تتعالى بين الحين والآخر دعوات في الخليج لخصخصة القطاع النفطي، وإعادة هيكلته بصورة جذرية وكاملة، خاصة مع ارتفاع أسعار الذهب الأسود الذي يمثل الثروة الأهم والأكبر لدول الخليج، إلا أن غالبية المحللين الاقتصاديين وخبراء النفط لا يرون أن الخصخصة بمفهومها الغربي يمكن أن تحسن من أداء القطاع في الخليج.
وذهب محللون تحدثوا لـ"العربية نت" إلى أن شركة أرامكو المملوكة للحكومة السعودية تمثل نموذجاً أفضل من نموذج الشركات الأجنبية التي يمكن أن تهيمن على القطاع النفطي الخليجي في حال تمت خصخصته، فيما يجمعون على أن دخول مستثمرين أجانب إلى هذا القطاع عبر قنوات الخصخصة يمثل في النهاية تهديداً لمصالح دول المنطقة.
من جانبه قال الخبير النفطي المقيم في لندن عصام الجلبي لـ"العربية نت" ان النفط يمثل ثروة استراتيجية مهمة يجب أن تدار مركزياً من قبل الدولة، وهذا ينسحب –برأيه- على دول الخليج وغيرها من دول العالم، مشيراً الى أنه "لا يمكن أن يكون مقبولاً احالة أمر هذه الثروات الى شركات أجنبية أو حتى شركات محلية، لأنها في النهاية ستقدم مصالحها على المصلحة العامة للبلاد".
لكن الجلبي يرى أن هذا لا يعني عدم اشراك القطاع الخاص الخليجي في القطاع النفطي، مشيراً الى أن الكثير من الخدمات النفطية يمكن ان تقوم بها شركات خاصة قادرة على تقديم خدمات جيدة.
وأشار إلى أن تنظيم وتطوير القطاع النفطي الخليجي لا يعني مطلقاً أن ندعو الى خصخصته، رغم أنه لا يرى أن القطاع النفطي في المنطقة يحتاج الى اي عمليات تنظيمية جديدة بل يرى أنه بشكل الحالي يؤدي اداءاً ايجابياً وممتازاً.
ويستشهد الجلبي بشركة "أرامكو" السعودية على عدم الحاجة لخصخصة أو اصلاحات في قطاع النفط، حيث يرى فيها "نموذجاً ناجحاً جداً"، وتعمل بفعالية عالية سواء داخل المملكة أو خارجها.
المحلل الاقتصادي السعودي محمد العمران يتفق تماماً مع الجلبي في رأيه من شركة "أرامكو" معتبراً أنها –أي أرامكو- دليل على عدم حاجة القطاع النفطي لأي عمليات خصخصة أو حتى اصلاح.
لكن العمران يشير أيضاً في حديثه لـ"العربية نت" الى أن معظم الدول الخليجية خصخصت القطاع النفطي بشكل جزئي، حيث تدار الثروات النفطية من قبل شركات خاصة لكن هذه الشركات مملوكة للحكومة، وهو ما يعني –بحسب العمران – أن القطاع يجني فوائد الخصخصة من حيث التشغيل والادارة، بينما يتجنب بعض المشاكل التي يمكن أن تنتج عنها مثل سيطرة الشركات الأجنبية.
ويشير العمران الى ان القطاع النفطي الخليجي كان في السابق خاضعاً لهيمنة الشركات الأجنبية، أما الان فتم التخلص من هذه الشركات لثبوت تناقض وجودها مع المصالح العامة للبلاد.
ويؤكد العمران أن اداء الشركات النفطية الحكومية في الخليج أفضل بكثير من أداء الشركات الأجنبية التي كانت قبل عشرات السنين تعمل في هذا القطاع، بل أفضل ايضاً من أداء الشركات الأجنبية العالمية في الوقت الراهن، وهو ما يعزز الحاجة الى الابقاء على الصيغة الحالية وليس تغييرها.
ويقول ان شركة "أرامكو" تخلصت من العديد من مشاكلها وتحسن أداؤها الى الأفضل بعد أن أصبحت اداراتها العليا وادارتها المتوسطة من السعوديين بشكل كامل، وذلك في الوقت الذي تعود فيه ملكية هذه الشركة الى الحكومة.
يشار الى أن أسعار النفط في الأسواق العالمية حافظت على ارتفاعها في السنوات الأخيرة على الرغم من الأزمة المالية العالمية، حيث لا يزال خام "برنت" فوق المئة دولار منذ شهور طويلة، والخام الأمريكي يتراوح بين الثمانين والتسعين، وهي أسعار دون المستويات القياسية التي تم تسجيلها خلال ذروة الانتعاش الا أنها تظل مرتفعة نسبياً.