^   أضحت من المشاهد المعهودة أن ترى وأنت تقود سيارتك متجهاً بها إلى مقصدك من يسارع إلى وضع بعض الإطارات أمامك ثم صب الزيت عليها ثم إشعالها، أو سحب حاويات القمامة ووضعها فجأة أمام الطريق من قبل شباب ملثمين ومدربين يتقنون فن هذا العمل كما يتقنون الفرار بعده. ثم تضطر للوقوف حتى لا تتواجه معهم لأن أخلاقياتك لا تسمح لك بالإساءة لهم وإن عطلوك عن عملك وعن قضاء مصالحك، وأضاعوا عليك وقتك، وربما أحدثوا نوعاً من التخويف لأبنائك الذين معك وهم يشاهدون هذه المواقف ويطلبون تفسيرها، ودوافعها وهل هي تنسجم مع قواعد الدين والأخلاق أم أنها أخلاق لا ترقى إلى حضارة الإسلام ومنهجيته في التعامل مع الخير، أو حتى عند مطالبتك بالإصلاح. إن الطريق من الحقوق المشتركة بين الناس، وهو مرفق عام، وهم يحتاجون إليه في تنقلاتهم، ولا يستغني منه أحد فإن الإنسان قد ينتقل من بيته إلى مكان عمله أو إلى السوق لقضاء بعض حاجاته أو لصلاة في المسجد أو لزيارة قريب أو عيادة مريض وغير ذلك من الأهداف، لذلك يدعو ديننا إلى إماطة الأذى عن الطريق، وَعَدَّهُ شعبة من شعب الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستون- شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان» رواه مسلم، فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق صدقة وشعبة من الإيمان، فماذا سيكون حال من يقطع الطريق ويلقي بالأذى فيه. إن هذه الأحاديث تعطي الدافع الإيماني لكي يحافظ المسلم الحق على الطريق، فإن الرقابة الذاتية لا يحتاج معها إلى قواعد صارمة أو ملاحقة قانونية، ومن يتغنى بالحضارة والمدنية عليه أن يرجع إلى السنة النبوية وتعاليهما ليجد قمة الخير والإحسان إلى الخلق والأمر بالعدل. فأما قطع الطريق فهو من السعي في الأرض بالإفساد الذي يستحق صاحبه العقاب بنص الكتاب، ولم يشترط كثيرٌ من الفقهاء في قاطع الطريق أن يفعل ذلك في منطقة بعيدة عن العمران بل يمكن أن تكون في وسط البلد إذا لم يستطع المعتدى عليه أن يستغيث بمن ينقذه، بل إن هذا الأسلوب لا يرقى إلا أن يكون وسيلة جاهلية، كما قال الله تعالى في أم جميل زوجة أبي لهب التي كانت تتعاون مع زوجها في الإثم والعدوان والكفر والجحود، “وامرأته حمالة الحطب” فكانت تأخذ الحطب والشوك وتضعه أمام بيت النبي صلى الله عليه وسلم تسعى في أذيته، وتضعه أيضاً على طريق المسلمين، كما فسر بذلك الآية عدد من المفسرين، والعجيب أنك لا ترى ممن ينتسب للدين ممن يخرب ويسميهم أحياناً “جهال” من ينكر عليهم أو يوجههم أو ينصحهم، أو يبين لهم حرمة الطريق وآدابه في الإسلام!! إذا كان الإسلام يأمر بإماطة الأذى عن الطريق في الأشياء الحسية المادية التي تعيق الناس في الوصول إلى مبتغاهم فإن الأذى المعنوي الواقع من بعض الشخصيات في مناصبهم بمنع طريق الخير والإيمان وكان سبباً وسبيلاً للشر ووسيلة لانتشاره بين الناس أحق وأولى أن يزال من طريق الناس