^ كانت كلمة جلالة الملك خلال تسلمه تقرير اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق تنم عن فكر نير ينتهج الإصلاح طريقاً له من خلال ما يؤكد عليه جلالته دائماً أن الوطن للجميع دون إقصاء لأي من مكوناته أو تغليب فئة على فئة، وهو ما نراه واقعاً ملموساً في المساواة بين أبناء الشعب دون أية تفرقة، فالجميع سواسية في الحقوق والواجبات ومصلحة الوطن العليا هي الأساس الذي ينطلق منه كل بحريني بعيداً عن أية مصالح ضيقة على حساب وطن الجميع، فعقارب الساعة كما قال جلالته لن تعود للوراء. من المسلمات عند البدء بأي حوار وطني في أي بلد كان لابد قبلها أن يتم تهيئة الأرضية المناسبة لهذا الحوار الذي سيكون جامعاً شاملاً لكل قضايا الوطن المختلف عليها للوصول إلى توافقات والخروج من الأزمة التي يمر فيها، وقبل هذا وذاك يجب أن يعم الأمن والاستقرار أولاً الوطن حتى يمكن الجلوس على طاولة واحدة وطرح جميع الملفات للاتفاق عليها انطلاقاً من مبدأ واحد وهو حب الوطن والخوف عليه من المستقبل المجهول، وهذا تماماً ينطبق على ما نعيشه اليوم في وطننا البحرين التي تمر بأزمة لن نخرج منها إلا من خلال التكاتف ونبذ الفرقة والابتعاد عن أية أجندات أو مصالح فئوية أو طائفية. لهذا فإن جلالة الملك أكد في كلمته السامية بأن الأمن والاستقرار دعامة أساسية لأي نمو أو إصلاح، وبالتالي فإن ما يؤثر على هذه الاستقرار سينعكس بالسلب على سيادة الوطن ويجعل الأجنبي يتدخل في شئوننا الداخلية، وما تشديد جلالته على أنه لن يسمح لكائن من كان بأن يحاول التدخل في بيتنا الداخلي، فالبحرينيون أقدر بحل مشاكلهم دون الحاجة لأي دولة أو أشخاص كانوا في أن يقحموا أنفسهم في ما لا يعنيهم، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الوحدة الوطنية ورص الصفوف للوقوف سداً منيعاً في وجه كل من تسول له نفسه أن يدس أنفه في شؤون البحرين التي تستطيع وهي قادرة بسواعد أبنائها بأن تضاهي أفضل الدول المتقدمة في الممارسة الديمقراطية. ما نلاحظه دوماً أن جلالة الملك وفي كل خطاباته السامية دائماً ما يركز على اللحمة الوطنية ولم الشمل والتأكيد على أن طريق الإصلاح سيسير دون توقف وأن التغيير الإيجابي هو ما يسعى له جلالته حتى ينعكس على الشعب في حياته ويصبح واقعاً ملموساً في شتى مناحي الحياة بما يرضي طموحات وتطلعات المواطنين من خلال المسؤولية الوطنية التي تقع على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشراكة في بناء الوطن دون تغييب لدور أحد ينشد الإصلاح الحقيقي النابع من حب الوطن والخوف عليه وأن يكون ولاؤه خالصاً لترابه. إن قدرنا كبحرينيين شئنا أم أبينا هو العيش المشترك في وطن يتسع للجميع ويحتضن حتى من أساء إليه، فالوطن كبير بكبر قلوب قيادته والتسامح مع من أخطأ حين يعتذر لا أن يتعنت ويتمادى في غيه ويستمر في خطئه، لأنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح، وهذه دعوة صريحة أطلقها جلالة الملك حين قال بأن “أبواب الحوار كانت وستظل مفتوحة”، وعلى المعارضة أن تدرك ذلك وأن لا تتعنت في الدخول في هذا الحوار من أجل وطنهم الذي احتضنهم وسيحتضن أبناءهم وأحفادهم من بعدهم. همسة.. باب الحوار كان ومازال وسيظل مفتوحاً.. فهل تعي المعارضة هذه الكلمات أم أنها ستكابر وتفوت الفرصة تلو الأخرى، فكما يقال “الثالثة ثابتة”، وعليهم أن يعلموا بأن التاريخ لن ينسى أو يغفر أبداً!