أكد علماء وشيوخ دين أن «إغاثة اللاجئين المسلمين حول العالم واجب شرعي، خاصة اللاجئين في سوريا وغزة وبورما»، مشيرين إلى أن «ما يجري لهم من عدوان وقتل للأطفال والنساء والشيوخ وانتهاك للحرمات وتدمير للمنازل والمنشآت وترويع للآمنين، يوجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقاً لإخوة الإسلام ورابطة الإيمان، مصداقاً لقول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة). وقوله عز وجل: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه»، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»، وقال عليه الصلاة والسلام: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره». وأضاف العلماء أن «النصرة والمعونة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال سواء كانت مادية أو معنوية، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال والغذاء والدواء والكساء وغيرها، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم وصدق المواقف تجاههم ونصرة قضاياهم في المحافل والجمعيات والمؤتمرات الدولية والشعبية، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله سبحانه وتعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى).أحكام الإغاثةمن جانبه، قال الشيخ زياد السعدون «يقول الله عز وجل عن عيسى عليه السلام: (وجعلني مباركاً أينما كنت) قيل في معناها أي ذا بركات، ومنافع في الدين، وجعلني أمرُ بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأرشد الضال، وأغيث الملهوف وقال سبحانه وتعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) قال مجاهد: من أحياها نجاها من الهلاك، وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم «على كل مسلم صدقة»، فقال الصحابة: يا نبي الله فمن لم يجد، قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف».وأشار الشيخ السعدون إلى أن «فضل الإغاثة عظيم كونها من الصفات المشتركة بين من يدب على هذه الأرض، وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمة الله: «لم تكن الإغاثة من خصائص المؤمنين فضلًا عن أن تكون من خصائص النبيين أو المرسلين فهي وصف مشترك بين جميع الآدميين».وأضاف الشيخ السعدون «يقسم العلماء أحكام الإغاثة إلى 4 هي: الواجب: وهذا في أكثر الأحوال، والندب: في حال إذا ما وجد من يغيث غيره، والكراهة: إذا تساوى في نظر الشارع حيات هذا المطر أو هلاكه، والتحريم: وهي كإغاثة من هلاكه أولى من بقائه».وتابع الشيخ السعدون «ما أحوجنا إلى إخلاص النية لله في هذه العبادة والقربة إلى الله في إغاثة الملهوف المشرد من دياره كحال إخواننا في سوريا وفي بورما، فالكثير منهم يفترش الأرض، ويلتحف السماء، فمد يد العون لهم والتبرع لهم بالطعام والشراب والكساء ومخيمات الإيواء هي علامة إيمان، لمن يقوم بمثل هذا العمل الجليل، ونبينا عليه الصلاة و السلام يقول: «في كل كبد رطبة صدقة»، فما بالك بإخواننا الذين تربطنا بهم رابطة الدين والعروبة والنسب، فمن صفات المسلم للمسلم كما وصف النبي كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأنهم «كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، ومن حق اللاجئين علينا خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها وفي هذا الجو البارد، فتوفير الخيام والثياب التي تحميهم من قساوة البرد هو واجب على كل مسلم يستطيع أن يمد يد العون لهم كما يجب على منظمات المجتمع المدني كجمعيات الأطباء والجمعيات التعليمية أن يقوموا بإرسال الفرق الطبية والتعليمية إلى مخيمات اللاجئين لتقديم العلاج لمرضاهم وتعليم أبنائهم».وقال الشيخ السعدون «في هذا الصدد نشير بالعرفان إلى ما قامت به مملكه البحرين في إغاثة اللاجئين السوريين على المستويين الحكومي والشعبي كما ندعو أهل الخير والفضل والصلاح المزيد في هذا الباب فأجره عند الله عظيم».فضل الصدقةمن ناحيته، قال الشيخ عثمان غريب أحمد «إن الناظر في أحوال المسلمين اليوم لابد أن ينتابه الفزع، لما يحدث في هذه الديار، فنشرة أخبار العالم الإسلامي تفور بالفتن وتغلي بالاضطرابات وتطفح منها البلايا التي أحاطت بهذه الأمة الإسلامية إحاطة السوار بالمعصم، حيث يتعرض أبناء الأمة إلى القتل والتشريد والاضطهاد وطمس معالم الدين».وأضاف الشيخ غريب أن «المسلم المرتبط بإسلامه وإيمانه وإخوة الإسلام يكون شعوره مع شعور إخوانه في العقيدة يتذكر أحوالهم ومآسيهم لاسيما الذين يعيشون حياة القتل والتشريد والاضطهاد. والمتأمل في أحوال العالم الإسلامي يجد أموراً وأحوالاً يندى لها الجبين من تسلط أعداء الإسلام على المسلمين ومن وقوف كثير من المسلمين موقف المشاهد في صمت رهيب دون إنكار الاعتداء أوالوقوف مع إخوانهم ولو ببذل المال».وتحدث الشيخ غريب عن فضل وثمار الصدقة مشيراً إلى أن «المال مال الله عز وجل، وقد استخلف عباده فيه ليرى كيف يعملون، ثم هو سائلهم عنه إذا قدموا بين يديه: من أين جمعوه؟ وفيمَ أنفقوه؟ فمن جمعه من حله وأحسن الاستخلاف فيه فصرفه في طاعة الله ومرضاته أثيب على حسن تصرفه، وكان ذلك من أسباب سعادته، ومن جمعه من حرام أو أساء الاستخلاف فيه فصرفه فيما لا يحل عوقب، وكان ذلك من أسباب شقاوته إلا أن يتغمده الله برحمته، ومن هنا كان لزاماً على العبد ـ إن هو أراد فلاحاً ـ أن يراعي محبوب الله في ماله. وإن من أعظم ما شرع الله النفقة فيه وحث عباده على تطلُّب أجره، الصدقةَ التي شرعت لغرضين جليلين: أحدهما: سد خَلَّة المسلمين وحاجتهم، والثاني: معونة الإسلام وجاءت نصوص كثيرة وآثار عديدة تبين فضائل هذه العبادة، ومن هذه الفضائل:^ علو شأنها ورفعة منزلة صاحبها: فالصدقة من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله عز وجل، ودليل ذلك حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مرفوعاً: «وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً» وحديث: «من أفضل العمل: إدخال السرور على المؤمن: يقضي عنه ديناً، يقضي له حاجة، ينفس له كربة» بل إن الصدقة لتباهي غيرها من الأعمال وتفخر عليها، وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه «إن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم».^ وقايتها للمتصدق من البلايا والكروب: صاحب الصدقة والمعروف لا يقع، فإذا وقع أصاب متكأً إذ البلاء لا يتخطى الصدقة، فهي تدفع المصائب والكروب والشدائد المخوِّفة، وترفع البلايا والآفات، ولقد قال الرسول الكريم (ص) «صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات».^ عظم أجرها ومضاعفة ثوابها: يربي الله الصدقات، ويضاعف لأصحابها المثوبات، ويعلي الدرجات، يقول الله تعالى (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف لهم ولهم أجر كريم)، وتوضح الآية أن «المتصدقين والمتصدقات لا يتفضلون على آخـذي الصدقات، ولا يتعاملون في هذا مع الناس، إنما هم يقرضون الله ويتعاملون مباشرة معه، فأي حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطي بأنه يقرض الغني الحميد، وأنه يتعامل مع مالك الوجود؟ وأن ما ينفقه مُخْلَف عليه مضاعف، وأن له بعد ذلك كله أجراً كريماً».^ إطفاؤها الخطايا وتكفيرها الذنوب: جعل الله الصدقة سبباً لغفران المعاصي وإذهاب السيئات والتجاوز عن الهفوات، ودلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، ومنها قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وقال الرسول الكريم (ص) «تصدقوا ولو بتمرة، فإنها تسد من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» وقوله صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا».^ مباركتها المال وزيادتها الرزق: فمن النصوص الدالة على أن الصدقة جالبة للرزق قول الذي ينابيع خزائنه لا تنضب وسحائب أرزاقه لا تنقطع واعداً من أنفق في طاعته بالخلف عليه: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين).- الصدقة سبب للبركة: والصدقة سبب في حصول الخير ونزول البركة فالله سبحانه يضاعف لمن أدى حق الله في ماله بأضعاف مضاعفه، قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: «الله أنفق يا ابن آدم أنفق عليك». وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص): «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً»^ وقاية من العذاب وسبيل لدخول الجنة: فالصدقة والإنفاق في سبل الخير فدية للعبد من العــذاب، وتخليـص له وفكــاك مـن العقاب.^ إظلالها لصاحبها في المحشر: فالمتصدقون يكونون في المحشر في ظل صدقاتهم تحميهم من شدة الحر، وتدفع عنهم وهج الشمس، فقد قال رسول الله (ص): «كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس».ولا يتوقف الأمر على ذلك، بل إن العبد متى فرَّج عن غريمه أو عفا عنه، ومتى أسرَّ بصدقته وأخفاها كان ذلك مؤهلاً له للاستظلال في ذلك الموقف العظيم تحت العرش، لقوله (ص): «من نفَّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة»، وقوله (ص): «سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».وقال الشيخ عثمان غريب إن «ما يجري لإخواننا المسلمين في سوريا وفي قطاع غزة وفى بورما عدوان وقتل للأطفال والنساء والشيوخ وانتهاك للحرمات وتدمير للمنازل والمنشآت وترويع للآمنين يوجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم ونصرتهم ومساعدتهم. ومن ذلك أيضاً بذل النصيحة لهم ودلالتهم على ما فيه خيرهم وصلاحهم، ومن أعظم ذلك أيضاً الدعاء لهم في جميع الأوقات برفع محنتهم وكشف شدتهم وصلاح أحوالهم وسداد أعمالهم وأقوالهم.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90