كتب - هشام الشيخ:
يتخوّف نواب وخبراء اقتصاديون من غياب المحاسبة لجهة سوء تنفيذ مشاريع القطاع العام، وتأثيرها على أوجه صرف الموازنة الاستثمارية للدولة للعام 2013 والمقاربة لمليار دينار شاملة الدعم الخليجي، وقالوا «لا آلية واضحة لمراقبة «المارشال الخليجي»، وتتردد مخاوف من هدر المال العام».
ومن المؤمل أن يحدث الاعتماد المالي الاستثنائي للمشاريع الاستثمارية العام المقبل، نهضة عمرانية وتنموية ضخمة في الإسكان والخدمات والمرافق والبنية التحتية في ظل زيادة تقارب 70%، إذ يبلغ نصيب المشاريع فيها نحو 555 مليون دينار، يضاف إليها قرابة مليار دولار قيمة المنحة الخليجية المقدمة للبحرين أو ما عُرف بـ»المارشال الخليجي».
وتواجَه هذه التوقعات المتفائلة بتحقيق رفاهية ملموسة للمواطن، بحزمة تحديات تتمثل بمخاوف من هدر المال العام وغياب آلية ناجعة لمحاسبة إساءة استغلاله، وعدم وضوح آلية تخصيص ومراقبة أوجه صرف «المارشال الخليجي».
وحول الزيادة في حجم الدعم الموجه للمشاريع، يقول المستشار والخبير الاقتصادي أكبر جعفري إن نسبة الزيادة الـ70% تعد مؤشراً جيداً جداً من الناحية الاقتصادية، شريطة أن تتوافر الشفافية والإدارة الصارمة لصرفها، ووضعها في مسار الحاجات الأساسية للمواطنين وتفعيل المشاريع المجمدة في الإسكان والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.
وأضاف أن مقدار الصرف ليس مؤشراً للأداء، إنما فعالية الصرف بإيصال المبالغ إلى الجهات المستحقة لها وبمقدار وجود تأثير لتلك المشاريع والمبالغ المنفقة عليها على حياتهم اليومية، داعياً إلى قياس فعالية الصرف في المشاريع عبر توظيف آليات علمية عالمية متاحة لقياس الأثر.
وكانت الحكومة أعلنت أن الدعم الخليجي لن يقدم على هيئة مبالغ نقدية وإنما يوجه مباشرة من الدول المانحة نحو المشاريع المستهدفة، ما يحول دون إدراجه بالميزانية، فيما يطالب نواب بتضمين أوجه صرف مبالغ المارشال الخليجي في الميزانية ويلحون على مطلبهم.
واعتبر النواب أن عدم إدراجه بالموازنة العامة للدولة يقف عقبة أمام تحقيق الرقابة البرلمانية وإيجاد شراكة شعبية على أوجه توزيع وصرف الدعم الخليجي المخصص للمملكة.
ودعا نواب إلى إنشاء لجنة أو هيئة مستقلة معنية بتخطيط ومراقبة أوجه صرف الدعم الخليجي «المارشال»، بحيث يكون مرتبطاً بالسلطة التشريعية.
وبدورهم يواجه النواب انتقادات «لعدم متابعتهم تقارير الرقابة المالية والإدارية وعجز المجلس عن المتابعة والمحاسبة فيما يتعلق بعرقلة أو تأخير المشروعات التنموية، وعدم جدوى لجان التحقيق البرلمانية». وتعليقاً على هذه التساؤلات ومسؤولية النواب في تحقيق التنمية والنهضة المرتقبة، يقول النائب عدنان المالكي «مازلنا نطالب الحكومة بتوضيح استراتيجية صرف مبالغ «المارشال» فالخطة غير واضحة حتى الآن، ما يؤشر على بداية التجاوزات».
ونبّه إلى أن الكتل النيابية تجري مشاورات مكثفة حالياً للوصول إلى تصور موحد لآلية الإشراف النيابي على مبالغ الدعم الخليجي وأوجه صرفها.
وعن جدوى تحرك النواب بعد ما يعتبره المواطنون فشلاً نيابياً في معالجة مخالفات تقارير الرقابة السابقة، أضاف المالكي «من حق المواطن انتقاد النواب إذا وجد تقصيراً في أداء الواجب (...)، نعد ناخبينا بمحاسبة من يتلاعبون بالمال العام».
ولفت إلى أن «الحكومة تتعذر بعدم وجود ميزانية لبعض المشاريع ويجب عليها محاسبة المتجاوزين، فتقرير الرقابة يزيد كل عام عن العام الذي سبقه، بينما لم تتم إحالة أي من الملفات إلى النيابة طبقاً للمادة 11 من الدستور».
ونقل المالكي «إصرار النواب على محاسبة كل مسؤول مقصر تحت قبة البرلمان»، داعياً إلى «ضرورة أن يشهد المجلس استجوابات لمسؤولين أسوة بما تشهده الدول المتقدمة ودول خليجية بدلاً من الاحتفاظ بها في الأدراج (...)، إذا قصر النواب في هذا الأمر فمعناه أنهم راضون عن التجاوزات».
ويعتبر المبلغ المخصص للمشاريع لافتاً هذا العام إذا ما قورن بالأعوام السابقة، ففي حين يقارب المبلغ مليار دينار هذا العام بعد إضافة الدعم الخليجي، كان نصيب عام 2011 لا يتعدى 520 مليون دينار، وبلغ نصيب عام 2012 نحو 585 مليوناً.
وخفف المارشال الخليجي جانباً كبيراً من عبء مصاريف البنية التحتية عن الحكومة، فيما ينتظر المواطن على إثره تحسين وضعه المعيشي سيما أن ما نسبته 46% من قيمة المرحلة الأولى من المارشال الخليجي البالغة 2.5 مليار دولار «أي ما يعادل 1.15 مليار دينار، تخصص لتنفيذ مشاريع إسكانية.
ووعدت وزارة الإسكان بتقليص قوائم الانتظار إلى أقل من 5 سنوات بحلول 2016، أي قبل انقضاء مدة الدعم الخليجي «المارشال» بنحو 4 أعوام.
وأعلن وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة فبراير الماضي، أن الدفعة الأولى من «المارشال» تخصص لمشاريع الإسكان والتعليم والكهرباء والماء والطرق والصرف الصحي والمرافق التعليمية، بواقع مليار دولار كل عام من إجمالي 10 مليارات دولار تقدمها دول مجلس التعاون الخليجي على مدار 10 أعوام.
ويخشى المواطنون من استمرار عدم اتخاذ أية إجراءات لمحاسبة الجهات المسؤولة عن المخالفات التي يحملها كل عام تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وعدم إحالة المخالفات إلى النيابة، ما يهدد بمزيد من هدر المال العام، سواء في الموازنة العامة للدولة أو مبالغ الدعم الخليجي.
وضمن هذا الإطار وجه سمو رئيس الوزراء الجهات المختصة بدراسة الملاحظات والمخالفات التي أوردها ديوان الرقابة المالية والإدارية في تقريره الأخير، مؤكداً حرص الحكومة على حفظ المال العام وتعزيز الرقابة الذاتية وإلزام الوزارات والأجهزة الحكومية بالعمل بها والحيلولة دون أي تجاوز أو تلاعب بالمال العام.
وعقب إصدار تقرير الرقابة المالية والإدارية في كل عام، تتجدد الدعوات من قبل المواطنين والنواب لإحالة المخالفات المالية والإدارية إلى النيابة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار المخالفات، وتشكيل لجان تحقيق داخلية في الوزارات والمؤسسات الحكومية المخالفة.