كتب - إبراهيم عبدالرحمن مطر: هناك من المفردات الجميلة الكثير، اختفت إلا ما ندر من كلمات لاتزال تلهج بها ألسنة المحافظين على تقاليدهم البحرينية الأصيلة. هم في الغالب من كبار السن. لاتزال تلك المفردات تذكرهم بالماضي الجميل، يتمنون عودته محافظين على صورته في ذاكرتهم. والحديث عن تلك المفردات واستخداماتنا يطول، ويحتاج وقتاً وجهداً كبيرين. لكن لا بأس بالوقوف عند شيء من هذه المفردات، التي كان البحرينيون يتداولونها سواء في مدنهم أو قراهم. نصيب أكبر للإنجليزية والهندية كان للغتين الإنجليزية والهندية النصيب الأكبر من المفردات، مثال: “دختر” وتعنى الطبيب. وكان من أشهرهم في المحرق دختر بن دركال، كان يعالج الغواصين. منحته الحكومه “بانوشاً” أبيض يجوب به البحر. ومنهم أيضاً الدخترة “أم جان”، القابلة صاحبة الفضل في توليد نساء عديدات من المحرق. من المفردات أيضاً “اش جمن” وتعنى: لماذا؟، و«اليوم ميازي مب عدل” وتعني اليوم مزاجي ليس رائقاً. ومن الكلمات التي لاتزال الأمهات كبار السن يرددنها كلمات “الموتر، البست، الروبية، العسكريم، والتكسي”. وكمات “اعنبوه” للتعجب، “عبيب وربيب” كذب وافتراء. وكما يقول الصحفي اللامع سعيد الحمد “عبو وربو” في برامجه التلفزيونية التي تؤدي إلى معنى الكذب والتدليس. “البشتخته” وهي غير عربية ربما هندية أو إيرانية، ومعناها الصندوق المصنوع من الخشب لحفظ النقود والمستندات والأوراق المهمة، والبعض يستخدمها لصندوق القوانات “الجراما فون”. ولانزال نتذكر حسينوه في مسلسل درب الزلق. “تفق” وهي البندقية، “طق” تعني الضرب، “لخراب” حبل سميك يستخدم في السفن الكبيرة. من ضمن تلك الكلمات أيضاً “ايحله”. وهي إناء كبير مصنوع من الفخار، يوضع فيه الماء ويغطى بقطعة من الخشب أو الخيش ليحتفظ بالماء بارداً بداخله. وهو أصغر حجماً من “الجحله”. والاثنان تحولا الآن إلى قطعة ديكور تزين مجالسنا. كان “ايحلة” تستخدم في الصيف لتبريد الماء، حيث كانا مصنوعين من الفخار. إذ لا توجد مياه في البيوت، اللهم إلا بعض البيوت كان فيها “جليب” بئر ماء على شكل دائري أكبر بقليل من فوهة الإناء. من المفردات أيضاً الدلو. وهو إناء مصنوع من التنك من معدن سميك، يربط به حبل طويل لكي يستطيع الشخص إرسال الدلو داخل البئر لجلب الماء. لغسل الثياب أو للاستحمام. كانت البيوت التي لا توجد بها آبار تستعين بالسقاي، لديه “مطاره كبيره” مصنوعة من جلود حيوانات البقر والغنم وغيرها، يحملها على ظهره ليذهب لإحدى العيون القريبة من ذلك “الفريج” ليملأها بالماء، ويمر على البيوت. ولما تنتهي “الجربه” من الماء يعاود الذهاب ثانية ويملأها من الماء ويمر على بيوت أخرى. من مفردات الأكل أما المفردات الخاصة بالأكل فمنها؛ “النمليه” عبارة عن دولاب شيش نايلون يحمي من الذباب والحشرات. وله قفل، يسمى “المرفاعه” مصنوعة من سعف النخيل، تربط بحبل في سقف الحجرة أو سقف “ليوان” أو في سقف المطبخ، يوضع فيها الأكل لكي لا تصل إليها القطط فتأكل ما فيها. عيون حلوة في باطن البحر ولا بأس هنا أن نردف للموضوع حديثاً حول عيون الماء. فمملكة البحرين جزيرة يحيط بها ماء البحر من جميع الجهات، فأينما تذهب تجد مياه البحر الزرقاء الجميلة. وقد حبانا الله سبحانه وتعالى بحراً مالحاً. وفي باطن البحر المالح مياه عذبة تنبع من أعماق البحر على شكل “جوجب” وهو ماء حلو بارد طعمه لذيذ، كان يتوافر في عدة عيون، آخرها كان عين أم السوالي بالحد القريبة من الحوض الجاف. حتى أن شركة أسري كانت تستخرج تلك المياه العذبة في غسيل السفن والبواخر التي تأتي من عدة دول في العالم للتصليح وإعادة الهيكلة. وهذا إلى عهد قريب جداً. لقد اشتهرت البحرين بكثرة عيون المياه العذبة؛ فعلى سبيل المثال كانت هناك عدة عيون في مدينة المحرق مثل عين بن هندي في شمال المحرق، عين حسينوه عند شاطئ البحر تستخدم من قبل البحارة وصيادي السمك، عين بن مطر وتقع في وسط المحرق. أما في الجنوب في حي الزياني فتوجد عين فخرو، وفي الجنوب الشرقي عين سلمان بن مطر القريبة من منازل عائلة الخان ومدرسة عبدالرحمن الناصر الإعدادية للأولاد. وتنقسم هذه العيون إلى قسمين؛ للرجال وللنساء، كل منفصل عن الآخر وله مدخل خاص به. فقديماً كان أكثر الناس يستحمون في هذه العيون. كما كانت النساء بالإضافة إلى الاستحمام يغسلن الثياب والملابس وعلى مدار العام. والغريب في هذه العيون أن مياهها في الصيف باردة وفي الشتاء دافئة، بقدرة الله سبحانه وتعالى. لقد ظلت تلك العيون حتى بداية الثمانينات، فعندما شعرت حكومة البحرين أن المياه بدأت بالانحسار، قامت بردم تلك العيون. وأتذكر أن آخر عين بقت هي عين بن هندي، ثم ردمت. وهناك من العيون من حملت أسماء من بناها، مثل عين بن هندي، التي بناها المرحوم محمد بن هندي، عين بن مطر بناها المرحوم سلمان بن حسين بن مطر. وهناك عيون تنتشر في مدن وقرى البحرين مثل عين عذاري، لاتزال موجودة في السهلة الجنوبية رغم نضب مائها. عين أم شعوم في بوغزال، عين الدوبيه في الصالحية القريبة من الخميس، وغيرها من العيون المنتشرة في جميع مناطق البحرين.