قال خبراء إقليميون ودوليون، إن:« إيران تتعامل في سياستها الخارجية بمعايير مزدوجة، مستشهدين على ذلك بمناصرتها واستقبالها لأحداث البحرين استقبال المناصر النشط، في حين أنها وصفت الثورة السورية وثوارها بأشد الأوصاف سلبية، إضافة إلى ترحيبها بثورات تونس ومصر وليبيبا واليمن”.
وأكدوا، خلال مؤتمر “الصراع والتنافس في منطقة الخليج العربي”، الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”، إن:« أي نوع من الصفقات قد تعقد بين واشنطن وطهران، ستأتي على حساب دول الخليج العربي، مشيرين إلى أن إيران لن تستثني موقفها من البحرين ومن الجزر الإماراتية المحتلة من المفاوضات للوصول إلى أية اتفاقات، ونبهوا إلى أن الصفقة لن تقتصر على الملف النووي وستشمل الدور الإيراني في منطقة الخليج والإقليم العربي”.
وأضافوا، أن:« امتلاك إيران للسلاح النووي سيكون له نتائج كارثية على دول الخليج العربية والمنطقة، وسيمنح إيران غطاء لسياساتها الخارجية، مرجعين أسباب تواصل المطامع الإقليمية لإيران، إلى غياب المنظومة العربية الفاعلة إقليمياً، ورأوا أن بعض السياسات الأمريكية، حققت لإيران ما لم تحلم به، خصوصاً بعد حربي أفغانستان والعراق الذي خلق فراغاً استفادت منه طهران للتمدد ممشيرين إلى أن انهيار البوابة العراقية فتح المجال لإيران للتمدد في كل الاتجاهات”.
وواصل مؤتمر الصراع والتنافس في منطقة الخليج العربي الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” طرح رؤى الخبراء الإقليميين والدوليين لليوم الثاني الذي تمحورت أعماله حول الأخطار الإقليمية لطموحات الهيمنة لدى بعض القوى الإقليمية بمنطقة الخليج العربي، وتدارس المشاركون في المؤتمر، الخيارات المتاحة لدول مجلس التعاون في التعامل مع الصراع الإقليمي، إضافة إلى مناقشة مسألة الانتشار النووي وسيناريوهات تطوير إيران للسلاح النووي وتأثير ذلك على دول الخليج.
وحذر الفريق السير جرايم لامب الزميل أول بجامعة يال البريطانية من المخاطر المترتبة على انتشار السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد حالة من عدم الاستقرار، مؤكداً أن مساعي بعض الدول لامتلاك السلاح النووي بحجة تحقيق توازن في القوى ستكون نتائجه عكسية تماماً على الاستقرار والأمن في الشرق الاوسط، وقال إن المساعي الدولية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي يجب ان تتواصل لكن في حال فشلها يجب أن تكون هناك خيارات أخرى لمنعها.
تقوية العلاقات بقوى الشرق
وتساءلت أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات العربية المتحدة د.ابتسام الكتبي، عن نتائج أي نوع ما أسمته بـ “الصفقات” التي يمكن أن تعقد بين قوى كبرى وطهران يُسمح لإيران بموجبها امتلاك السلاح النووي؟. وعن الخيارت المتاحة أمام دول الخليج العربي حينها، مؤكدة أن التاريخ يشير بأن هناك عدة مفاوضات وصفقات جرت بين الطرفين الأمريكي والإيراني، وأشارت إلى تصريح للرئيس الأمريكي حول استعدادات الولايات المتحدة الامريكية للبدء في مفاوضات مباشرة مع الجمهورية الإيرانية وإلى دراسات قدمها باحثون أمريكان لصناع القرار بواشنطن تحث على الشروع في مفاوضات مع طهران.
وأضافت الكتبي أن التاريخ بين البلدين يشير إلى وجود قدر من البراغماتية لعقد نوع من الصفقات وفقاً للمصالح مستشهدة بما أسمته التعاون الإيراني فيما يخص الحرب على أفغانستان وكذلك حرب العراق التي نتج عنها صعود قوى موالية لإيران تعتبر امتداداً للنفوذ الإيراني.
ورأت الكتبي أن أي نوع من الصفقات قد تعقد بين واشنطن وطهران، ستأتي على حساب دول الخليج العربي إذ لن تستثني إيران موقفها من البحرين ومن الجزر الإماراتية المحتلة من المفاوضات للوصول إلى أية اتفاقات، مؤكدة أن الصفقة لن تكون قاصرة على الملف النووي وستشمل الدور الإيراني في منطقة الخليج والاإليم العربي.
وأكدت ضرورة استعداد دول الخليج العربي لأية اتفاقات قد تؤدي لها مفاوضات غير معلنة بين طهران وقوى دولية وأن تسعى دول الخليج لتكون طرفاً في أي حوار، محذرة من الاعتماد على تطمينات الدول الكبرى للخليج حسب قولها إذ تبحث هذه الدول عن مصالحها أولاً.
وقالت الكتبي إنه يجدر بدول الخليج العربي “تدويل” أمنها والبحث عن تحالفات مختلفة إضافة إلى حلفائها التقليديين، مقترحة تقوية العلاقات بقوى الشرق.
التمدد والهلال الشيعي
من جانبه أرجع الباحث بمركز أوشاك بالجمهورية التركية للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية علي باكير، تواصل المطامع الإقليمية لإيران، إلى غياب المنظومة العربية الفاعلة إقليمياً، ورأى أن بعض السياسات الأمريكية، حققت لإيران ما لم تحلم به، خصوصاً بعد حربي أفغانستان والعراق الذي خلق فراغاً استفادت منه طهران للتمدد مؤكداً أن انهيار البوابة العراقية فتح المجال لإيران للتمدد في كل الاتجاهات.
ورأى باكير أن دول الغرب لم توفق في فهم السياسة الإيرانية بشكل صحيح بدليل وجود ملفات دولية عالقة تخص إيران لم يتم التوصل لحلول لها رغم مرور وقت طويل عليها، داعياً العالم للاستفادة من فهم دول الخليج للسياسات الإيرانية كونها على مقربة تاريخية من هذه السياسات ونتائجها.
وتحدث باكير عن مساعي التمدد الإقليمي عبر ما يسمى بالهلال الشيعي الذي حاولت بعض الأصوات الغربية التقليل من شأنه، مستذكراً دراسات لباحثين غربيين وصفوا الهلال الشيعي بـ«الوهم” في 2004، وأشار إلى واقع الحال اليوم الذي أثبت أن التمدد لم يكن وهماً إذ تمكنت إيران بوسائل مختلفة ان تدخل عدداً من الدول بأكملها أو مناطق من الدول تحت دائرة نفوذها. وخلص باكير إلى أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيشكل درعاً واقياً وحماية لممارسة سياساتها التوسعية في المنطقة”.
القوة الموازنة لتحقيق مفهوم الردع
وقدم الباحث بمركز “دراسات” الدكتور أشرف كشك ورقة حول النتائج المترتبة على فشل المفاوضات النووية مع إيران على أمن البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي، مضيفاً أنه على الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي ليست طرفاً مباشراً في الأزمة الراهنة بين إيران والدول الغربية فإنها معنية بتلك الأزمة لعدة اعتبارات أولها: أن إيران هي جزء من الإقليم الخليجي الذي تعد حالة عدم الاستقرار سمته الرئيسة، وثانيها: ما ستؤول إليه الأزمة النووية الإيرانية سيكون له تداعيات على أمن دول مجلس التعاون الخليجي سواء من خلال الخيار العسكري الذي لن تكون دول المجلس بمنأى عن تداعياته أو ما من خلال اتفاقات غربية إيرانية قد تؤثر على المصالح الخليجية، وثالثها: قضية أمن الخليج وتوازن القوى الإقليمي، موضحاً أن نجاح إيران في امتلاك سلاح نووي من شأنه إيجاد معادلة جديدة في تلك المنطقة، ستكون فيها دول الخليج الطرف الأضعف، ما يؤكد أن تجاوز إيران للعتبة النووية سيؤدي إلى تطورات نوعية يمكن أن تشهدها دول المنطقة على صعيد القرارات الاستراتيجية.
واستنتج د. كشك أن دول الخليج لاتزال في حاجة إلى تحقيق مفهوم القوة الموازنة لتحقيق مفهوم الردع، ما يؤكد أهمية احتواء الأوراق الإقليمية التي تمتلكها قوى أخرى.
دعم القطاع الخاص لمكافحة البطالة
وتحدث أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت د.محمد الرميحي، عن السبل المتاحة لدول مجلس التعاون الخليجي في تبني الإصلاح الشامل مع المحافظة على الاستقرار الداخلي، مؤكداً ضرورة تحقيق ذلك في إطار السياسات المتدرجة، مشيراً إلى ازدواجية معايير السياسة الخارجية الإيرانية التي رحبت بالتطورات لما بدأت في كل من تونس ومصر وحتى ليبيبا واليمن، ولكن عندما وصلت إلى سوريا وصفت الثوار بأشد الأوصاف سلبية. كما استقبلت إيران أحداث البحرين، من جهة أخرى استقبال المناصر النشط هي ومناصريها في المنطقة.
وأشار الرميحي إلى فقدان القطاع الخاص دوره الريادي في تعزيز التطور الاجتماعي بسبب سيطرة النفط على الاقتصاد، ما يؤكد أهمية دعم القطاع الخاص للإسهام في مكافحة البطالة باعتباره أحد أهم عوامل تحقيق الأمن الوطني، مؤكدا حاجة دول مجلس التعاون على تحقيق التوافق حول مفهوم الأمن الوطني، الذي لا يمكن التوصل إليه إلا بالحوار والنقاش العقلاني”.
الاتحاد خيار استراتيجي
وفي ورقة أخرى قدمها د.أشرف كشك حول الاتحاد الخليجي كخيار استراتيجي في مواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، اعتبرفيها أنه من الخطأ الاستراتيجي للدول الخليجية استمرار مواجهة المستجدات الإقليمية والدولية الراهنة بجهود فردية في ظل محدودية خيارات الدول الصغرى عموماً، مضيفاً أن التطورات التي شهدتها المنطقة منذ قيام الثورة الإيرانية وحتى الآن تستوجب على دول الخليج الاتجاه نحو حالة الاتحاد كخيار استراتيجي.
وأشار إلى أنه بغض النظر عن الصيغة الاتحادية المطلوبة فإن الأمر اليقين هو أن تلك الوضعية من شأنها تعزيز الوضع الإقليمي لدول الخليج، فضلاً عن منحها قوة تفاوضية هائلة مع التجمعات المماثلة والأطراف الدولية عموماً.