كتب - عبدالله الذوادي:
حفلت العاصمة البحرينية المنامة بمرافق خدمية متنوعة أثرت حياتها الفكرية والرياضية والفنية، وكانت ملاذاً للشباب لقضاء أوقات ممتعة في الأندية والمراكز والجمعيات بما فيها الجمعيات النسائية.
ووجد الشباب في الأندية والجمعيات ملاذاً لإشباع هواياتهم الأدبية والفنية والرياضية والثقافية، ونشطت في تنظيم دورات محو الأمية في الفرجان لتعليم الكبار والصغار مبادئ القراءة والكتابة، وتبرع مدرسون ومثقفون لتدريس الراغبين في محو أميتهم، قبل أن تشرع إدارة المعارف ومن ثم وزارة التربية والتعليم في مشروعها لتعليم الكبار وتخريجه عدداً كبيراً من المواطنين، حصلوا بعدها على الثانوية العامة من المنازل، وبعضهم نال الشهادة الجامعية.
ولعبت الأندية والجمعيات دوراً بارزاً في تعليم الكبار والشباب، ممن لم تتح لهم فرصة التعليم في المدارس النظامية بسبب ظروف معيشية حالت دون دخولهم المدارس.
كشتات الصيف ورحلات الشتاء
احتضنت أحياء المنامة عدداً من الأندية متنوعة الأهداف والوسائل، وكان الشباب يمارسون فيها الأنشطة الثقافية والرياضية، ويقيمون الكشتات خلال فترة الصيف في البساتين المنتشرة بأرجاء البحرين، وفي الشتاء ينظمون الرحلات البرية إلى الصخير والممطلة ورميثه ورأس البر وجو وعسكر وسافرة وغيرها من مناطق يكثر فيها العشب نظراً لكثرة هطول الأمطار في ذلك الزمان، حيث يكتسي البر بالعشب الأخضر الجميل مثل اَلْحُوَّهْ واَلمْلْيئو والفقع واليعد، وهو عشب عطري ذا رائحة عطرة ويستخدم دواءً للمعدة.
كان البر ملاذاً للرحالة أيام الشتاء، أما صيفاً فيقضون أوقاتهم في البساتين والعيون مثل عين الرحة والنبيه صالح وعذاري وحمام الكرش وأم شعوم وعين مهزة وسفالة في سترة، ومسجد الرفيع ببلاد القديم.
وافتتح النادي الأهلي عندما كان مقره قرب مصنع ثلج يتيم شمالي جامع الفاضل، مدرسة لمحو الأمية ليلاً في مدرسة عائشة أم المؤمنين بالمنامة في أربعينات القرن الماضي، وكان من ضمن المدرسين المتطوعين للتدريس المرحوم عبدالرحمن تقي وأحمد قاسم نوح وأحمد المؤيد وإبراهيم محمد المؤيد وغيرهم، حيث أعدوا كتاباً خاصاً لتدريس اللغة العربية والحساب ولاقت المدرسة نجاحاً وإقبالاً كبيرين من مختلف الأعمار، حيث لم يكن في المنامة سوى مدرستين شرقية وغربية، لذلك لعبت الأندية دوراً بارزاً في مكافحة الأمية.
أندية المنامة
يعد النادي الأهلي من أشهر أندية المنامة، ومبناه يقابل سينما أوال وأُشيد قبل «أوال» على طراز المدرسة الغربية، ومدرسة أبوبكر الصديق شرق قلعة المنامة.
شهد النادي أنشطة كثيرة مسرحيات وحفلات زواج ومحاضرات ثقافية حاضر فيها عدد من مثقفي البحرين وأدباؤها، أمثال المرحوم يوسف الشيراوي ومحمود المردي والشاعر إبراهيم العريض وسواهم.
كان هذا في خمسينات القرن العشرين، لأن النادي افتتح بداية الخمسينات وعرض بعض الأفلام السينمائية في سينما اللؤلؤ، مثل فيلم «البوسطجي» وهو من تمثيل هاجر حمدي وشكوكو لتعزيز ميزانيته.
مارس النادي الرياضة مثل كرة القدم والسلة والطائرة وكرة الطاولة مستفيداً من مرافقه وملاعبه، حيث كان يملك ملعبه الخاص لكرة القدم شرق مدرسة المنامة الثانوية، ومن أشهر لاعبيه سلمان الصباغ وفهد المنصور وعبدالعزيز فضل والحارس جليل العريض ومحمود الكردي وعبدالله الكردي.
وأشهر الأندية الثقافية نادي العروبة، ويضم عدداً من أدباء البحرين أمثال الشاعر إبراهيم العريض وتقي البحارنة وعلي فخرو وحسن الجشي وجاسم فخرو ويوسف الشيراوي وحسن المدني وغيرهم من أدباء البحرين، وبني مقره جنون غرب النادي الأهلي ونظم عدداً من الندوات والمحاضرات والمسرحيات، وأقامت على مسرحه أسرة هواة الفن العديد من المسرحيات والحفلات الغنائية والمعارض التشكيلية للفنانين أحمد قاسم السني وشقيقه حسين وإسحاق خنجي والفنان عبدالعزيز زبوري، وكريم العريض وحمد الدوخي وغيرهم كثير، فيما نظمت فرقة البحريني التمثيلية عدة مسرحيات على مسرح النادي.
نادي كلستان
في فريق العوضية كان نادي كلستان ثم غير اسمه إلى الاتحاد، ومن لاعبيه محمود أكبري وأحمد جمال وإبراهيم جمال وإسحاق خنجي وبيكيه قبل أن ينتقل إلى السعودية وغيرهم من اللاعبين ممن مثلوا الكرة البحرينية.
وكان يضمهم إلى جانب المحرق والهلال والنهضة فريق بابكو وفريق الجيش البريطاني، ونادي الفردوسي «المنامة» حالياً اتحاد كرة القدم ولم يكن يلتزم بتسجيل اللاعبين، وبإمكان أي لاعب أن ينتقل من نادٍ لآخر خلال الموسم، إلى أن جاء سيف بن جبر المسلم مراقب التربية الرياضية بوزارة التربية والتعليم عام 1957 وأسس اتحاد كرة القدم الحالي، والتزمت الأندية بتسجيل لاعبيها في الاتحاد ولم يستطع أي لاعب من الانتقال من نادٍ لآخر كما كان الوضع سابقاً.
وكان لي شرف طباعة جداول المباريات بطلب من المرحوم سيف بن جبر المسلم، والأندية المشهورة في المنامة نادي الفردوس وكان ملعبه في ساحة القلعة قبل تسويره ثم انتقل إلى شرق مقبرة المنامة، ومن أندية المنامة نادي الاتفاق ومن أشهر لاعبيه كريم آغا ونادي النجوم ونادي الولعة بالقضيبية قبل أن ينضم إلى نادي الوحدة ونادي الوثبة ونادي اليرموك وانضم لاحقاً إلى النادي العربي، ونادي الوحدة واسمه سابقاً نادي الناشئين، من أبرز لاعبيه د.عبدالرحمن سيار ومدربه جاسم الصباغ وحارسه محمد حمد والتحق بالنادي الأهلي.
وفي فريق بوصرة نادي النيل والسلمانية ثم أصبح القادسية واندمج مع الوحدة ليصبح حالياً نادي النجمة، وهو من كبار أندية المنامة ونادي النسور وانضم إلى النادي الأهلي وهو من أندية المنامة الكبير، وهناك نادي العاصفة أصبح رأس الرمان وانضم إلى النجمة ونادي جاويد ونادي الوحدة وانضم إلى نادي النصر بفريق الذواود، وأصبح نادي الفجر ثم حلته الحكومة هو ونادي النور وتأسس بعد الفجر، النادي العربي وكون مع رأس الرمان والقادسية واليرموك والولعة والوطني نادي النجمة الحالي، هناك نادي الجزاير ونادي الترسابة ونادي الوثبة وكان يرأسه يعقوب طه وهو نادٍ ثقافي بفريق الفاضل كانت كل هذه الأندية وغيرها ممن لا تحضرني أسماؤها تشكل زخماً ثقافياً ورياضياً كبيراً في المنامة عاصمة البحرين.
أندية المحرق
كانت أندية المحرق تشكل شأناً كبيراً في مجال الثقافة، خاصة أن المحرق كان تعج بالمثقفين والشعراء والأدباء أمثال عبدالرحمن المعاودة وعبدالله الزايد والشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة والشيخ عبدالله بن عيسى والشيخ محمد بن عيسى، وكانت بها مكتبة ضخمة هي المكتبة الخليفية.
شكلت المحرق والمنامة مركزاً ثقافياً خليجياً اجتذب كبار المثقفين الخليجيين أمثال عبدالله الفرج وغيرهم من الأدباء، وكانت مدارس البحرين قبلة للطلبة الخليجيين من الكويت وعُمان والإمارات والسعودية، خاصة مدرسة الصناعة ودرس فيها عدد من رجالات الكويت أمثال المرحوم صالح شهاب وكيل وزارة الإعلام وعدد من رجال المال والأعمال، ودَرَّسَ في مدارس البحرين عدد من كبار الأساتذة أمثال الفرج وحافظ وهبه والحوراني وسواهم.
كانت أندية البحرين كثيرة وتوفر لمنتسبيها أنشطة اجتماعية وترفيهية ومساعدات إنسانية متنوعة، خاصة بشأن القضية الفلسطينية، حيث تجمع المساعدات النقدية والعينية وترسل إلى إخواننا في فلسطين، أو في المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان والأردن وغزة والضفة الغربية. مثّلت الأندية نشاط الشباب البحريني المحب للعمل التطوعي، وعلى الجانب الآخر كانت شركة نفط البحرين «بابكو» تقدم مساعدات نقدية سنوية لأندية تمارس أنشطة اجتماعية وتسهم في دروس محو الأمية، وهكذا كانت الأندية الأدبية والثقافية والرياضية منتشرة في البحرين، لكن الأغلبية كانت للأندية الرياضية، وكانت كل الأندية لم تحصل على مساعدات حكومية وتعتمد في تسيير أمورها على اشتراكات الأعضاء وهي لا تتجاوز 5 روبيات في أحسن الظروف والبعض يهبط إلى الأربع آنات.
لكن قلة المال لم يوهن الأعضاء عن التبرع بين الحين والآخر، كما أن وجود أعضاء ميسورون يساعد في توفير بعض الاحتياجات الضرورية ليس بمقدور النادي توفيرها.