كتب - هشام الشيخ:
خلص التقرير العربي الثالث حول التشغيل والبطالة في الدول العربية الصادر حديثاً عن منظمة العمل العربية إلى أن الإجراءات التي أعلنت عنها حكومة مملكة البحرين قبل الأحداث وبعدها ساهمت في تخفيف الأعباء عن المواطن البحريني وقطعت خطوات كبيرة على طريق الحل وحققت إيجابيات كثيرة، وأن الحالة البحرينية هي حالة خاصة حيث اتخذت إجراءات استباقية قبل الأزمة بتقديم إصلاحات سياسية ومعيشية، مشيراً إلى أن البطالة بين الشباب العربي ضعف المتوسط العالمي وتتفاوت بين الأقطار العربية.
وبين التقرير أنه ضمن الإجراءات المقررة لمصلحة دعم التشغيل والعدالة الاجتماعية والإصلاح في مملكة البحرين بالإجراءات قامت المملكة إبان الأحداث بالإفراج عن أكثر من 300 من السجناء والموقوفين ووقف قضايا تنظرها المحاكم، والإعلان عن تقديم ألف دينار لكل أسرة بحرينية، وإجراء تعديل وزاري، والإعلان عن عدد كبير من الوظائف في وزارة الداخلية، وإسقاط 25% من القروض الإسكانية، والإعلان عن بناء 50 ألف وحدة سكنية، ووقف رسوم العمل الشهرية، وتخصيص 10 ملايين دينار لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة، وإقرار عودة المفصولين من العمل.
وثمن التقرير الخطوات الاستباقية التي اتخذتها المملكة قبل اندلاع الأحداث ومنها استمرار العمل بنظام التأمين ضد التعطل، وتحديد حد أدنى للأجور، وتقديم إصلاحات سياسية من خلال مجلس نيابي منتخب ومجلس شورى، والعمل على توفير الوحدات السكنية، ودفع بدل سكن للأسر التي يتأخر حصولها على هذه الوحدات، وصرف بدل غلاء للأسر.
وتابع التقرير أنه مع فرض السلامة الوطنية ورجوع الاستقرار والأمان إلى الشارع البحريني بدأ الاقتصاد يتخذ طريقه للتعافي من تداعيات الأزمة، وتعمل الجهات الرسمية والشعبية حالياً على عودة اللحمة الوطنية والسلام الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
وأضاف التقرير أنه لتحقيق نتائج على المدى البعيد وعلى مختلف الأصعدة تمت دعوة جميع أطياف المجتمع لحوار شارك فيه جميع أطياف المجتمع بهدف الخروج بمرئيات وقواسم مشتركة تسهم في دفع عجلة الإصلاح، مشيراً إلى أن انسحاب كتلة للمعارضة من جلسات الحوار أثر على استقرار الوضع السياسي والاقتصادي بالمملكة.
وأكد أن الظروف الاقتصادية والسياسية تختلف كثيراً بين دول مثل مصر وتونس من جهة ودول الخليج من جهة أخرى، وكذلك طبيعة الاحتجاجات كانت مختلفة، ومدى تقبل الشعب للحلول لم تكن على نفس الدرجة في الحالتين.
وأضاف أن الدول الخليجية أصدرت مجموعة من قرارات الحد الأدنى للأجور وتوفير فرص ملائمة للشباب، والاستفادة من الدعم الخليجي لكل من سلطنة عمان ومملكة البحرين.
وفيما يتعلق بمشكلة البطالة، ذكر التقرير أن الإحصاءات المتوفرة وهي 27.25% تؤكد أن المتوسط التقريبي لمعدل البطالة بين الشباب (الفئة 15-25 عاماً من الجنسين) في المنطقة العربية يزيد على ربع العدد الإجمالي للشباب وهو ضعف المتوسط العالمي لنفس الشريحة، وتتفاوت النسبة بين الأقطار العربية تفاوتاً واضحاً. وأوصى التقرير الدول العربية بإطلاق سياسات بديلة يكون فيها التشغيل أولوية الأولويات، داعياً منظمة العمل العربية إلى البحث عن تمويل لإنشاء قاعدة بيانات علمية وعملية تخص السكان والتشغيل والبطالة في الوطن العربي لتسهيل عمل الباحثين وصناع القرار.
وأوصى بتضييق الفجوة بين الجنسين في فرص العمل، والعمل على التغلب على زيادة النمو الديمغرافي عن المناصب التي تشغلها فئة الشباب، وإعادة النظر في بيئة الاستثمار وإيجاد تحفيزات للعاملين في القطاع غير المنظم للاندماج في القطاع النظامي.
ودعا التقرير الدول العربية إلى توفير البيئة الملائمة للمهارات العليا لتوطينها محلياً وخاصة عن طريق تشجيع أنشطة البحث والتطوير وتحسين ظروف عملها في المنطقة.
ورأى التقرير أن البطالة في المنطقة العربية هي بطالة هيكلية وليست دورية أو موسمية وأن القضاء عليها يتطلب استراتيجيات وسياسات تنمية طويلة المدى واستباقية بدلاً من الظرفية التي تعمل بها معظم الأنظمة حالياً، وذكر أن البطالة تختلف تماماً عنها في الدول المتقدمة حيث تخص في الدول العربية أساساً فئة الشباب مما يستدعي التركيز على التدريب لتأهيلهم لسوق العمل وملاءمة التعليم لمتطلبات سوق العمل.
وأوصى تقرير منظمة العمل العربية بمراعاة البعد الاجتماعي الحقيقي في ما تقوم به من إصلاحات اقتصادية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، أكد التقرير أن تزعزع وانفلات الأمن وغياب الاستقرار أثر على فرص العمل الضئيلة المتاحة في الدول العربية، وكذلك على تنفيذ المشاريع التنموية على المدى القصير والمتوسط، مشيراً إلى أن تكدس الثروة في أيدي قلة من الناس في أي بلد تكون نتيجته الحتمية تكوين بيئة خصبة يترعرع فيها الفساد والمحسوبية، وقد كشفت عنها بوضوح ما حصل في تونس ومصر.