دعا صندوق النقد الدولي دول الخليج العربية المصدرة للنفط، إلى التخطيط لخفض نمو الإنفاق الحكومي لدعم استقرار ميزانياتها في الفترة المقبلة، موضحة أن الفائض المحقق يمكن أن يتحول لعجز بحلول عام 2017.
وقال الصندوق في تقرير أصدره أمس «السياسات المالية التوسعية تساعد المنطقة في التغلب على آثار الأزمة المالية العالمية نظراً لسلامة التوسع الاقتصادي حالياً»، مستدركاً «لكن الحاجة لمواصلة التحفيز المالي تتقلص».
وأضاف أن الإنفاق الحكومي الإجمالي في دول المجلس قفز عام 2011 إلى نحو 20% بأسعار مقومة بالدولار، وكانت الحكومات تواجه الإضرابات في الشرق الأوسط من خلال زيادة الإنفاق الاجتماعي.
وذكرت تقديرات الصندوق أن الفائض المالي الإجمالي لدول المجلس بلغ 13% من الناتج المحلي العام الماضي، متوقعاً أن يظل عند نفس المستوى تقريباً العام الحالي.
ونبه إلى أن الزيادة الكبيرة في الإنفاق رفعت أسعار النفط اللازمة لمعادلة الميزانيات إلى مستويات قياسية، ما يجعل تلك البلدان أكثر تعرضاً لمخاطر التباطؤ حيث تشكل إيرادات الخام أكثر من 80% من الإيرادات الحكومية في المنطقة.
وقال الصندوق «علاوة على الزيادة المستمرة في الإنفاق الحكومي، من المتوقع في ظل السياسات الحالية أن تنخفض الفوائض المالية والخارجية في 2013 وما بعده، وأن يتحول الفائض المالي المجمع إلى عجز بحلول 2017».
ولفت التقرير إلى أن التوقعات لأسعار الخام تتسم بغموض شديد، وقال «أي تدهور سريع للاقتصاد العالمي يمكن أن يحدث تطورات مشابهة لما شهدته المنطقة عام 2009 بما فيها الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتعثر تدفقات رأس المال».
ويفترض الصندوق في سيناريو متشائم انخفاض أسعار النفط 30 دولاراً بداية 2013 واستمراره حتى الأجل المتوسط، مضيفاً «في السيناريو المتشائم تدخل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إجمالاً في عجز بحلول 2014 وتواجه جميع الاقتصادات عجزاً مالياً بحلول 2017».
وأشارت تقديرات الصندوق إلى أن البحرين وعُمان تتصدران القائمة بعجز في الميزانية نسبته 16% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تسجل السعودية عجزاً في خانة العشرات أيضاً.
ونبه التقرير إلى أن أغلب دول الخليج العربية استغلت العائدات النفطية الاستثنائية لتعزيز أصولها الخارجية وهو ما يسمح لها بمواصلة الإنفاق حتى في حالة وجود عجز بالميزانية. وقال الصندوق «رغم أن أغلب دول مجلس التعاون الخليجي تملك مدخرات كافية لحمايتها حتى من صدمة عنيفة، إلا أن انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة يمكن أن يشكل تحدياً لوسائل الحماية المتاحة».
وأضاف أنه بموجب السيناريو المتحفظ يتوقع أن تتجاوز الأصول الخارجية العامة المجمعة لدول المجلس 3 تريليونات دولار بحلول 2017، وفي ظل السيناريو المتشائم تبلغ 2.2 تريليون دولار لكنها تظل أعلى من المتوقع بنهاية 2012 البالغ 1.9 تريليون دولار.
وأظهر التقرير أن تلك الأصول تشمل حيازات صناديق الثروة السيادية واحتياطيات البنوك المركزية، وقدرت في 2011 بنحو 1.6 تريليون دولار أو أكثر من 110% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال الصندوق إن زيادة اعتماد البنوك الأوروبية المتضررة من أزمة الديون السيادية في أوروبا على تقليص المديونية وخفض النفقات، يمكن أن يؤدي إلى ضغوط على السيولة في دول مجلس التعاون الخليجي.
ورجح أن يؤثر تقلص أنشطة البنوك الأوروبية في دول المجلس «على القروض المجمعة ذات الآجال الطويلة نظراً لاحتياجها إلى مصادر تمويل طويلة الأجل وأعلى كلفة».
وذكر الصندوق أن مطالبات البنوك الأوروبية من دول مجلس التعاون الخليجي انخفضت في الربع الأول من 2012 حوالي 2% عنها قبل عام غير أن الإمارات وقطر شهدتا انخفاضاً بنسبة 23% و19% على التوالي في الإقراض من جانب بنوك منطقة اليورو.
وقال إن مطالبات البنوك الأوروبية من دول المجلس بلغت 220 مليار دولار في الربع الأول من العام الحالي من بين 328 مليار دولار لكل البنوك الخارجية، وكان للبنوك البريطانية وجود كبير في الإمارات وقطر في حين هيمنت بنوك فرنسية في السعودية.
وأضاف أن التمويل من بنوك منطقة اليورو ضئيل في أنحاء دول المجلس عند أقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي باستثناء البحرين. وذكر أن التعرض لبنوك اليونان وأيرلندا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا دون 2% من الناتج المحلي الإجمالي في كل بلدان مجلس التعاون الخليجي.
وقال إن الأموال التي قدمتها دول المجلس للبنوك العالمية بلغت 462 مليار دولار في الفترة من يناير حتى مارس، مضيفاً أن الأنظمة المصرفية الخليجية باتت الآن في وضع أقوى من ذي قبل لمقاومة الضغوط المالية الخارجية.