يتقاطر الأوروبيون على دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة إمارة دبي، هرباً من الأزمة المالية التي أرهقت بلادهم ورفعت نسب البطالة إلى مستويات قياسية غير مسبوقة وللاستفادة من الفرص التي لا تزال متوفرة في منطقة الخليج، والاقتصادات التي حافظت على مستويات نمو جيدة رغم الأزمة.
ويجد الأوروبيون في دولة الإمارات فرص عمل لا يمكن أن تتوفر لهم في أي مكان آخر، فضلاً عن أن الإمارات تعتبر حالة خاصة تختلف عن غيرها من دول العالم من حيث إنها بيئة جاذبة للأيدي العاملة الأجنبية، إذ إن 88.5% من السكان في دولة الإمارات وافدون، أو 7.3 مليون وافد من أصل 8.2 مليون شخص هم إجمالي عدد السكان.
ورغم أن دولة الإمارات تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت أواخر العام 2008، فإنها ظلت أفضل حالاً من كافة الدول الأوروبية وحتى من الولايات المتحدة، وحافظت على نسب النمو الاقتصادي المرتفعة، وهو ما دفع الكثير من الأوروبيين والأمريكيين ليقصدوها بحثاً عن فرص عمل.
وقال تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن الأوروبيين، وخاصة من اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وأيرلندا، أصبحوا يقصدون دولة الإمارات بحثاً عن فرص عمل بعد أن ضاقت بهم بلادهم وتعمقت أزمتها الاقتصادية، وفقد عشرات الآلاف فيها وظائفهم.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن "يوروستات" وهو هيئة أوروبية متخصصة بالإحصاءات، فقد بلغت نسبة البطالة في كل من اليونان وإسبانيا 25%، لكن نصف الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة عاطلون عن العمل في هاتين الدولتين. ورغم هذه الأوضاع البائسة فقد مرر البرلمان اليوناني مؤخراً خطة تقشفية جديدة للعام 2013 من شأنها أن تؤدي إلى إلغاء آلاف الوظائف الإضافية، وتفاقم من سوء الأحوال المعيشية للسكان.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن موظف إسباني يعمل في دبي قوله: "عندما حصلت على فرصة القدوم إلى دبي قبل سنوات من حدوث الأزمة، أدركت أنه من الأفضل البقاء هنا، لأنه حتى وإن افتقدت بلدتي الأصلية في إسبانيا، إلا أن الوضع هناك ميئوس منه ولا مستقبل هناك، والآن أعتقد أن الكثير من الناس يدركون ذلك".
ويقول الموظف الإسباني إنه يتلقى يومياً عشرات الرسائل عبر بريده الإلكتروني من أصدقاء له يسألونه عن فرص العمل في الإمارات، وكيفية الحصول عليها، وكيفية القدوم إلى دبي.
ويضيف مانويل أياس الذي يعمل في شركة استشارات في دبي إنه تلقى رسالة من صديق له إسباني يحمل شهادتي ماجستير، وخمسة سنوات من الخبرة العملية، ويطلب أي وظيفة ليعمل بها في دبي حتى وإن كانت كنادل في مطعم"، مشيراً إلى أنه استقبل أفراداً من أسرته وبعض أصدقائه الذين جاؤوا خصيصاً من إسبانيا إلى دبي من أجل البحث عن فرصة عمل.
وفي الوقت الذي تتجاوز فيه نسبة البطالة في كل من إسبانيا واليونان 25%، فإنها تبلغ في دولة الإمارات 4.6% فقط، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 3.2% بين طبقة المؤهلين وحاملي الشهادات وأصحاب الخبرات.
وتنقل "نيويورك تايمز" عن هراك كالاساكهيان، وهو مدير ومؤسس موقع إلكتروني يوناني يعمل من دبي، أنه يوجد حالياً نحو أربعة آلاف يوناني يعملون في دولة الإمارات، مضيفاً: "أنا أرى مجتمعاً يونانياً ينمو باضطراد في الإمارات، حيث يأتي عدد من اليونانيين بشكل يومي إلى هنا".
ويتابع كالاساكهيان: "الوضع الاقتصادي في اليونان هو السبب الرئيس لهذا، وتقريباً كل القادمين الجدد يحملون شهادات جامعية ولم يجدوا فرصاً في اليونان".
يشار إلى أن دولة الإمارات تتمتع بسمعة ممتازة في أوساط الأوروبيين الذين ينظرون إلى مدينة دبي كمنافس قوي لمدينة لندن التي تمثل عاصمة لأوروبا، كما أن غياب الضرائب بشكل شبه كامل في الإمارات يمنحها جاذبية خاصة لا تتوفر في أية دولة أوروبية، كما لا تتوفر أيضاً في الولايات المتحدة.