تهافت عشرات من سكان طرابلس بدهشة وسعادة لاستكشاف معرض عن فن الفيديو في المدنية القديمة في العاصمة اللبيبية، غير مسبوق في هذا البلد الذي حرم من الحياة الثقافة على مدى 42 عاما من حكم معمر القذافي.
فعلى بعد خطوات من الواجهة البحرية في طرابلس، اطلع ليبيون من كل الأعمار على معرض "فيرست غلانس" الذي نظم بمبادرة من المنظمة غير الحكومية الليبية "ذي اريتي فاونديشن فور ارتس اند كالتشر".
ويقول عبد السلام فراج أحد زوار المعرض "في عهد القذافي لم تكن الفنون والموسيقى والعروض الفنية تعتبر مناسبة". وفراج البالغ أربعين عاما تقريبا لم يعرف ليبيا إلا بقيادة القذافي حتى سقوطه ومقتله في أكتوبر 2011.
ويوضح "العروض والتجمعات الشعبية كانت تتمحور على الإشادة بالعقيد القذافي وإنجازاته وعظمة ثورته" مشددا على أن "الأشعار والأناشيد كانت مهداة فقط إلى قائد الثورة".
وكانت المعارض الفنية مثل "فيرست غلانس" محظورة في عهد القذافي فيما كانت مظاهر عبادة الشخصية التي فرضها الديكتاتور الليبي المخلوع ومبادئ فكره السياسي الواردة في "الكتاب الأخضر" تهيمن على الساحة الثقافية خانقة كل إبداع وحس مبادرة.
ويؤكد صلاح الدين المجربي "رغم المواهب التي تزخر بها ليبيا على المستويين الثقافي والفني، عجز المبدعون عن التعبير عن أنفسهم ومواهبهم خلال 42 عاما من حكم القذافي".
ويضيف "كل شكل من أشكال التعبير الحر أو الإبداع الخارجة عن الدروب المطروقة كانت تعاقب بالسجن وحتى الموت".
الأعمال المعروضة خلال الأسبوع الحالي أنجزها فنانون من 14 دولة من بينها بريطانيا وفرنسا ومصر.
وتتلاعب أشرطة الفيديو التي أنجزت انطلاقا من مشاهد تجريدية، بالنور أو تركيبات صور توحي حركتها بوجود دينامية معينة.
وقد نصبت تسع شاشات عرض كبيرة في مواقع تاريخة من المدينة القديمة تمثل تنوع الثقافة الليبي التي تأثرت بالحضارات الرومانيو والفينيقية والتركية والعربية.
واختيار المدينة القديمة في طرابلس يسمح لجمهور عريض أن يطلع على هذا النوع الفني الذي لا يحتاج إلى خلفية ثقافية واسعة لادراك معناه وتقدير جمالياته على ما تقول ريم جبريل المديرة التنفيذية لمؤسسة "أريتي".
ومن خلال اتباع الأسهم الحمراء التي وضعها المنظمون تمكن الزوار الذين تملكهم الفضول وأتوا من كل أرجاء المدينة من التجول في مواقع البث المختلفة.
وقال رئيس المؤسسة خالد المطاوى "إن هدف هذا اللقاء الفني هو تثمين فن الفيديو" مشددا على الدور الأساسي الذي لعبته أشرطة الفيديو التي صورت خلال ثورة العام 2011.
وأضاف "هذه الوسيلة سمحت للعالم باكتشاف فظائع القمع الذي كان يمارسه النظام السابق والتطورات المختلفة للتمرد الشعبي ضد النظام الديكتاتوري".
وقال بوكبر محمد، الطالب المقيم في الحي القديم "هذا المعرض فرصة للكسان للتجمع والاستمتاع مجددا بالحياة المدنية بعد النزاع الذي شهدته البلاد".
ويقول أحمد طرحوني وهو فنان تصوير إن الوقت حان "للترويج للساحة الفنية في البلاد على ضوء الحرية المكتسبة بعد النزاع".