إن وجود جنس بشري يستطيع أن يعمل دون كلل، وأن يتذكر كل محادثة أجراها من قبل قد يبدو مثل أفلام الخيال العلمي، لكن الخبراء يقولون إن مجال البحث في تعزيز قدرات الجنس البشري يتحرك بسرعة لدرجة أن مثل هذه المفاهيم اصبحت واقعا ملموسا يجب أن نستعد له.
يمكن للناس بالفعل أن يحصلوا على الأدوية الفعالة التي تستخدم في تعزيز الأداء العقلي واليقظة، والتي صنعت في الأصل لمرضى خرف الشيخوخة، وللأطفال الذي يعانون من فرط النشاط.
وفي غضون 15 عاما، يتوقع الخبراء أنه سيصبح لدينا أجهزة صغيرة قادرة على تسجيل خبرتنا الحياتية بالكامل في صورة تسجيل متواصل بالفيديو، والذي سيكون بمثابة سجل حياتي يمكننا الرجوع إليه عندما تفشل ذاكرتنا الطبيعية في القيام بعملها.
والتقدم في مجال البيولوجيا الإلكترونية والهندسة يعني أننا يمكن أن نتباهى بقدراتنا على الرؤية الليلية المعززة التي تسمح لنا أن نرى بوضوح في الظلام.
وفي حين أنه من السهل حساب المكاسب المحتملة، يحذر الخبراء من أن هذا التقدم ستكون له تكلفة كبيرة، وليست التكلفة المالية فقط.
الأضرار المحتملة
وتقول أربع هيئات مهنية، وهي أكاديمية العلوم الطبية، والأكاديمية البريطانية، والأكاديمية الملكية للهندسة، والجمعية الملكية، إنه في حين أن تقنيات تعزيز الأداء الإنساني قد تحسن من أدائنا وتساعد المجتمع، إلا أ ن استخدامها يثير العديد من القضايا الأخلاقية والفلسفية والتنظيمية والاقتصادية الخطيرة.
وحذرت هذه الهيئات في تقرير مشترك لها من أن هناك "حاجة ملحة" للنقاش حول هذه الأضرار المحتملة.
وقالت جينفرا ريتشاردسون رئيسة اللجنة التنظيمية للتقرير: "هناك مجموعة من التقنيات في مرحلة التطوير، وبعضها قيد الاستخدام بالفعل في بعض الحالات، والتي لها القدرة على تحويل أماكن العمل الخاصة بنا إما للأفضل أو للأسوأ."
فقد تكون هناك وجهة نظر لدى سائقي الشاحنات، وأطباء الجراحة، والطيارين لاستخدام العقاقير لتجنب الإرهاق، على سبيل المثال.
بالإجبار؟
لكن تتسائل اللجنة: هل هناك خطر في المستقبل في أن يجعل أصحاب العمل وشركات التأمين استخدام هذه العقاقير إلزاميا؟
ومع التقدم في السن لدى السكان بشكل عام، سيكون من المتوقع أن نواصل أعمالنا ونحن في سن الشيخوخة.
وبالتالي يمكن لتقنيات تعزيز الأداء البشري أن تمكن كبار السن من مجاراة زملائهم الأصغر سنا في العمل.
وقالت جاكي ليتش، أستاذ علم الأخلاقيات الاجتماعية بجامعة نيوكاسل إن هناك أيضا مخاطر في أن يفشل هولاء الذين لا يستطيعون الالتحاق بالصفوة التي تستخدم هذه التقنيات، وبالتالي يتعرضون للتهميش والانقراض مثل الديناصورات.
وتظهر العديد من الدراسات أن كثيرا من الطلاب يستخدمون الآن حبوبا "ذكية" لتعزيز قدرات الدماغ وذلك للمساعدة في تحسين درجاتهم في الامتحانات، وهو ما يثير السؤال حول ما إذا كان ينبغي على الجامعات والكليات المختلفة أن تشترط أن يكون المتقدم إليها خاليا من هذه العقاقير.
ويشبه الأمر الطريقة التي يتم بها التعامل مع لاعبي الأولمبياد الذين يجب التأكد من أنهم لا يستخدمون منشطات للمشاركة في المنافسات المختلفة.
ونحن لا نعرف إلا القليل عن الآثار الجانبية لهذه العقاقير على المدى الطويل على الأدمغة السليمة والشابة.
وقال روبن لوفيل-بادج، من مجلس البحوث الطبية، والذي ترأس إحدى جلسات ورشة العمل التي صاغت هذا التقرير: "لقد كان واضحا من المناقشات أن العقاقير المستخدمة في تعزيز القدرات المعرفية تضع أكبر تحدٍ عاجل أمام المشرعين وصناع القرار.
وأضاف: "هي عقاقير سهلة التناول، ومتاحة بالفعل دون حاجة لوصفة طبية، كما أنها تستخدم بشكل متزايد من قبل الأفراد."
وتابع: "من الجيد أن ترى هذه التطورات العديدة وأن تكون متحمسا لها، لكن ينبيغي أن تكون هناك عين أخرى تراقب وتتوخي الحذر للتأكد من أن القوى العاملة يمكنها تحقيق الاستفادة القصوى، وليس المعاناة من الأضرار التي يمكن أن تنشأ عن اساءة استخدام هذه العقاقير."