المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي: أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد... وأما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: يظهر لي من سؤالك الحرص الأكيد على النهوض والرفعة والسمو بأخلاقك وتصرفاتك وسلوكياتك، وهذا الحرص الجاد هو وأيم الله الخطوة الضرورية الأولى لانتشال سلوكياتنا مما هي فيه والرفعة بها إلى المكانة التي ترضي خالقنا أولاً وترضي حاجتنا النفسية ثانيا ثم الآخرين المحيطين بنا ثالثاً. صدقني أنك بهذا الهم الذي تعيش فيه لإصلاح سلوكياتك وحالك أنك في الطريق الصحيح وفي الخط السليم، أما المغرور بذاته والذي يراها على حق دائماً أو حتى لا يعترف بوجود نقص عنده هذا هو الذي لن يتطور ولن تصلح حاله بل وسوف يسأم المحيطون به من التعامل معه والعيش بجانبه. ثانياً: يشكو كثير من الناس كما تشكو من السهولة في إبداء الرأي حول موضوع معين والكلام فيه بل حتى الإجادة التامة في طريقة طرحه وتناوله من مختلف الزوايا، ولكن الأمر الصعب الذي يواجهونه هو في عملية العمل والتطبيق، والناس مختلفون جداً في هذه الناحية وغالباً ما يحكم هذه المسألة لدى الإنسان عدة أمور منها على سبيل المثال: • الاستعداد النفسي ودرجة الثقة بالنفس لدى الفرد. • التنشئة الاجتماعية ومدى الاستقرار النفسي والأسري في المراحل العمرية الأولى. • الخبرات الفردية والمشاركات في شتى الأنشطة الحياتية سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو ثقافية أو غير ذلك. • درجة الاندماج في المجتمع من حولنا والتفاعل الوجداني والنفسي أو الجسدي والحركي مع البيئة المعيشية المحيطة. • الجرأة وعدم الخوف من الزلل أو الوقوع في الخطأ أو الخوف من انتقاد الآخرين. هذه وغيرها تساعد الفرد في الحقيقة على القدرة في عملية السرعة في التطبيق العملي لما يمكن أن نسميه (التفاعل المباشر والسريع) لكل ظرف قد يمر به من حوادث سلوكية أو تصرفات مختلفة تكون مفاجئة له ولم يكن قد استعد لمواجهتها بالتصرف المطلوب أو التفاعل السليم أو المنضبط والحكيم. ثالثاً: استشعارك لأهمية تطبيق ما تعلمه من آيات قرآنية وأحاديث نبوية أمر محمود، ولكي تصل إلى هذه المرحلة عليك بملازمة أمرين مهمين هما: بقاء هذا الشعور دائماً في مخيلتك وحال تصرفاتك، ولكي تحافظ على هذا الشعور تحتاج إلى الأمر الآخر وهو محاولة المران والرياضة وأقصد بالرياضة هو ترويض النفس على فعل الأمور المحمودة فالنفس تحتاج دائماً وباستمرار إلى معاهدة وملاحظة كي لا تغفل ولا تنسى. ذلك الشعور بضرورة العمل بالعلم وذلك التمرين المستمر ستجد نتيجته فيما بعد وتيقن أنك ستفشل مرة وتنجح أخرى ولكن في النهاية ستجد التغيير حتماً، وشاهد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما الصبر بالتصبر والحلم بالتحلم) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفقك الله لحسن المعشر وحسن الخلق.