة ما فيها من مخلفات.
يشير بوشلبي أن البلدية حولت كراجها إلى مواقف للسيارات، لكن ما يطالب به الأهالي هو أن تجعله موقفاً معداً بصفة حضارية، وليس بصفقة عشوائية وهمجية.
الشاب إبراهيم مال الله يتحدث بغضب شديد حول تقصير البلديات وعضو المجلس البلدي فيما يخص كارثة كراج البلدية قائلا: جميع أهالي الدائرة الثالثة يعلمون جيداً أن كراج البلدية لو يتحول إلى مواقف للسيارات بصفة صحيحة، لحلت أزمة مواقف السيارات عندنا، لأنه سوف يغطي احتياجات الأهالي كلها من المواقف.
يؤكد مال الله أن الكراج كان محطاً للأوساخ، وتم تنظيفه مرة واحدة، لكن لعدم وجود متابعة لما فيه من انقاض، ها هي الأوساخ تتجمع من جديد. ويقول: صحيح أن الكراج مفتوح للأهالي كي يوقفوا سياراتهم، لكن الأنقاض التي تملأ أركانه، جعلت المواقف فيه قليلة جدا. نحن نسمع ولا نرى طبعا، منذ دورتين بلديتين، أن الكراج سيتحول إلى مجمع تجاري، إذ أن هناك مستثمر سوف يستثمر الأرض لصالح المنطقة، وبالفعل، فإننا التقينا ذلك المستثمر، وشرح طبيعة المشروع، وأخرج لنا المخطط، وفي النهاية اكتشفنا أن هذا الكلام كله كان وهمياً!!.
يطالب مال الله وبقوة، عضو المجلس البلدي التابع للدائرة الثالثة عبدالناصر المحميد، بأن يهتم بصفة أكبر بالدائرة وأهاليها، خاصة فيما يتعلق بموضوع كراج البلدية، والذي يعد من أسهل المواضيع من حيث المعالجة، ومع ذلك فشلت البلدية ومعها المجلس البلدي فشلا ذريعا، في إيجاد مخرج لهذه المشكلة، حتى تفاقمت وأصبحت من دون حل.
ويرفض مال الله أن يتحول كراج البلدية إلى مشروع تجاري، وذلك لأن طبيعة المنطقة لا تستوعب مثل هذه المشاريع، لأن ضيق المساحة وعدم توافر مواقف للسيارات، سوف يخلق أزمة أخرى لو تم بناء مجمع تجاري فيها، ولهذا فالحل الأمثل، هو تحويلها إلى مواقف للسيارات لكن بتصميم حديثة وليس كما هو عليه الآن.
حلم المواقف
أما المواطن عدنان الملا فإنه يفصل المعاناة من قرب فيقول: يقع الكراج في الدائرة الثالثة، وهو مصدر متاعب لجميع أهالي المنطقة، والجميع يعلم أننا في هذه الدائرة الضيقة، نعاني من شح المواقف، فالفريج ضيق للغاية، ولا توجد فيه مواقف للسيارات، وبما أن الأرض التابعة لكراج البلدية كبيرة جدا، فنحن نطالب بأن تُطوَّر وتحوَّل إلى مواقف لأهالي المنطقة، لكن مع الأسف الشديد، فهي غير مستغلة لمساحتها بصفة صحيحة، بل هي اليوم مرتع للفئران والقطط وكل ما يجذب القوارض والحشرات، بل مع الأسف أصبح الكراج وضعه من ناحية صحية مخالفاً لاشتراطات البيئة، والتي من واجب البلدية أن تحاسب الناس عليها، لكنها هي اليوم تخالف أنظمة البيئة!!.
يؤكد الملا أنه ذهب بصفته الشخصية إلى البلدية يكلمهم عن معاناة الأهالي مع الكراج، كما إنه تحدث شخصياً مع رئيس المجلس البلدي، حول مشكلة الكراج أيضاً، لكنه لم يخرج بنتيجة إيجابية.
يتساءل الملا، لماذا لا تستغل البلدية الكراج لمواقف منظمة للأهالي بدل أن تحولها مستودعاً للأوساخ والأنقاض؟
يقول الملا مستنكراً: إن البلدية تسمح بكل سهولة ببناء عمارات ومجمعات تجارية ومنازل من دون قوانين صارمة في قضايا مواقف السيارات، لكن حين نتكلم ونطالب ببناء مواقف للسيارات فإنها تتنصل من هذا الأمر وكأنه من سابع المستحيلات.
يرى الملا أن البلدية فتحت كراجها لأهالي المنطقة مشكورة، لكنها لم ترفع منه الأوساخ والأنقاض، فالكراج اليوم يتسع لنحو 30 سيارة، لكن لو تم تنظيمه وإزالة ما فيه من مخلفات، لاتسع لأكثر من 100 سيارة.
الرد البلدي
توجهنا بعد هذا الكم الهائل من الآراء التي تتحدث عن مشكلة كراج البلدية، إلى رئيس المجلس البلدي لمحافظة المحرق، وعضو الدائرة الثالثة المعنية بالأمر عبدالناصر المحميد، للوقوف على جميع الإشكالات التي يطرحها الأهالي.
يتحدث المحميد عن قصة الكراج، ويقول: أعطي كراج البلدية بالمحرق، لأحد المستثمرين، لكنه لم يف بالإشتراطات التي وضعناها له، ولهذا وقبل انعقاد الدور الفائت، سحبنا المشروع من المستثمر، وطلبنا أن يتحول الكراج إلى مواقف للسيارات للأهالي، ومن ثم حوَّلنا الموضوع جهة وزير شؤون البلديات د.جمعة الكعبي، والذي حوله بدوره إلى الجهة القانوينة بالبلديات، لمعرفة وجود التزامات مالية مع الشخص المستثمر من عدمه، لكن بصفة عامة، حصلنا على موافقة الوزير بشأن مشروع مواقف السيارات، وكل ما في الأمر الآن، هو أننا ننتظر رد الشؤون القانونية فقط.
ويضيف المحميد: إذا جاءت الموافقة عبر الرد القانوني فيما يخص الالتزامات المالية مع المستثمر السابق، حينها نستطيع تحويل المشروع إلى مواقف للسيارات، أما في ظل الوضع الراهن، فلا يمكننا من ناحية قانونية البدء في أي مشروع بأرض الكراج، خوفا من الوقوع في مخالفات قانونية.
يؤكد المحميد أنه تكلم بصفة شخصية مع وزير البلديات، وفي آخر حديث له معه قبل أشهر مضت، أعطى الوزير موافقته الأكيدة على تحويل الكراج إلى مواقف للأهالي. يقول المحميد: في الحقيقة نحن لسنا جهة تنفيذية، بل نحن جهة رقابية ونتابع كل ما من شأنه خدمة المواطنين، لكن من المعروف أيضا، أن الإجراءات القانونية والاستشارات تحتاج إلى مزيد من الوقت، وهذا ليس في أيدينا، بل ما هو في أيدينا اليوم، هو أننا نضغط في اتجاه الحصول على الموافقة وتنفيذ العملية. إنني أُطمئن أهالي الدائرة الثالثة، أن مشروع الكراج وتحويله إلى مواقف للسيارات، سيكون واقعاً قريباً.
ماذا يقول النائب؟
للتأكد بصفة أكثر وضوحاً، توجهنا إلى ممثل الدائرة الثالثة بمجلس النواب، النائب د.علي أحمد، ليدلو بدلوه في هذا الأمر، على الرغم من إيماننا أن مسألة الكراج الخاص بالبلديات ليست من اختصاصه مباشرة.
يقول أحمد: يجب أن أوضح لكم وللإخوة أهالي الدائرة الأعزاء، أنه ليس من طبعي التدخل في شؤون تخص عمل العضو البلدي، لكن سبق لي أن حاولت قدر المستطاع بالتفاهم مع العضو البلدي أن يكون كراج البلدية مخصصا كمواقف للسيارات، وأنا بصفتي ممثلا عن الأهالي، قدمت مقترحاً إلى مجلس النواب قبل نحو عامين، لجعل هذا الكراج موقفاً لأهالي الدائرة، لكن في حينها كانت للحكومة وجهة نظر أخرى، وهو أنها ارتأت أن تجعل من الموقع مكاناً تجارياً استثمارياً، لكننا أكدنا أن المنطقة لا تستوعب ضغطاً عبر مشاريع استثمارية أو تجارية، بل طالبنا أن تكون مواقف للسيارات، وهذا المقترح، كان متطابقاً والرغبة التي طرحها أعضاء المجلس البلدي، وهو أن يكون كراج البلدية موقفاً لسيارات أهالي الدائرة الثالثة.
يؤكد أحمد أنه بحث نحو أربعة أشهر مضت، مع وزير البلديات موضوع الكراج، وجعله موقفاً للسيارات، وأن الوزير رحب بالفكرة، لكن الإشكال الوحيد الذي طرحه الوزير، هو أن الوزارة لديها مشكلات مالية متعلقة بجهة أخرى، يجب أن تُحل قبل السعي الجاد لعمل مواقف للسيارات.
ويضيف: نحن سعينا وضغطنا لتحويل الكراج إلى مواقف للأهالي، وأن المسألة تسير في اتجاه متقدم، وهناك نوع من التفهُّم للمسألة من الجهات المختصة، وأن المسألة تحتاج إلى صبر، وفي أثناء التنفيذ نحتاج إلى ميزانية. أنا شخصيا كنت أتمنى أن يطبق الاقتراح الذي قدمته للمجلس بأن تتحول أرض كراج البلدية إلى مواقف للسيارات بطوابق عدة .
يرى أحمد أنه في الجوانب التي تخص البلديات، لا يمكن أن أتدخل في شؤون العضو، أما ما يشتكيه الأهالي اليوم من تجمع للأوساخ في كراج البلدية، فإن هذا الأمر من اختصاص عضو المجلس البلدي والبلدية نفسها، وأنا على يقين أن رئيس مجلس بلدي المحرق يتابع هذا الملف مع الجهات المختصة.
لا نريد أن نقول: كل يرمي بالكرة على الجهة الأخرى، لكن ما يهمنا ويهم أهالي الدائرة الثالثة هو إنهاء مشكلة كراج البلدية، والأهم من ذلك كله تحويل الكراج إلى مواقف للسيارات، يليق بمحافظة المحرق.