كتب ـ حذيفة يوسف:
طوى المسلمون صفحة الحج للموسم الحالي، بعدما أنهوا مناسكهم في المشاعر المقدسة، وعادوا إلى ديارهم «مبرّأين من الخطايا كما ولدتهم أمهاتهم».
مر موسم الحج بسلام دون أوبئة أو كوارث، بعدما حلت المملكة العربية السعودية جذرياً أزمة رمي الجمرات خلال السنوات الفائتة من خلال بناء جسر الجمرات ويتسع لـ300 ألف حاج في الساعة الواحدة.
ووصل معظم الحجاج البحرينيين إلى أراضي المملكة، فيما فضل البعض زيارة المدينة النبوية والمكوث فيها قبل العودة إلى الوطن، لافتين إلى أن حج هذا العام جيد إلا أن التأخير على جسر الملك فهد ومطار الملك عبدالعزيز الدولي الذي شهد مرور ما يقارب مليون شخص في يوم واحد.
وأوضح الحجاج أن الوضع على جسر الملك فهد كان هذا الموسم أفضل نسبياً من السنوات الفائتة، إلا أن المعدل تجاوز الـ3 ساعات لبعض الحملات، مؤكدين ضرورة إيجاد حل جذري لأزمة امتدت لسنوات.
واشتكى البحرينيون من ضيق المساحة في منى ومزدلفة، وقال بعضهم إن حملاتهم اشترت من الحملات الأخرى مساحة، بينما تشارك الآخرون أوقات الراحة.
وقالوا إن تقسيم الوقت جاء على فترتين أو 3 فترات في بعض الحملات، حيث يرتاح جزء في المخيمات الضيقة بينما يأخذ الآخرون جولات في المشاعر ليتم التبادل لاحقاً فيما بينهم.
وبينوا أن بعض الحملات نسقت فيما بينها لتكون جداول فعالياتهم عكس الأخرى، بهدف توفير مساحة أفضل للحجاج، وحول الحملات البحرينية قال الحجاج إن الحملات بشكل عام جيدة ولكنهم لايزالوا يعانون من سوء التنظيم سواء في المشاعر المقدسة أو السفر والعودة إلى المملكة.
وحول أزمة قطار المشاعر قال حجاج بحرينيون إن الزحام جاء نتيجة سوء التنظيم، حيث يعمل القطار بأقصى طاقته إلا أن المشاكل حدثت في بوابات الخروج والدخول.
وأشاد الحجاج البحرينيون بالمركز الصحي للبعثة البحرينية حيث قالوا إنه كان قريباً جداً من مخيماتهم، فيما أشار آخرون إلى أن حملاتهم وفرت ممرضين صحيين ولم يضطروا للذهاب إلى مركز البعثة.
إشادات دولية بموسم الحج
ونالت المملكة العربية السعودية إشادات من عدة جهات دولية وإسلامية حول تنظيمها للحج والنجاح الباهر الذي شهده على جميع الصعد هذا العام.
وأوضحت صحيفة «اللواء» اللبنانية في مقال نشرته في عددها الصادر أمس، إن ما بذلته المملكة العربية السعودية وفر أمناً ورعاية واهتماماً ليعود ضيوف الرحمن إلى بلدانهم في شتى أنحاء العالم وهم خالصون لله وحده، بعد أن أدّوا شعائرهم الدينية بكثير من الدعة والطمأنينة ولم يعكر صفوهم شيء فلا تنابذ ولا فوارق ولا شعارات غير ما يفرضه واجب أداء الركن الخامس من الإسلام، ما عزز الطمأنينة في أي مكان نتيجة الخدمات المتوفرة من طرق وجسور ووسائل تنقل خاصة في عرفة ومنى وجسر الجمرات.
وعددت الصحيفة التسهيلات والخدمات الميسرة والإمكانات الكبيرة المسخرة لحجاج بيت الله الحرام ليؤدوا مناسكهم وشعائرهم المباركة براحة ويسر واطمئنان وقالت «وإذ تنجح المملكة بهذه الرعاية الشمولية فإنها تؤكد مجدداً إمكاناتها المتعددة الوجوه في استضافة الأراضي المقدسة لما يزيد على 3 ملايين حاج وهو ما تعجز عنه دول كبرى واسعة الأرجاء، ما وفّر أداء المناسك بدعة وطمأنينة وخلوص لما تفرضه هذه المناسبة».
وأشاد الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر بالجهود التي قدمتها هيئة الهلال الأحمر السعودي خلال موسم الحج هذا العام، من خلال توفير بيئة آمنة وسليمة لضيوف الرحمن في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وقال الممثل الإقليمي للاتحاد محمد بابكير وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس» إن الهيئة تؤدي دوراً رئيساً في توفير الدعم الطبي الطارئ وخدمات الطوارئ في المشاعر المقدسة.
وأوضح أن حشد أكثر من ألف مسعف ومئات سيارات الإسعاف لتوفير الخدمات الطبية والصحية لنحو 3 ملايين حاج في نفس الوقت والمكان يمثل تحدياً كبيراً.
ووصف بابكير خلال وجوده في مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، خبرة الهلال الأحمر السعودي في خدمة الحجاج بأنها فريدة من نوعها.
ما بعد الحج
وتبذل جميع القطاعات الحكومية في المدينة المنورة جهوداً ملموسة لخدمة ضيوف الرحمن من زوار المسجد النبوي الشريف، حيث تواصل إدارة التوجيه والإرشاد بوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة تنفيذ الشق الثاني من خطتها الموسمية بالترتيب لعدد من العلماء والمدرسين لإلقاء الدروس اليومية وإرشاد الزوار لأداء عباداتهم بالطرق الشرعية السليمة.
وتم إعداد جدول لعدد من المدرسين باللغات الإنجليزية والأوردية والبشتو والفارسية والفرنسية وغيرها لفترة ما بعد الحج، إضافة إلى تخصيص هواتف على مداخل المسجد النبوي يجيب من خلالها عدد من المشايخ على الأسئلة الواردة عن طريقها. وتستقبل مكتبة المسجد النبوي روادها وتسهل حصولهم على المعلومة من خلال الكتاب الورقي أو الرقمي وتوزيع كتيبات مجاناً عن الأدعية الشرعية وآداب الزيارة وكذلك الحال في المكتبة النسائية بقسمي النساء الشرقي والغربي، فيما تكثف المكتبة الصوتية الجهد من خلالها بتوزيع الأقراص والأشرطة الصوتية المسجل عليها التلاوات والخطب والدروس الملقاة في المسجد النبوي بينما تتابع إدارة المصاحف أماكن المصاحف وترتيبها أمام المصلين وتوفير ما يحتاجه المسجد النبوي من المصاحف وترجمات معاني القرآن الكريم بعدة لغات المطبوعة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
وأكمل فرع وزارة الحج وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية «واس» بالمدينة المنورة جاهزيته لاستقبال نحو 800 ألف حاج في الموسم الثاني لحج هذا العام بعد أن أدوا الركن الخامس من أركان الإسلام وتقديم كافة الخدمات لضيوف الرحمن من خلال الاجتماعات التنسيقية مع جميع القطاعات ذات العلاقة لخدمة الحجاج.
من جهتها باشرت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين من المصحف الشريف والكتب الدعوية والإرشادية على حجاج بيت الله الحرام، عبر فرق التوزيع الميدانية التابعة لوكالة المطبوعات والبحث العلمي بالوزارة في جميع منافذ المملكة «البحرية، الجوية، والبرية» التي يغادر منها ضيوف الرحمن في رحلة عودتهم إلى بلدانهم بعد أن أتموا مناسك الحج والعمرة. وأوضح وكيل الوزارة لشؤون المطبوعات والبحث العلمي د.مساعد الحديثي نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية، أن هدية خادم الحرمين الشريفين تُعطى لكل الحجاج وهي عبارة عن نسخة من المصحف الشريف وبأحجام مختلفة ولغات متعددة، بالإضافة إلى مغلف يحتوي على مجموعة من الكتيبات الإرشادية القيمة تتناول موضوعات في العقيدة والفقه والسلوك والأخلاق. وأفاد أنه يتم حالياً توزيع نحو مليوني نسخة من القرآن الكريم وترجمات معانيه، وأكثر من 10 ملايين نسخة من الكتب الإرشادية على الحجاج المغادرين، إضافة لتوزيع مجموعة من الكتب الشرعية القيمة المهداة لكبار الضيوف من الحجاج وأهل العلم.